تفتتح هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة خلال شهر ديسمبر المقبل «سوق القطارة التاريخي» في مدينة العين الذي يعود تاريخ بنائه إلى منتصف القرن ال20، عندما أمر المغفور له الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي آنذاك ببنائه في منتصف الطريق الفاصل بين واحتي القطارة والجيمي المملوء بأشجار النخيل. وأشار الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، إلى أن افتتاح سوق القطارة يتزامن مع الاحتفال بذكرى الاتحاد الذي شكل انطلاقة النهضة الحقيقية لشعب الإمارات في مجالات الحياة كافة، بفضل الجهود المخلصة التي بذلها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- والتي تضافرت آنذاك مع جهود إخوانه حكام الإمارات فانطلقت حركة تنمية شاملة طالت قطاعات المجتمع المختلفة. وأوضح بن طحنون أن ترميم وتطوير المعالم التراثية والتاريخية في مختلف أنحاء إمارة أبوظبي، وفي مقدمتها إحياء واحات ومعالم مدينة العين تستلهم الرؤية الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، التي يتابع تنفيذها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في أهمية المحافظة على التراث والمعالم الوطنية التاريخية. وبين أن «سوق القطارة» يكتسب أهمية كبيرة على الصعيدين الثقافي والسياحي، حيث تشكل الأسواق الشعبية التراثية أحد أهم عناصر الجذب السياحي على مستوى العالم، وقال إن هذا السوق التاريخي يعد إضافة مهمة تثري خريطة المعالم الأثرية والتراثية في مدينة العين التي تم إدراج مواقع فيها على قائمة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي، هذه المدينة التي ما زالت تحافظ على صفاتها المحلية من المنظور العمراني. ويعد سوق القطارة نموذجاً للأسواق العربية القديمة التي كانت تنبض بالحياة وتعد قلباً لأي مدينة فهو مركز للتبادل التجاري ونقطة التقاء مهمة لسكان المنطقة الذين كانوا يقصدونه للتزود باحتياجاتهم الأساسية وفي الوقت نفسه للتواصل الاجتماعي. وقد شهد أعمال توسعة في السبعينات بتوجيهات من سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية. وكانت الهيئة قد افتتحت أخيراً مركز القطارة للفنون ضمن جهودها لتطوير واحة القطارة التاريخية لتضم مركزاً يوفر مكاناً لدراسة الفنون والثقافة وممارستها من قبل جميع شرائح المجتمع الإماراتي، وبالتالي تعزيز التواصل بين السوق والمركز في إطار البرامج والفعاليات المختلفة، خصوصاً أنه تم الحفاظ على جميع جوانب البناء الأصلي للمركز بعد ترميمه بهدف تحقيق التوازن بين التراث والحداثة التي هي أحد التحديات الرئيسة للحياة الثقافية عموماً. وأكد مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة مبارك حمد المهيري، تواصل جهود إعادة إحياء الواحات ودورها في منطقة العين واستحداث برامج تسهم في دعم البنية التحتية السياحية والثقافية لإمارة أبوظبي عبر إعادة إحياء الاستخدامات الأصلية للمباني التاريخية وتخصيصها للأغراض التي أنشئت لها أساساً ومنها السوق التقليدي القديم في القطارة وفي الوقت نفسه استخدام تلك المباني لأغراض جديدة بهدف دمجها في البنية التحتية للمدينة، وبالتالي ضمان المحافظة عليها لزمن طويل. ويتضمن برنامج افتتاح سوق القطارة باقة متنوعة من الفعاليات الثقافية والتراثية منها أعمال الحرف اليدوية التراثية وعروض العيالة وحفل للعزف على آلة العود، وعروضاً حية للطرق التقليدية للبناء بالطين وصناعة العريش «سعف النخيل»، بمشاركة الجمهور من مختلف الأعمار، لإثراء تجربتهم في زيارة السوق ومركز الفنون. وسيتم أيضاً تنظيم محاضرات في مجال التراث الإماراتي ومعارض لفنون الرسم والتصوير الفوتوغرافي وإقامة استديو تراثي، إضافة إلى عدد من النشاطات الموجهة للأطفال والعائلات. كما سيتم تنظيم زيارات خاصة لطلبة المدارس والجامعات إلى السوق. وسترحب الشخصية الكرتونية «حمدون» المحببة لأطفال الإمارات بزوار السوق في يوم الافتتاح. يذكر أن السوق كان يضم في البداية 15 دكاناً، ثم أضاف إليها سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان أربعة أخرى في السبعينات، ومنحت للتجار مجاناً وكانت تباع فيها المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والطحين والسكر والتمر وأنواع من البهارات والصابون وبعض المستلزمات المنزلية التي كانت تجلب من أبوظبي ودبي، إلى جانب بعض المنتجات المحلية، كما تضمن السوق محال للخبازين والخياطين وحرفيين مختلفين مثل صاغة الذهب والفضة. وكان السوق يفتح أبوابه فقط في وقت الظهيرة حتى وقت المغرب، وبعد نحو 10 سنوات أصبح يعمل على فترتين صباحية ومسائية غير أن توسع المدينة وافتتاح سوق العين في عام 1960 أثر في الحركة التجارية في سوق القطارة لسهولة المواصلات إلى سوق العين، فبدأت تضعف حركة البيع تدريجياً حتى هجر التجار المكان قبل نحو 15 عاماً وبقي السوق مهجوراً منذ تلك الفترة. ويتميز السوق بالموقع المتميز ذي الرؤية الواضحة خصوصاً أنه محاط بمجموعة من المباني التاريخية، خصوصاً قلعة «بن عاتي الدرمكي» التي أعيد استخدامها مركزاً للفنون. وتأتي إعادة افتتاح سوق القطارة بعد أن انتهت الهيئة أخيراً من عملية ترميمه وتطوير المكان المحيط به بهدف تجديده ليحتضن الحرف اليدوية والفنون التقليدية. وقد شمل المشروع ترميم المبنى وإعادة إحيائه وتجديده ليتضمن الخدمات الأساسية التي تقوم بتشغيل المبنى، كما شملت العملية تأثيث المبنى بمواصفات تراثية لإيواء الفنون التقليدية والأنشطة الحرفية. ويهدف المشروع أيضاً إلى تأكيد الرابط مع مركز القطارة للفنون بالطرق البصرية والبرامج الثقافية والفعاليات الفنية المكملة لبعضها بعضا واستخدام وسائل الراحة المهيأة في مركز القطارة للفنون.