المبالغةُ في كل شيء ممجوجة، وتترتب عليها أحداث دامية، وما بالَغَ امرؤٌ في أمر ما، إلا وجَنَا أفدحَ الخسائر، وارتكب ممارسات وحشية بحق نفْسِه أولاً، ثم بحق وطنه وأمته ثانياً وأخيراً. هكذا تقول الأحداث، وهكذا ترى بعينيك مَنْ يبالغون، ومِنْ المؤسف أن معظمهم مَنْ هُمْ في مواقعَ متقدمة، كَمَنْ قال: إنّ هذا المركِز هو الأوّل من نوعه في العالَم!! وما درى أنّ العالَمَ الآن بين يديْك، تراهُ بضغطة زِر، وتشاهده بالصورة، وتسمعه بالصوت، ولَمْ يعد هناك مجال للضحك على الناس، أو تسطيحٌ لعقولهم، أو الكذب عليهم، والأسئلة الآن: لِمَ يبالغُ بعض المسؤولين ؟ وما الهدف من المبالغة ؟ ومن هو الكاسب في المعركة ؟ ومن هو الخاسر ؟ تكثرُ الأسئلة في وقت أصبحت فيه المبالغة سِمَةَ كثير من الناس، تبدأ من البيت وتنتهي بالمجتمع، وتنتقل منه إلى سائر أرجاء الوطن، في تيار جارف متصاعد، قلّ أن يتوقف، وقلّ أن يهدأ، وقلّ أن يتراجع، والعيب في هذه الحالة في مَن يروج للمبالغة، ويتاجر بها، ويتخذها سبيلاً للوصول إلى غايات غير نبيلة، وغير نظيفة، وغير أمينة، وإنما تحت شعار " وَلِيَ فيها مآربُ أُخْرَى". في كل مجتمع مبالغون، وفي كل مجتمع متّزنون، يقولون بعقل وتعقل، ويخاطبون الناس على أنهم أفهمُ منهم، ويختارون كلماتهم بدقة، ورزانة، وهدوء، وعمق، لا تسجل عليهم أدنى ملحوظة، ولا يبالغون فيما يقولون، ولذلك يحترمهم الناس، ويقدرون أعمالهم. والمبالغون أضحوا معروفين، تراهم في كل مكان، وتسمع كلامهم في كل قناة، وتقرأ تصريحاتهم في كل وسيلة إعلامية مكتوبة تارة، ومشاهَدَة تارة أخرى، فيقابَلُون بالسُّخرية، والاستهزاء، وكأنهم يحملون حقائب مدرسية منثورة، وصخوراً في مزارع مهجورة، تزرع الرعب، وتنشر الدمار، وتُحْدِثُ فجوةً أوسع في جُدران المجتمع، تُرَى ألا يمكن لهذه المبالغات أنْ تتوقّف ؟ ومَنْ يوقفها ؟ ويوقفُ المبالغين عند حدودهم، ويقول لهم : كفى سُخْرية بالناس، كفى تحايلا، كفي هزءاً، ومتى يمكن الفكاك من ثقافة المُبَالَغَة، وهي الثقافة المناهضة لثقافة السلوكيات الأخلاقية المحمودة، فهل هذا الهدف مستحيل أو أقرب إلى ما يكون من الاستحالة ؟ دعوا ثقافة المبالغة فإنها مَعيبة، ومهْلَكة، وطريقٌ شاقٌ وشائك. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (94) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain