التقديرات الأولية لخسائر غزة جراء الحرب الإسرائيلية تقدر ب 300 مليون دولار ومطالبات بإعلان القطاع منطقة منكوبةغزة 'القدس العربي' مع بدء عودة الحياة لطبيعتها في قطاع غزة بعد ثمانية أيام من الحرب المدمرة، يراقب أرباب الأعمال يومياً آثار الغارات الإسرائيلية التي دمرت محالهم التجارية وقلبتها رأساً على عقب، وينتظرون لمساعدات عاجلة تعوضهم الخسائر، إذ أعلنت في أول تقرير أن خسائر الحرب بلغت أكثر من 300 مليون دولار أمريكي. عند الميدان الرئيسي لحي الشجاعية ويقع شرق مدينة غزة يراقب العشرات من التجار وهم يقفون على أنقاض محلاتهم التجارية الكبيرة التي دمرت في الحرب بالكامل الحركة التجارية في تلك المنطقة التي تعج بالسكان. يقول أبو محمد وهو ينظر بحسرة لمبنى كان يضم عشرات المحال التجارية وقد دمرته غارات إسرائيلية بالكامل، وأصبح شيئاً من الماضي، أنه يقدم يومياً إلى المكان، على ذات الطباع السابقة التي كانت قبل الحرب، لكنه الآن لا يبيع الزبائن على عادته ويراقب بحسرة محله المدمر، ويشرب الشاي مع أقرانه الآخرين، ثم ينصرفون لبيوتهم مرة أخرى. وخلال حرب 'عامود السحاب' التي انتهت ليل الأربعاء الماضي بعد ثمانية أيام، شنت إسرائيل 1500 غارة جوية، دمرت خلالها المئات من المنشآت من بينها محال تجارية كبيرة، ففي الغارة التي استهدفت المركز التجاري الرئيس بحي الشجاعية أتت الغارة عليه بالكامل. ويقول سامي الغرابلي وهو يملك محلا كبيرا لبيع ملابس جاهزة وبدل العرائس، أنه تكبد بانهيار المركز التجاري نحو 100 ألف دولار. ويذكر أنه الآن لا يعود لأسرته بأي فلس، وأن الأمر يشكل أزمة لكافة التجار المنكوبين. كان ما تبقى من تلك الملابس المستوردة متناثرا وممزقا، وكان بدل العرائس البيضاء تبدل لونها بفعل غبار الغارات إلى اللون الأسود، وكان هناك أطفال صغار يلهون بالملابس الممزقة. ولا تعرف بعد الطريقة التي سيعاد فيها ترميم الخسائر الاقتصادية في غزة، أو طريقة تعويض التجار، خاصة وأن عملية إعادة إعمار قطاع غزة من الحرب السابقة 'الرصاص المصبوب' قبل أربع سنوات لم تكتمل، بعد أن تخلى المانحون عن وعودهم. ووعد مانحين بتقديم نحو ثلاثة مليارات دولار لإعادة إعمار غزة في الحرب السابقة، عقب مؤتمر عقد في شرم الشيخ بمصر في آذار (مارس) من العام 2009، لكن هذه المرة لم يعلن بعد إن كانت هناك دول عربية ستقوم بتعويض خسائر القطاع الاقتصادية. وفي أول تقرير اقتصادي صدر بعد انتهاء الحرب قال ماهر الطباع المسؤول في الغرفة التجارية بغزة أن الخسائر اليومية المباشرة الناتجة عن توقف الأنشطة الاقتصادية خلال الحرب، بلغت خمسة ملايين دولار يومياً أي 40 مليون دولار في مدة الثمانية أيام. والأرقام التي أوردها الطباع لا تشمل الخسائر الناجمة عن تدمير المنشآت والمصانع والمحال التجارية والبيوت، وتقتصر فقط على الحركة الشرائية والمعاملات التجارية فقط. وفي إحصائية أولية ذكرت أن إسرائيل دمرت خلال أيام الحرب نحو 100 منزل بعضها هدم فوق رؤوس قاطنيها، إضافة إلى عدد من المدارس والجامعات ومساجد عبادة، واثنان من ملاعب كرة قدم، ومبان حكومية، علاوة عن عشرات المحال التجارية، واستهدفت غارات عديدة أراضي زراعية مثمرة، فحولتها إلى مناطق بور. وفي تقرير آخر قال محمود اليازجي رئيس الغرفة التجارية أن الخسائر المادية الفادحة في كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية قد تتجاوز 300 مليون دولار خلال الحرب كتقديرات أولية. ويقول أن هذه الحرب جاءت لاستهداف ما تبقى من البنية التحتية للقطاع، وأن اقتصاد غزة تعرض لتدمير مبرمج من قبل إسرائيل على مدار الخمس سنوات الماضية. وشلت الحرب جميع مناحي الحياة خلال الأيام الثمانية، بما فيها الحركة الاقتصادية، وستظهر آثار سلبية ستزيد من حجم البطالة المرتفعة بالأصل. ويرجع الطباع السبب إلى إغلاق إسرائيل معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب قاع غزة، خلال فترة الحرب، ويقول أن الأمر هذا وقف حائلا أمام دخول البضائع والمساعدات، وأدى إلى وقوع خسائر فادحة للتجار والمستوردين. وتقول إحصائية طبية أن عدد الضحايا الفلسطينيين بلغ 167، إضافة إلى أكثر من 1200 جريح، وأن نسبة كبيرة من الضحايا كانوا من الأطفال والنساء. وطلب الطباع بسبب خسائر غزة جراء الحرب بإعلان القطاع 'منطقة منكوبة اقتصاديا وصحيا واجتماعيا'، وشدد على ضرورة رفع الحصار وفتح كافة المعابر التجارية. وحث المؤسسات الدولية الداعمة والمانحة للشعب الفلسطيني بتوفير برامج إغاثة فورية وعاجلة ل 'محاربة الزيادة المتنامية في معدلات البطالة والفقر والتخلص من تداعيات الحروب والحصار'.