الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقيبي :حرب 94م اقصت اكبر احزاب اليسار وأطراف النظام انقضت على اليسار ومحاصرته
نشر في الجنوب ميديا يوم 25 - 04 - 2013

قال الاستاذ عادل العقيبي أن اليسار اليوم لم يعد تعبيراً عن ايدلوجيا أو طبقة دون غيرها بقدر ما أصبح تياراً شعبياً عاماً يرفع صوته عالياً مطالباً بالعدالة الاجتماعية وبالحرية والكرامة الانسانية والدولة المدنية والمواطنة المتساوية للجميع.
واضاف العقيبي خلال ورقة عمل قدمها في "مؤتمر اليسار اليمني للعدالة الاجتماعية " أن اليسار اليمني غير قادرة على انتاج مساحات جديدة للنضال الاجتماعي والسياسي المشترك بينها كقوى يسارية تحديداً.
واشار في ورقته المعنونه " اليسار .. الواقع والتحديات المستقبلية" الى ان حرب صيف 1994م خلفت أثاراً كارثية حيث أقصي أكبر أحزب اليسار وبدأت أطراف النظام في الانقضاض على اليسار ومحاصرته.
وقال العقيبي ان واقع اليسار اليمني اليوم يقتضي وقفة تقييمية صادقه يمكن أن تفتح آفاقاً وأبواباً للعبور والمشاركة الفاعلة في رسم ملامحه وقيادة تحولات المستقبل.
واوضح ان السمة الأساسية لليسار هو تبنيه لقضية العدالة الاجتماعية فعليه تحديد وتوضيح مفهوم العدالة الاجتماعية وآليات الوصول الى تحقيقها.
واضاف العقيبي ان الاشتراكية لا تستهدف مجرد تجاوز التخلف الاقتصاد إنما هى تجاوز شامل للتخلف كظاهرة مركبة يعانى منها الفرد والمجتمع.
نص ورقة العمل :
اليسار .. الواقع والتحديات المستقبلية
الاستاذ:عادل العقيبي
أطلق مصطلح اليسار أول ما أطلق للدلالة على كتلة سياسية نسبة الى المكان الذي كانت تجلس فيه على يسار مقعد رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية تعبيراً عن موقفها المعارض للملكية قبيل الثورة الفرنسية، ليصبح بعد ذلك تقليداً يمارسه ممثلو المعارضة في قاعات البرلمانات معبرين بمواقعهم المكانية عن مواقفهم السياسية من الحكومات القائمة، وهكذا كان أقصى ما يدل عليه الموقف اليساري هو المعارضة أو الرغبة في التغيير -تغيير الحكومات- ثم انتقل التعبير للدلالة على الكتل والاتجاهات والتيارات المطالبة بالتغيير الاقتصادي والاجتماعي، ونظراً لأن النظام الرأسمالي كان هو السائد في أوربا آنذاك فقد أصبح مصطلح اليسار يطلق على التيار الاشتراكي الذي بدأ في النصف الأول من القرن التاسع عشر ولا يزال يقارع النظام الرأسمالي ويفضح عاهاته وأمراضه، ليصبح الاشتراكيون بذلك هم اليسار التقدمي والرأسماليون هم اليمين الرجعي ومع ظهور العديد من التيارات التي تبنت الاشتراكية كحل للمعضلة الاقتصادية والاجتماعية، وظهور تيارات أخرى يمينية أقل سطوة , وحدة من الرأسمالية تعدد اليسار وتعدد اليمين ليصبح لكل يمين يسار ويمين ولكل يسار يمين ويسار وغادر البعض موقعه من اليسار الى اليمين والعكس كذلك الا ان قوى اليسار ظلت لعقود هي التعبير الأصدق عن أمال وتطلعات الفئات الشعبية المسحوقة , و خلال العقد الأخير من القرن العشرين شهد العالم تحولات اقتصادية وسياسية واجتماعية هائلة بدأت بانهيار الثنائية القطبية وبروز هيمنة قطب واحد على مجريات السياسة والاقتصاد في العالم تحت مسمى النظام العالمي الجديد , ورغم أن البعض ذهب الى القول بنهاية اليسار ..الا أن الواقع يخالف ذلك تماماً فهو يؤكد كل يوم على أن اليسار ودوره أصبح ضرورة موضوعية للوقوف أمام سياسات الافقار التي مارسها وفرضها ما يسمى ب" النظام العالمي الجديد" عبر صندوق النقد والبنك الدوليين وهي سياسات أدت الى تزايد الفجوة بين المجتمعات الغنية والفقيرة وأفضت الى تخلي الدول عن دورها الاجتماعي في توفير الخدمات الاساسية والرعاية لمواطنيها وصولاً الى انتاج المزيد من البطالة والفقر .
والمتمعن قليلاً في الواقع العربي وما شهده من ثورات شعبية خلال الاعوام الثلاثة الماضية سيلحظ حتماً أن اليسار كان حاضراً هناك بحسه الاجتماعي .. بشعاراته .. حتى بأناشيده وأغانيه لكنه كان شبه غائب كأطر حزبية منظمة .. كان حاضراً كتعبيرٍ عن المصالح الشعبية العريضة لا كتعبيرٍ عن الايدلوجيا التي ظل بعض اليسار يتمترس خلفها في مواجهة البعض الآخر منه , ولأن هذا اليسار لم يكن انحيازاً للمقولات بقدر ما كان انحيازاً للواقع فإننا سرعان ماكنا نجد انه عندما كانت الايدلوجيا تحضر كانت الثورة تخفت والعكس صحيح , فيسار اليوم لم يعد تعبيراً عن ايدلوجيا أو طبقة دون غيرها بقدر ما أصبح تياراً شعبياً عاماً يرفع صوته عالياً مطالباً بالعدالة الاجتماعية وبالحرية والكرامة الانسانية والدولة المدنية والمواطنة المتساوية للجميع ، وبأوسع مفهوم ممكن.. انه يسار جديد تجاورت فيه تيارات اليسار بعد أن تجاوزت عقد الأيدولوجيات والتحمت مع جماهير شعبية عريضة التقت بها لأول مرة في ساحات وميادين الثورة تحت سقف مطالب ثورية لا يخفى للعيان يسارية نزعتها .. اننا أمام يسار يتخلق من رحم المعاناة الأمر الذي يحتم على قوى اليسار المنظمة أن تحمل على عاتقها مسؤولية هذا اليسار الجديد .. اليسار القائد للجماهير الشعبية المطحونة والمعبر عن مطالبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. اليسار القادر على صنع وقيادة التحولات وصون المكاسب الوطنية .. فهل لدى قوى اليسار المنظمة أو بعضها القدرة على ذلك ؟
المسارات القريبة التي صنعت واقع اليسار اليمني اليوم
1- رغم أن مراجعات عديدة قد تمت من قبل فصائل تنتمي الى اليسار اليمني لمسيرتها وشعاراتها الأمر الذي كان يفترض معه تقارباً أكبر بين اطرافه الا أن العلاقة بينها لازالت محكومة بما قبل تلك المراجعات وغير قادرة على انتاج مساحات جديدة للنضال الاجتماعي والسياسي المشترك بينها كقوى يسارية تحديداً.
2- في العديد من المحطات التي كان لها أن تكون محطات فارقة في حياة اليمنيين بدأ وكأن اليسار لم يكن معنياً بالتقاطها والتفاعل معها وقيادة التحولات التي كان لها ان تكون ,فأضاع بذلك فرصاً لن تتكرر لصنع تحولات جذرية وعميقة في بنية المجتمع اليمني وثقافته ,لعل ابرزها تلك الحظة التي انجز فيها اليمنيون وحدتهم في العام 1990م فالوحدة التي ظلت لعقود طويلة حلماً لكل اليمنيين وتصدرت قائمة الاهداف والمهام الوطنية عند كل القوى اليمنية , لا لأنها تعبير عن لحظة التئام الجسد اليمني بعد معاناة طويلة من ليل التشطير فحسب بل لأنها كانت اللحظة التاريخية المؤاتية لإعادة فرز القوى ورص الصفوف واقامة التحالفات في ضوء مشروع وحدوي وطني ديمقراطي تقدمي وكما أضاع تلك اللحظة فانه لم يحسن استغلال الفترة الانتقالية التي سبقت الانتخابات النيابية في 27 ابريل 93م في التعبئة الجماهيرية وصولاً الى خلق اصطفاف عريض يمثل الكتلة التاريخية التي سيناط بها انجاز وقيادة المشروع الوطني الديمقراطي التقدمي , وفي الانتخابات النيابية الأولى في 27 ابريل 93م أهدر اليسار الفرصة الأخيرة قبل حرب صيف 1994م عندما خاض الانتخابات ممزقاً فأهدر الفرصة الثالثة .
3- خلفت حرب صيف 1994م أثاراً كارثية حيث أقصي أكبر أحزب اليسار وبدأت أطراف النظام في الانقضاض على اليسار ومحاصرته .
ان واقع اليسار اليمني اليوم يقتضي وقفة تقييمية ,ان صدق فيها مع نفسه يمكن له أن يفتح آفاقاً وأبواباً للعبور الى المستقبل والمشاركة الفاعلة في رسم ملامحه وقيادة تحولاته مالم فانه سيكون قد أضاع على نفسه الفرصة الأخيرة وانكفأ على نفسه , وفي اعتقادي أن تحديات عديدة تقف أمامه وتلقي على عاتقه مسؤوليات اضافية منها :
1- تطوير البنية التنظيمية لأحزابه وتعزيز الديموقراطية الداخلية فيها
2- فتح باب الاكتتاب لإنشاء قناة فضائية متخصصة بقضايا اليسار
3- عدم التنافس بين مرشحي مكونات اليسار والاتفاق على قائمة موحدة بمرشحي اليسار
4- التحديد الواضح للقضايا التي يناضل اليسار من أجلها وبما أن اليسار بقواه المتعددة هو النبتة الطبيعية للجماهير الشعبية التي يدافع عن قضاياها فلابد عليه ألا يكون على قطيعة مع الهوية الجامعة لها والا يحدث قطيعة بين المجتمع المنشود وبين تاريخ الأمة وعقلها وعقيدتها فالملاحظ أن بعض اليساريين يريد اعادة الأخطاء السابقة التي عانت منها بعض مكونات اليسار سابقاً من خلال ربط اليسار بالعلمانية كتقليد لليسار في المجتمعات الغربية ورغم ايماني بان العلمانية عند الكثيرين منهم ليست الا مدخلا للديموقراطية والعقلانية، والفكر العلمي، والحرية، ولا تستهدف أبدا الدعوة الى الانعتاق من الدين، أو التخلي عنه ومحاربته، أو تجاوزه، الا أن ربط اليسار ونضاله بمفهوم العلمانية لن يعني الا شيئاً واحداً هو ابعاد اليسار عن شعبويته واعادته الى مربع الانكفاء على النفس مرة أخرى فالعلمانية ليست حلاً لأي من القضايا التي يناضل اليسار العربي عامة واليمني خاصة من أجلها ولابد أن يفرق هؤلاء بين جوهر الدين الاسلامي الذي يعد ثورة اجتماعية استهدفت شرف الانسان وسعادته وبين الفكر الديني وهو ماتنبهت له الناصرية احدى فصائل اليسار مبكراً عندما حددت بوضوح الفارق الجوهري بين الدين وبين الفكر الديني ،فالدين كمعتقدات وشعائر له قدسيته وله مكانته السامية . لكن الفكر الديني كجهد بشرى إنساني يسعى إلى تفسير النصوص بحيث تبدو ملائمة ومتوائمة مع المتغيرات في العصر والمجتمع ،إنما هو رؤية بشرية للدين تحتمل الصواب والخطأ ،وتتغير مع تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والناس .. ومن ثم فلا قدسية له . وهو خاضع للمناقشة والنقد والفرز . وتؤكد الناصرية إدراكها بأن ما يحدث من تصادم بين الدين وبين الحياة سببه " محاولات الرجعية أن تستغل الدين ضد طبيعته وروحه لعرقلة التقدم ،وذلك بافتعال تفسيرات له تتصادم مع حكمته الإلهية السامية "
و بالنظر إلى الإرث الملتبس الذي ينوء تحته مصطلح العلمانية ، مثل نشأته الغربية في ظروف اجتماعية وتاريخية مغايرة لظروف الواقع العربي ، وارتباطه بالإلحاد.. وبالنظر إلى رسوخ القيم الدينية بشكل عام ، والإسلامية بشكل خاص في وجدان الإنسان العربي ونمط حياته اليومية وهو الأمر الذي يقدم سلاحاً مجانياً لقوى الرجعية في محاربة ومحاصرة قوى الحداثة والتغيير ، فإن العلمانية كمصطلح لا يخدم مهام التغيير في مجتمعنا العربي .
2- ولأن السمة الأساسية لليسار هو تبنيه لقضية العدالة الاجتماعية فعليه تحديد وتوضيح مفهوم العدالة الاجتماعية وآليات الوصول الى تحقيقها وهو مفهوم يرتبط في الفكر الناصري ارتباطاً وثيقاً بالاشتراكية والحرية والديمقراطية والتنمية المستقلة فالاشتراكية في التطبيق الناصري لها ليست التوزيع العادل للثروة فقط والا لكانت الاشتراكية ستعني في مجتمعاتنا الفقيرة العدالة في توزيع الفقر ولكنها " تحقيق مجتمع الكفاية والعدل " ( الكفاية في الإنتاج والعدالة في التوزيع ) والكفاية في الانتاج تقتضي تنمية تشترط الناصرية في هذه التنمية أن تكون مستقلة حرية المواطن اذا كانت حرية الوطن السياسية هي المقدمة العملية لحرية المواطن فالحرية للمواطن اجتماعيا وسياسيًا هي التنمية والضمان لحرية الوطن. ان حرية المواطن لا تتحقق الا بتحقيق حريته الاجتماعية وحريته السياسية ان الديموقراطية هي الحرية السياسية والاشتراكية هي الحرية الاجتماعية ولا يمكن الفصل بين الاثنين. انهما جناحا الحرية الحقيقية وبدونهما أو بدون أي منهما لا تستطيع الحرية ان تحلق إلى آفاق الغد المرتقب.
وتحدد الناصرية معالم الديموقراطية في:
أولا: ان الديموقراطية السياسية لا يمكن ان تنفصل عن الديموقراطية الاجتماعية ولا يستطيع المواطن ان يمارس حريته السياسية قبل ان يتحرر من الاستغلال فى جميع صوره، وان تكون له الفرص المتكافئة في نصيب عادل من الثروة الوطنية، وان يتخلص من كل قلق يهدد أمن المستقبل فى حياته، ولأن الاشتراكية هي الطريق الوحيد لتحقيق الحرية الاجتماعية فانه لا يمكن ان تقوم ديموقراطية سليمة الا في مجتمع اشتراكي.
ثانيًا: ان الديموقراطية السياسية لا يمكن ان تتحقق فى ظل طبقة من الطبقات ان الديموقراطية حتى بمعناها الحرفى هي سلطة مجموع الشعب وسيادته. وهذا يعنى ان الديموقراطية في مجتمع الفروق الطبقية لا يمكن الا ان تكون ديموقراطية زائفة تخفى ديكتاتورية من الطبقات الرجعية المستغلة وتسلطها. ان إسقاط تحالف الطبقات المستغلة وتجريدها من الثروة هو شرط أساسي لتحقيق الديموقراطية السليمة.
ثالثًا: ان الديموقراطية السليمة تتحقق بإقامة ديموقراطية كل الشعب العامل التي تقوم على تحالف قوى الشعب العامل الممثلة للأغلبية الساحقة من الجماهير العربية بقيادة الفلاحين والعمال وضمان نسبة 50% على الأقل من مقاعد التنظيمات الشعبية والسياسية على جميع مستوياتها بما فيها المجلس النيابي باعتبارها أغلبية الشعب.
وتتأكد ديموقراطية كل الشعب العامل بتأكيد سلطة المجالس الشعبية المنتخبة فوق سلطة أجهزة الدولة التنفيذية؛ كذلك فإن الحكم المحلى يجب ان ينقل سلطة الدولة إلى أيدى السلطات الشعبية.
ولا بد ان تكفل الحرية الكاملة للتنظيمات النقابية والتعاونية لكل قوى الشعب العامل لأنها ضمانًا لتعميق الممارسة الديموقراطية وضمان المشاركة السياسية للجماهير الواسعة في كافة قواعدها ولابد من جماعية القيادة التي هي تأكيد للديموقراطية في اعلى المستويات. ان الاشتراكية في الفهم الناصري لا تقتصر على مجرد توزيع الثروة الوطنية بين المواطنين بما يحقق العدل ويصفى الفروق الطبقية؛ إنما هي تعنى قبل ذلك بالنسبة لامتنا الشعوب المتخلفة توسيع قاعدة هذه الثروة الوطنية بحيث تستطيع الوفاء بالحقوق المشروعة لجماهير الشعب العامل، وذلك ما يعطى الاشتراكية فى الناصرية دعامتيها وهما الكفاية فى الإنتاج والعدالة فى التوزيع. والاشتراكية لا تستهدف مجرد تجاوز التخلف الاقتصاد إنما هى تجاوز شامل للتخلف كظاهرة مركبة يعانى منها الفرد والمجتمع .. الاشتراكية هى منع استغلال الإنسان للإنسان.. والاشتراكية هى خلق الظروف والدوافع وتطوير المجتمع حتى يجد الإنسان كفرد والمجتمع كمجتمع كل الإمكانيات المادية والفكرية والروحية وهذا عمل لا ينتهى لأنه باستمرار عندما تحقق مرحلة تنتظرها مرحلة أخرى. ان هذا الفكر لديموقراطية كل الشعب هو البديل عن ديكتاتورية الطبقات المستغلة وهو البديل فى ذات الوقت عن تسلط الصفوة أو النخبة.
ان المجتمع الاشتراكي هو القادر على إطلاق الطاقات المبدعة للفرد والجماهير. ان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين هو الضمان لإطلاق كافة الطاقات التي حبستها وعطلتها ظروف الاستغلال الطبقي وتسلل الرجعية. ان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين يتأكد حين يستقر لدى الجميع ان العمل هو المعيار الوحيد للقيمة الإنسانية ولمكانة الفرد الاجتماعية ولعبئه الاقتصادي وفق مبدأ لكل حسب عمله، وكما يصر عبد الناصر: علينا ان نقضى على أية امتيازات تكون باقية تتجاوز حق العمل وقيمته في خدمة المجتمع دون أي اعتبار آخر. وان
تكافؤ الفرص يتأكد بكفالة حق كل مواطن في الرعاية الصحية غير المشروطة بثمن مادى، وفى العلم بقدر ما يتحمل استعداده ومواهبه، وفى العمل الذى يتناسب مع كفايته واستعداده مواهبه، والعلم الذى تحصل عليه وفى التأمينات ضد الشيخوخة والمرض
1- منظومة سياسات العدالة الاجتماعية:
إذا كان وجود بنية معينة لملكية وسائل الإنتاج على النحو السابق بيانه يعد متطلباً أساسياً للعدالة الاجتماعية فإن تجسيدها على أرض الواقع غير ممكن بدون منظومة سياسات يقع في أساسها ما يلي:
أ- سياسات الإنتاج السلعي الرأسمالي والاستهلاكي بما فيه المنتجات الثقافية وتسعيرها، وتشمل تحديد دائرة السلع العامة المطلوبة، وذلك بهدف إمداد الجمهور بالسلع والخدمات الأساس، وعلى وجه التحديد: الاحتياجات الغذائية الأساس والخدمات التعليمية، والخدمات الصحية، والإسكان اللائق، والمواصلات العامة، والثقافة والترفيه.
ب- سياسات الأجور والأسعار: وتقوم أساساً على تأمين حق العيش الكريم على مقتضى مبدأ الخبز مع الكرامة ومنه الحق في الحصول على عمل منتج، والحق في أجر مناسب لقوة العمل بما يمنع استغلالها، ويضمن حداً أدنى للأجور يدفع عنها على الأقل غائلة التضخم، وبالمقابل لابد من سياسات للأسعار في مجال الاستهلاك الضروري تحقق التناسب في منظومة الأجور والأسعار، وبصفة خاصة لدى ذوي الدخل المحدود، وتضمن منع استغلال المستهلكين، وتضع حداً لممارسات التسعير الاحتكاري في فروع النشاط الاقتصادي كافة. ولابد في هذا السياق من تقوية المالية العامة للدولة بحيث تصبح قادرة على توفير جانب كبير من السلع الأساس للطبقات الوسطى ومحدودة الدخل بأسعار تتناسب وقدرتها الشرائية.
ج- إعادة توزيع الدخول من خلال السياسات المناسبة بما يحد من الاستقطاب الطبقي فيه، والواقع أن الفجوة في الدخول تفاقمت إلى حدٍ بات يهدد الاستقرار الاجتماعي ومن ثم السياسي، وذلك نتيجة الولوج غير الرشيد في نهج ما يسمى بالخصخصة، واستباحة المال العام في غيبة الرقابة الديمقراطية وشيوع الفساد.
ويتطلب العمل على إعادة توزيع الدخل عدداً من الإجراءات من أهمها:
- إعادة هيكلة النفقات العامة، حيث تقوم هذه بدورٍ هام في إعادة توزيع الدخل، ولا سيما النفقات التحويلية التي تستمد أهميتها من تأثيرها في إعادة توزيع الدخل القومي. ويقع في قلب النفقات العامة المطلوبة دعم الدولة للسلع والخدمات، وخاصة تلك التي يستهلكها السواد الأعظم من المواطنين.
- التدخل لتنظيم العلاقات الإيجاري بين المُلاَّك والمستأجرين بما يضمن تأمين حق السكن في إطار من العدالة والاستقرار للمستأجرين.
- توفير الحقوق التأمينية ضد البطالة، وحوادث العمل، والعجز الكلي أو الجزئي بحسبانها من حقوق الإنسان الأساس. وتقوم صناديق التأمين والضمان الاجتماعي بدورٍ هام في تأمين الإنسان ضد مخاطر الحياة والخوف من المستقبل. ولذا، فإن شمول التغطية التأمينية لكافة المخاطر المرتبطة بمجريات الحياة اليومية من ناحية، ومخاطر المستقبل من ناحية أخرى، يعتبر من أهم عناصر منظومة العدالة الاجتماعية، التي تشكل الأساس المادي والمعنوي لمفهوم الأمان الاجتماعي والإنساني.
- إعادة تكييف السياسات الضريبية بحيث تتجه إلى تقليص الفوارق بين الدخول والثروات في المجتمع العربي وإلى الحد من الفوارق الطبقية.
د- إحياء دور الحركة التعاونية – بشقَّيْها الإنتاجي والاستهلاكي. وكذلك تنمية الشراكة مع قطاع الأعمال ومنظمات المجتمع المدني, واعتماد مبدأ التفاوض بين الحكومة والقطاع الخاص بهدف إحاطة مصالح العاملين بمزيد من الحماية، وربما يمكن التفكير في تضمين تلك الشروط في قوانين الاستثمار. وتفعيل دور النقابات العمالية والمهنية والاتحادات النوعية مع ضمان تمثيلها في المؤسسات العامة ذات الصلة رعاية لمصالح الطبقات والفئات والجماعات التي تعبر عنها.
ه- التأكيد على ضرورة التزام السياسات التعليمية بضمان عدالة الفرص أمام المواطنين في مجال التعليم والتوظيف على اختلاف أوضاعهم الاجتماعية ومواقعهم الطبقية، باعتبار ذلك الالتزام ضرورة لا غنى عنها لضمان الحراك الاجتماعي على أساس عادل.
و- امتداد العدالة الاجتماعية لتشمل العدالة على أساس النوع وذلك بوضع استراتيجية قومية للنهوض بالمرأة العربية في جميع المجالات، والعمل على تطوير قانون عربي للأسرة يضمن الحقوق الكاملة لكل مكوناتها. وكذلك امتداد العدالة الاجتماعية لتشمل العدالة بين أقاليم الدولة قطرية كانت أم قومية بما يوفر قاعدة للتماسك الاجتماعي .
بعض آليات لتعزيز العدالة الاجتماعية:
لا شك أن البنية المواتية لملكية وسائل الإنتاج ومنظومة السياسات المتكاملة التي أشير إليها سلفاً سوف تضمن توفير المقومات الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية على النحو الذي نبتغيه في المشروع النهضوي العربي، وثمة آليات تعزيزية يمكن اللجوء إليها في هذا الصدد منها:
أ- إحداث صناديق لمكافحة الفقر على الصعيديْن الوطني والقومي، وذلك لمنع إعادة إنتاج الفقر في الفئات والطبقات والمناطق الفقيرة.
ب- تفعيل دور "صناديق الزكاة" و"مؤسسة الوقف في ضوء ما أكدته الخبرة العربية الإسلامية بما يحقق درجة أكبر من الرعاية والتكامل بين المواطنين ويعزز دورهما في دورهما في مواجهة غائلة الحاجة.المطالب الاساسية لتحقيق لعدالة الاجتماعية :
1- وضع حد أدنى للأجور يكفل أساسيات الحياة الكريمة لكل مواطن ومراقبة توازنها مع ارتفاع الأسعار بشكل دوري .
2- وضع القوانين التي تكفل حقوق العمال وتمنع الفصل التعسفي وتنظم حرية العمل النقابي وحق الإضراب بما لا يضر بالصالح العام .
3- ضمان تكافؤ الفرص من خلال كفالة حق التعليم والعمل والصحة والثقافة .
4- توفير مظلة واسعة من التأمينات الاجتماعية تشمل التأمين ضد إصابات العمل والبطالة والمرض والتقاعد .
5- سياسة ضريبية عادلة تأخذ بمبدأ التصاعدية وتحقق التكافل الاجتماعي .
.
...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.