«عرّاف» عادل إمام جاء هذه السنة مختلفاً. لا نعني بالاختلاف خروج النجم الأبرز في السينما والتلفزيون من جلده، فذلك غير مطلوب، ناهيك عن أنه غير ممكن. اختلاف «العرّاف» يأتي من جاذبية الشخصية التي لعبها وجمعت ملامحها وسلوكها من خطوط أخرى غير تلك التي كثيراً ما طبعت أدواره وشخصياته السابقة سواء في الدراما التلفزيونية أو السينما، وهي الأدوار التي جعلت المشاهد يغامر غالباً في التكهن بسلوك الشخصية عند كل منعطف درامي مهم من دون أن يقع في خطأ التوقع. لا يتعلق الأمر بدور المؤلف فحسب (على أهمية هذا الدور ومركزيته) ولكن أيضاً بعادل إمام الممثل النجم الذي اختار هذه الشخصية لتكون سبيله لعرض حكاية نستطيع أن نقول إنها تشبه الواقع، بل تنتمي إلى قراءة درامية فيها كثير من ملامح المشهد السياسي والاجتماعي في مصر اليوم. أشار كثر إلى مفاجأة الحلقة الأولى التي غاب عنها النجم الشهير، وحملت إلى الضرورات الدرامية رمزية لا تخفى على المشاهد، تشير منذ البداية إلى أننا سنكون أمام عمل درامي يهتم أولاً بالرواية التلفزيونية وأحداثها السردية، ولا يقيم مساواة بين الحدث الروائي وحجم نجومية بطله التلفزيوني. مع ذلك، فالأهم كان تنازل إمام عن كثير من التوابل و «المقبلات» التي اعتدنا أن ترافق أعماله غالباً، وكان يتضامن معها المشاهد بسبب تعلّقه بنجومية عادل إمام خصوصاً حين يتعلق الأمر بالكوميديا. هو في «العرّاف» يبحث عن دراما مختلفة، بل يصنع كوميديا جديدة تنهض على مفارقات الواقع السياسي والاجتماعي، أكثر من اعتمادها على الرغبة في الإضحاك. نضيف إلى ذلك أن مخرج «العرّاف» نجل عادل إمام، رامي كان هذه المرّة مختلفاً، بل بدا للمشاهد وقد عثر على نفسه وأمسك بأدواته الفنية ورؤيته وحلوله الإخراجية على نحو مميز استطاع أن يخلق معادلاً موضوعياً بين الفكرة والخيال الإخراجي، بما منح العمل كله توازناً جذاباً جاء لمصلحة المشاهد والمشاهدة وبالطبع لمصلحة فن الدراما التلفزيونية. هي تجربة تنتمي أيضاً إلى ما يمكن أن نعتبره من دون تردد مرحلة جديدة في الدراما المصرية، لكنها تأخذ أهميتها أكثر إذ يقدمها ممثل نجم بقامة عادل إمام.