كاتب حضرمي يطالب بحسم الفوضى وترسيخ النظام ومعاقبة المتمردين    صنعاء ترد على تهديدات نتنياهو وكاتس    اليمن يتوعد الكيان المؤقت بما هو أشدّ وأنكى    ترامب يعلن تنفيذ ضربات "فتاكة" ضد تنظيم القاعدة بنيجيريا    بين حقّ الحركة وحفظ التوازن: المجلس الانتقالي في قلب المعادلة الإقليمية لا على هامشها    ما بعد تحرير حضرموت ليس كما قبله    صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    توتر جديد بين مرتزقة العدوان: اشتباكات مستمرة في حضرموت    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    الأحزاب ترحب بالبيان السعودي وتعتبر انسحاب الانتقالي جوهر المعالجة المطلوبة    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهند.. مشاهدات وانطباعات
نشر في الجنوب ميديا يوم 25 - 04 - 2013

كنت في الهند بين 8 و29 يوليو الماضي لغرض علاج ابنتي. وعزمت أن أكتب انطباعاتي عن الهند لما تركته في نفسي من أثر علني استطيع أن أوصل ذلك إلى كل وطني يحب وطنه اليمن.
فالهند على الرغم من كثافة السكان فيها وتعدد الديانات والطوائف والاعتقادات والعادات إلا أن الكل واحد.. فالوطن يوحدهم مع كل ذلك الاختلاف الفسيفسائي..
انطباعاتي من مدينتي (بونة) و(بومباي).. ولم تشمل كل منطقة فيهما.. ففي (بومباي) لم يتجاوز تحركي أكثر من شارع (محمد علي خان) والمستشفى القريب من محطة القطارات.
وهذا الأمر يجعلنا نسأل عن أسباب تخلفنا ونحن بضعة ملايين سكاناً وبضعة آلاف من الكيلومترات مساحة بينما الهند الأكبر مساحة والأكبر كثافة سكانية! يقال إن (بومباي) وحدها وصل تعدادها المليار أو ما يقاربه.. فماذا نحن نملك وماذا لدينا من (العقول)؟!
ومؤخراً. . أطلقت أول حاملة طائرات هندية التصميم والصنع في (12 آغسطس 2013) ولا شك أن هذه الباخرة.. وهذا المنجز العظيم وهذا التاريخ سيدخل كتباً وبرامج مستقبلية تحمل عنوان (حدث في مثل هذا اليوم).
أنت في الهند يعني أنك من الناس وأنت والآخرين سواء.. هنا لا شيخ يعلو على رعوي ففي الهند لا وجود لشيخ ولا وجود لرعوي أصلاً.
أنت في الهند وربما فيها ألف ديانة وديانة وربما أكثر ولا فرق بين الجميع لا تعرف المسلم فيهم إلا ب(الكوفية) وربما أن هناك من يلبسها من غير المسلمين.. ومع ذلك تأكد انك هندي ما دمت تسير في شوارع الهند.
في الهند تستخدم الدراجات النارية بشكل ملفت إلا أنها ليست للإيجار وإنما للتنقل، يركب عليها الرجل وتركب المرأة، ترى الشاب والشابة يستقلان دراجة واحدة وقد يركب عليها أكثر من اثنين، طبعاً الثالث طفلهما أو طفلتهما. هنا لا ترى حوادث الطرقات على الرغم من ازدحام البشر وا ل مركبات فيها، الكل يسير بانتظام ويتحرك بانتظام.. في اليمن بلادي الدراجات النارية في أية مدينة يعني خرابها.. أي إن أردت أن تخرب مدينة في اليمن فما عليك إلا تشجيع امتلاك الدراجات واعطائها تراخيص قيادة وتراخيص ايجار.. لذلك ارجو ألا تخرب عدن بعد صنعاء، الحديدة وتعز.. وأيضاً لحج التي اكتظت فيها الدراجات النارية فلا تستغرب ان صادفت اللهجة اللحجية أما في الهند فالدراجة تشكيلة جمالية.
يقال إن بومباي أو ممباي قد وصل تعداد سكانها المليار نسمة ومع ذلك فإن هناك من الموظفين والعاملين يتوافدون عليها يومياً من مناطق أخرى.. والقطار وسيلة تنقلهم بين مناطقهم وبومباي اياباً وذهاباً.. قدوماً إليها ومغادرة يصل الوقت إلى ثلاث ساعات بين سكنهم ومقرات أعمالهم في بومباي.
واذا تنقل الفرد من منطقة أو أخرى -وعلى سبيل المثال من بونة التي تبعد عن بومباي بثلاث ساعات- فإن الباص أو التاكسي أ و القطار اختياره.. فاذا كان الباص هو الاختيار للسفر من بونة أو من بومباي أو من أية منطقة أخرى فإن الباصات الحكومية أفضلها من حيث انها جديدة ومريحة على عكس معظم باصات القطاع الخاص.. وهو ما يؤكد مدى اهتمام ومراعاة الحكومة للمواطن من ناحية ومنافستها الشريفة من ناحية أخرى.. وتصور أن الباص الحكومي لا ينتظر حتى يمتلئ بالركاب وإنما ينتظر نصف ساعة فقط يتحرك بعدها.. فقد تكون الوحيد في الباص وهذا لا يمنع تحركه بك حتى محطة الوصول!!
النظافة
منذ أن وطأت قدماي أرض الهنود والمطر في بونة لم يتوقف يوماً حتى اضطررت إلى شراء مظلتين لي ولابنتي حفظها الله نستخدمهما كلما غادرنا الفندق.
ومع الزحمة.. زحمة السيارات والركشات والدراجات النارية والمارة تكون مسيرتنا ما يقارب الثلاثين دقيقة.. فجأة - أحياناً - نفاجأ بنزول المطر فنضطر لفتحها وفجأة يتوقف هطوله فنعيد مظلاتنا كما كانت وقد لا ي زيد الوقت - احياناً - بين نزول وتوقف المطر خمس إلى عشر دقائق.. لذلك كان علينا استخدامها - أيضاً - بعد أن انتقلنا إلى بومباي. ومع ذلك فإن حذائي الذي استخدمته كان يزداد لمعاناً ولم يتأثر بمياه المطر بينما ثلاثة أيام - بعد عودتي - إلى عدن بدا عليها أثر يبشر بقرب تلفها.. واذا بحثنا عن السبب.. فإننا سنجد ان مياه الأمطار لا تختلط هناك بمياه المجاري وحتى لو اختلطت القمامة بها فإنها لن تتأثر (حذائي) والسبب وجود مصارف لتصريف المياه وعدم ترسبها أو بقائها في طرقات السيارات والمارة.. على عكس ما نشاهده في كبرى مدننا اليمنية حيث طفح المجاري الذي نشاهده باستمرار في طرقاتنا العامة والفرعية والظاهرة هذه التي -للأسف- شملت عدن ولم تفلت منها ويعود ذلك للفساد المستشري بين المسؤولين من القمة إلى أخمص القدمين.. محافظة وبلديات وانشاءات.
الأشجار
نحن في الدور الرابع وليس في الدور ال ث لاثين من مبنى المستشفى الذي يتكون من أربعة ادوار فوق الأرض وهناك دوران في الأسفل حيث تقف فيهما سيارات الأطباء وبعض موظفي وزائري المستشفى ومن هذا الارتفاع تشاهد اشجاراً كثيفة تعتقد للوهلة الأولى انها غابات.. ولكنك تكتشف أن بين هذه الأشجار مباني ذات الأربعة والخمسة والأكثر طوابق وإلى جانبها منازل صغيرة وفنادق راقية انها ليست غابة.
علمت أن الشجرة ان اعترضت أو كانت في موقع خطط أن يكون طريقاً فإن عمل حل ليس باقتطاع الشجرة أو الأشجار وإنما في تغيير شيء من مخطط الطريق إما بتجنبها وإما في ابقائها وتمييز الطريق عنها أو في وضع سور عليها، المهم عدم قطعها.. فقطع أية شجرة أو قطع بعض من أعضائها يؤدي إلى عقوبة تصل إلى غرامة وثلاث سنوات سجن (والله أعلم).
ولا غرامة ولا سجن ان قطع المرء أشجاراً من أجل اقامة كوخ أو قصر لأصغر قامة من حمران العيون وحمير اليمن في اليمن.
الدراجات
عشرات الآلاف من الدراجات النارية وقلة من غير النارية، وآلاف من (سيارات) الركشة، وهي قريبة في لفظها من لهجتنا (الرجشة) وتقارب الاسمين يأتي من (رجشة) (الركشة) عندما تسير في الطرقات المستوية وغير المستوية.. أما السيارات بشتى أنواع الصناعات، الهندية، اليابانية وغيرهما فحدث ولا حرج والهندية أكثر.
قد تقود السيارة امرأة وقد يقودها رجل وتقود الدراجة امرأة أو رجل، شابة أو شاب أو عجوز أو شيخ لكنك لن تقابل سيارة أو دراجة نارية يقودها طفل.. هنا تتأكد أنك في الهند ولست في اليمن.
منظر جمالي
من يصدق ان للدراجات النارية (البايك) (الموتورات) منظراً جميلاً؟!
هناك في صنعاء، في تعز، في الحديدة، في لحج ومؤخراً في عدن تشكل الدراجات النارية مصدراً من مصادة الازعاج والخوف.. فالدراجة النارية تستخدم - كثيراً - شوارع داخلية ليست مخصصة للسيارات ولا للدراجات النارية وإنما للمارة من الن س اء والعجزة والأطفال وبسبب ذلك كثيراً ما تحدث الحوادث المرورية حتى في الطرق الرئيسة.
أما في بونة خاصة وايضاً في بومباي فإنها تشكل منظراً جميلاً تتمنى لو كان وقتها تمتلك كاميرا (فيديو) لتصويرها.. تشكيلة جميلة عندما تقف الدراجات النارية أمام اشارة المرور الحمراء وقد ارتصت متقاربة بعضها البعض، وفي الوقت ذاته ترتص السيارات والركشة إلى جانبها.. والمنظر الأكثر جمالاً عندما تضاء الإشارة الخضراً تعلن السماح للتحرك.. فتتحرك السيارات وسيارات الركشة وتتحرك - أيضاً - الدراجات النارية في وقت واحد.. وأكثر من يقودون الدراجات النارية يرتدون القبعات التي تحميهم اصابات الحوادث والتي يندر وقوعها.. وان دققت تماماً فانك ستستغرب عدم صدور أي صوت مزعج للدراجات النارية حتى بعددها الذي يتكاثر امام الاشارات الحمراء وينطلق من أمامها.. ومعظم هؤلاء يضعون خلفهم حقائب (الهاندباج) الراكب وس ا ئق الدراجة.. لا تشكل الدراجات النارية أي مصدر خوف أو ازعاج لأنها في الهند وليست في اليمن.
حقائب و(لاب توب)
في بمباي وفي بونة لم أر في الطرقات العامة والفرعية إلا نساء ورجال المرور مع ندرتهم، فهناك الاشارات المرورية التي يعتمد عليها سائقو (التكتك) أي الركشة والدراجات النارية والسيارات.
تشاهد الشباب والرجال الكبار والمسنين والشابات المارة أو الراكبين على الدراجات النارية يحملون على الاكتاف وعلى الظهور حقائب تحتوي على أغراض، هذا وذاك حسب عمله أو حسب حاجته ولربما تحتوي على أجهزة (اللاب توب) أو الكمبيوتر المحمول لكنك لن تشاهد واحداً في (بومباي) أو في (بونة) يحمل سلاحاً آلياً أو بندقية صيد أو سكيناً أو جنبية لأنها الهند وليست اليمن.. ومثل ذلك فإنك لن تشاهد معسكراً للواء ولن تشاهد حرساً جمهورياً ولن تشاهد أمناً مركزياً ولن تشاهد الفرقة الأولى مدرع ولن تشاهد شرطة ع س كرية لا أفراداً ولا أطقماً ولا مدرعات ولا مصفحات وهذا يجعلك تتذكر اليمن أولاً ثم تتذكر انك في الهند حيث لو مر يمني بجانبك ستعتقد انه هندي وهو أيضاً سيعتقد انك هندي والهندي أيضاً سيعتقد انك هندي ولذلك فإن الهند لا تفرق بين بني البشر ففي الهند (لا فرق بين عربي وهندي إلا باللغة) أو (لا فرق بين هندي واجنبي إلا باللغة) وإلا فإننا جميعاً هنود طالما نحن في الهند.
وفي اعتقادي ان بالإمكان لفت نظر الهنود اليك في حالة واحدة.. فميا لو ارتديت قميصاً وشالاً ومشدة على رأسك وتتوسطك جنبية وترتدي حذاء وتكيس رجلك بشرابة تبدو ظاهرة لقصر قميصك هنا فقط ستلفت أنظار الناس اليك وسيلتفون حولك شكلاً - لمنظرك - مزاراً للناس.. اما اذا سرت وحولك حرس مسلح من قبيلتك اصطحبتهم معك حفاظاً على سلامتك فإنك ستكون مسخرة لكل من يشاهدك من أبناء الهند.. هو مجرد تصور فليس من المسموح به ان يحمل شخص س ل احاً حتى لو كان شيخاً يمنياً.. لأكبر قبائل اليمن غباءً.
البقرة وصاحبها
وبين الديانات المتعددة في الهند والتي تقارب أو تفوق ألف ديانة ومعبود، البقرة التي يتبركون بها وتلمس ذلك مباشرة خاصة في الطرقات. ترقد بقرة أو بقرتان وسط الطريق التي تمر فيها السيارات دون خوف والغريب أنها تأخذ مرقدها في الوسط تماماً فلا يتأثر منها سائقو الركشة والناقلات (الشاحنات) الكبيرة كما لا يعترض على ذلك أحد حيث تترك البقرة أو البقرتان كما هي إلى ان تترك موقعها لوحدها ذلك ما اعتقده فلربما انها تأخذ موقعها الذي يتوسط طريق السيارات بتوجيه من صاحب أو مالك وليس لوحدها.
وأنا أسير لفتت نظري بقرتان كانتا واقفتين يجلس إلى جوارهما رجل إلى جانبه زرع (قصب) أخضر و(جونية) داخلها كرات مصنوعة كغذاء للبقر ولربما للماشية بشكل عام.
وأنا أقف ناظراً إلى البقرتين وصاحبهما شاهدت شاباً يدفع مبلغاً من المال إ لى صاحب البقرتين ليمد إليه الأخير بقبضة من الزرع ويتناول الشاب الزرع ليمده بدوره إلى فم كل بقرة ويلمس جسديهما ويقبل يده ويمشي مواصلاً السير.
وأما آخر فقد كان على عجلة من أمره لكنه دفع مبلغاً من المال إلى صاحب البقرتين ومشى مواصلاً السير نحو وجهته وقبلها لمس جسد كل بقرة وقبل يده.
قلت في نفسي.. ماذا بعد ذلك؟ وكانت الاجابة ان أخرج صاحب البقرتين (كرتين) من تلك (الجونية) مد (كرة) للبقرة الأولى التي التهمتها إلى فمها ثم مد (الكرة) الثانية إلى البقرة الأخرى.. ثم قلت في نفسي: هي أمانة أوصلها الرجل نيابة عن من ائتمنه بها إلى اصحابها (البقرتين).. أكان ذلك خوفاً من البقرتين أم خوفاً من الرجل الذي أوكله بالأمانة.. أم هي الأمانة وحز ضميري في دفعه إلى فعل ذلك؟! مثل عندنا.
محطات جباية
مباشرة بعد وصولنا إلى مطار (بومباي) وبعد الاجراءات المتبعة فيه والمنظمة غادرنا المطار لن س تقل سيارة مباشرة إلى (بونة).
بعد أن قطعنا شوطاً طويلاً من الريق صادفنا محطة يقف سائقنا إلى جانب نافذة ويمد بمبلغ - عرفت أنه ثلاثين روبية - إلى محصل كان يجلس داخل ما يمكن أن نسميه (كابينة) ومثل هذا كان يحدث في الجانب الآخر مع القادمين من (بونة) إلى (بومباي) وقد توقفنا حتى وصولنا إلى (بونة) أربع محطات كان السائق يدفع أيضاً ثلاثين روبية عند كل محطة (الروبية الهندية تساوي أربعة ريالات يمنية).. بمعنى آخر إن سائق السيارة سيدفع مئتين وأربعين روبية ذهاباً واياباً وبالطبع هناك ملاحظات: الأولى أن الرصيد جاهز فلا يستغرق عملية التوقف والدفع واعطاء الرصيد أكثر من ثلاثين ثانية ولذلك لا يلاحظ أي ازدحام عند هذه المحطات.. حتى ان (بواقي) أي مبلغ يكون جاهزاً فلو دفعت مائة روبية يعطيك المحصل الرصيد الباقي في ثوان ولو كان لديك فئة الألف أو الخمسمائة روبية أيضاً تكون (البواقي) و ا لرصيد ب(ثلاثين) روبية جاهزة ولا يتذرع المحصل بعدم وجود (فكة) لأية فئة من العملة أو ينقص من (البواقي).
لم ألحظ أي تذمر من السائق وعند السؤال عرفت.. خا صة بعد أن مررنا بالجسور الملعقة والارضية ومررنا بأنفاق عدة.. وبعد أن شاهدنا رجالاً يصلحون الطرقات التي خرب بعضها الأمطار وبعد أن رأينا الشباك على الجبال للوقاية من انزلاق الاحجار ومن سقوط شلالات المياه بقوة على الطرقات.. عرفت أن تلك المبالغ يتم تحصيلها للمستثمرين الذين يستثمرون أموالها في مد شبكات الطرقات بعقود مع حكومة الهند لفترة زمنية يعمل المستثمر خلالها على مواصلة صيانة الطرقات التي أنشأها وبعد انتهاء الفترة تسلم التحصيلات إلى الحكومة للهدف نفسه ولربما تستثمره هي لإنشاء طرقات أخرى..
وبالتالي فإن تلك المحطات بين بونة وبمباي ليست للجباية لأنها لا تذهب إلى جيوب مراكز قوى أو جيوب متنفذين نافذين في قبيلة أو ف ي سلطة فليس هناك أحمر هندي وإن كان في امريكا الهنود الحمر.
اللحظة الأخيرة
سيارات (الركشة) أو التكتك ممنوعة في (بومباي) على عكس بونة فسيارات (التاكسي) هي المستخدمة، وفي طريقنا إلى مطار بومباي الثلاثاء 29 يوليو مساءً شاهدت قرب أو قبل وصولنا إلى المطار سيارات (الركشة) بعد أن غابت عن عيني اثناء بقائنا في (بومباي) بعد عودتنا من (بونة) في 21 يوليو 2013.
مسألة أخرى لن انساها ولكني عملت على تأخيرها لأن ما ذكرته (كوم) وما لاحظته في اللحظة الأخيرة وأنا أدلف بوابة الطائرة (كوم) لحاله ترى ماذا لاحظت على جسد الطائرة (اليمنية) وفوق بوابة دخول الطائرة؟!!.. قبل أن أذكر ما لاحظته أو ما قرأته أود أن أشير إلى أن الطائرة كانت واقفة أمام البوابة التي سنغادر منها (بومباي) وكأنها باخرة قد رست بجانب رصيف حانت اللحظة لأقول إن ما كان مكتوباً على جسد الطائرة عبارة (مؤتمر الحوار الوطني ) .. انه.. انه.. وانه..!!
ننتظر بفارغ الصبر نتائج هذا المؤتمر وتنفيذه على الواقع وليس على ورق يتم ادخالها في ملفات ثم ادخال الملفات في أدراج (النسيان) وستتواصل عملية سرقة ثرواتنا وأعمارنا عند كل حوار، وحواراتنا قد كثرت وأعمارنا قد شارفت على انتهاء استخدامها وغير صالحة للاستخدام (الوطني)..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.