يشير زوار العاصمة السورية الى ان الرد الايراني على الهجوم الامريكي المحتمل، قد لا يقتصر على الدعم المعنوي أو السياسي نظراً لاستعداد طهران للالتزام الكامل باتفاقية الدفاع المشترك المعقودة مع سوريا. بيروت (النشرة) في وقت انتهى فيه اجتماع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي حول سوريا دون التوصل إلى نتائج ايجابية، تحول السؤال الذي يدور في أروقة دوائر القرار من امكانية تنفيذ واشنطن لتهديداتها بضرب سوريا إلى ماهية الرد السوري وحجمه وكيفية تعاطي ايران وروسيا و"حزب الله" مع الحدث، وما اذا كانت مروحة الحلفاء هذه ستكتفي باستيعاب الضربة أم أنها سترد بالطريقة ذاتها، وتعمد إلى سياسة تصفية الحساب مع الخصوم وهي جردة طويلة تبدأ من فواتير مدفوعة سلفاً مع اسرائيل ولا تنتهي بحسابات شائكة ومعقدة مع الأردن وتركيا وعرب الخليج. في هذا السياق، ينقل زوار العاصمة السورية عن قياداتها الميدانية أن دمشق تتصرف على أساس أن الهجوم الصاروخي واقع لا محالة بالرغم من التشكيك لدى بعض المحللين السياسيين، وأن العملية باتت قصة وقت وتوقيت، وبالتالي فإن الأوامر صدرت لوحدات الجيش بالرد الفوري على أي اعتداء مهما كان حجمه مع وجوب المحافظة على الانجازات الميدانية التي حققتها الوحدات العسكرية في الفترة الأخيرة الماضية، أكان في القصير وريف دمشق أو في حمص، فضلاً عن أوامر مماثلة لغرف العمليات المتحركة برفع مستوى جهوزياتها إلى مداها الأقصى، خصوصاً أن بنك الأهداف الأميركي يعتمد في مضمونه على بنك الأهداف الاسرائيلي الذي يستند بمجمله إلى قواعد ومراكز الصواريخ الاستراتيجية والبالستية، بما يعني أن الأهداف المفترضة ستكون بعيدة نسبياً عن الجبهات المتداخلة بين الجيش النظامي من جهة والتنظيمات السلفية والأصولية من جهة ثانية. ويكشف هؤلاء أن خطوط الاتصال الساخنة بين العواصم الثلاث أي دمشقوطهرانوموسكو لم تنقطع وهي تتكرر على مدار الساعة لتبادل المعلومات ووضع السيناريوهات لكل الفرضيات والاحتمالات، فصحيح أن موسكو أخذت على عاتقها المواجهة الدبلوماسية غير أنها على أهبة الاستعداد الكامل للبناء على الشيء مقتضاه بعد أن تحولت مسألة الضربة الأميركية لسوريا إلى كابوس يطاول واشنطن قبل سواها، باعتبارها ستكون السباقة إلى اطلاق الصاروخ الأول ولكنها قد لا تكون صاحبة القرار الفصل في انهاء تورطها في الأزمة السورية التي تحولت إلى شأن دولي تسعى من ورائه كل من موسكووطهران إلى انهاء آحادية القرار الأميركي في الشرق الاوسط وشمال افريقيا والقارة الاسيوية برمتها، فروسيا لن تقف مكتوفة اليدين ازاء تعرض مصالحها الاستراتيجية والقومية للخطر مع وجود أكثر من خمسة عشر ألف خبير روسي يعملون في شتى المجالات والقطاعات، كما أنها لن تتنازل عن حلم راودها منذ عقود طويلة وهو الوصول إلى المياه الدافئة بعد أن حققته وحولته إلى حقيقة ملموسة. في هذا السياق، يكشف هؤلاء أن البرودة التي يظهرها الرئيس فلاديمير بوتين تعود إلى ثقته بقدرات الصواريخ السورية على الرد والحد من مفاعيل الهجمات الأميركية كونه يعرف تماماً حجم القدرات الدفاعية السورية باعتبارها تستند إلى الترسانة الروسية، وما الدليل على ذلك سوى تكرار الكلام الروسي عن الاستمرار في تنفيذ عقود السلاح مع سوريا إلا خير دليل على أن موسكو كانت تضع في حساباتها منذ اندلاع الأزمة السورية امكانية المواجهة غير المباشرة مع واشنطن، وبالتالي فإنه من المفيد التذكير بأن موسكو كانت تطرح ملف صواريخ ال "أس 300" كرد على فتح واشنطن لملف السلاح الكيمائي في سوريا. في الموازاة، يشير هؤلاء إلى أن الرد الايراني قد لا يقتصر على الدعم المعنوي أو السياسي نظراً لاستعداد طهران للالتزام الكامل باتفاقية الدفاع المشترك المعقودة مع سوريا، اضافة إلى أنها لن تسمح بسقوط أي حلقة من حلقات الربط الممتدة من ايران مروراً بالعراق وسوريا ولبنان عبر "حزب الله"، وهذا ما سيدفع بالأخير إلى عدم الوقوف مكتوف الأيدي ازاء أي هجمة على سوريا. بقلم: أنطوان الحايك /2926/