كان اشهار حركة النهضة السلفية في عدن في مارس 2011م، مفاجئ لكثير من السياسيين والمتابعين، حينها لم يفكر كثير من السلفيين بالعمل السياسي المحرم اصلا لدى الغالبية، لكن حركة النهضة ظهرت بصورة مغايرة وانخرطت بقوة في صفوف الحراك الجنوبي بسقف مطالبه المرتفع. وفي هذا الحوار مع صحيفة " الامناء" يتحدث رئيس حركة النهضة السلفية الجنوبية عبدالرب السلامي عن موقف الحركة السلفية من التطورات على الساحة الجنوبية وعن المخاوف التي تثار حول أداءها في الحراك .. يقول السلامي إن حركة النهضة لديها تقارب فكري مع كثير من الاحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية والجماعات الدعوية داخل اليمن وفي العالم الاسلامي ، لكنه يستدرك: رؤيتنا متميزة تقول أن نضال الشعب يجب أن يتجه باتجاه واحد فقط وهو المطالبة باستعادة حق الشعب في تقرير مصيره وقول كلمة الفصل في مستقبله السياسي. – كيف تقيم أداء الهيئة الشرعية الجنوبية وحركة النهضة في دعم فعاليات الحراك الجنوبي؟ ج- الهيئة الشرعية هي بمثابة رابطة للعلماء والدعاة الجنوبيين المنضوين في الثورة الجنوبية، وبالتالي فهي ليست مجرد داعم لفعاليات الحراك بل هي أصيلة في الثورة الجنوبية ورائدة فيها..وكذلك حركة النهضة فقد ورد في صلب اهدافها السياسية -لهذه المرحلة التاريخية التي يمر بها الجنوب- تبنيها للقضية الجنوبية كقضية سياسية وفق خيار سياسي واضح ومحدد وهو حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره واستعادة حريته وحقه في رسم مستقبله السياسي بإرادته الحرة، تلك الإرادة التي حرم منها منذ اكثر من اربعة عقود من الزمان، وبالتالي فحركة النهضة ليست مجرد داعم للحراك بل هي جزء من الحامل السياسي للقضية الجنوبية، وهذا الهدف بطبيعة الحال - مع أهميته- لا يلغي أهداف الحركة الأخرى التي تخدم رؤيتها التجديدية الشاملة. 2– هل هناك علاقة وتنسيق بينكم كحركة سلفية جنوبية وبين حزب الرشاد السلفي في صنعاء؟ ج- اذا قصدت العلاقة التنظيمية فلا توجد هناك اي علاقة تنظيمية لا بحزب الرشاد ولا بغيره من الاحزاب ذات المنشأ السلفي، فالمتابع لتطور المشهد السلفي في اليمن يعرف أن حركة النهضة هي أول حركة سياسية وثورية في اليمن ذات مرجعية سلفية، فقد تم اشهارها في عدن في مارس 2011م قبل اكثر من عام كامل من تأسيس حزب الرشاد في صنعاء.. وقبل تاسيس واشهار جميع الحركات والاحزاب السلفية التي توالت لاحقا، هذا بالنسبة للإشهار اما بالنسبة لتأسيس حركة النهضة فقد كان قبل ذلك بكثير حيث تشكلت النواة التنظيمية الاولى للحركة في عدن عام 2008م في وقت لم يفكر كثير من السلفيين بالعمل السياسي اصلا..أما إذا قصدت بالعلاقة: التقارب الفكري، فحركة النهضة لديها تقارب فكري مع كثير من الاحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية والجماعات الدعوية داخل اليمن وفي العالم الاسلامي، يقل ذلك التقارب ويزداد بمقدار القرب من مبادئ الحركة العامة ورؤاها التجديدية والتغييرية ومفهوم الحكم الاسلامي الراشدي..أما إذا قصدت العلاقة السياسية، فلحركة النهضة رؤيتها السياسية في كثير من القضايا والتي نختلف فيها مع حزب الرشاد مثلما نختلف مع اي حزب آخر لاسيما فيما يتعلق بقضايا الوحدة والقضية الجنوبية وغيرها – ما وجه الدعم الذي تقدمونه للحراك الجنوبي في حركة النهضة؟ ج- إذا كنت تقصد الدعم للقضية الجنوبية؟!فنعم حركة النهضة تعمل لخدمة الجنوب في ثلاثة مجالات رئيسية:الأول: المجال الثوري والجماهيري، فشباب النهضة منخرطون في كثير من الساحات والتشكيلات الشبابية الجنوبية دون أية قيود تنظيمية مفروضة عليهم من أطرهم التنظيمية في الحركة وذلك حرصا من الحركة لإبقاء الحراك ثورة شعب غير مؤطرة في قوالب حزبية..الثاني: المجال التوعوي، وذلك من خلال الجهود التي يقوم بها الرموز والدعاة المنتسبين للحركة في الساحات من توعية وترشيد وقيادة وتوجيه لمسيرة الثورة، وهذا نشاط يلتقي فيه أولئك الدعاة مع غيرهم في ساحة متسعة باتساع الجنوب..الثالث: المجال السياسي: من خلال الحضور الفاعل للحركة كمكون سياسي له علاقاته الثنائية والجماعية بمختلف الاحزاب الجنوبية ومن خلال الحوارات الجنوبية والمشاركة في الفعاليات السياسية..سعيا من الحركة لارساء دعائم بنى التعددية السياسية للجنوب الجديد..الرابع: المجال الاجتماعي: من خلال المنظمات المدنية والانسانية التي يديرها كوادر الحركة، ومن خلال انخراط النشطاء الاجتماعيين من أعضاء الحركة في الفعاليات ذات الطابع الاجتماعي والحقوقي والانساني في الساحة الجنوبية 4– هناك من يتهمكم بمحاولة إقحام الحراك الجنوبي في قضايا ذات بعد إقليمي تصارع فيها التيارات الاسلامية كما يحدث في مصر وسوريا ، ما تعليقكم؟ ج- أولا: نحن في حركة النهضة من أوائل من استنكر وحذر من مخاطر الزج بالقضية الجنوبية الى دائرة الاستقطابات الدولية والإقليمية، ولازلنا نحذر من خطورة ذلك، بل وطرحنا في أكثر من لقاء جمعنا بقيادات جنوبية مختلفة الى ضرورة الابتعاد عن لعبة المحاور، وكلامنا موجود وموثق في بيانات ومقابلات صحفية وها أنا أكرره هنا للتذكير وللتأكيد، فقد قلنا أكثر من مرة إن محاولة ربط الحراك الجنوبي بقصد أو بغير قصد بقوى إقليمية نعمل على تصدير الثورات الطائفية هو إضرار وإضعاف للحراك واستفزاز خطير لمشاعر شعب يدين باجمعه بمذهب أهل السنة والجماعة، إضافة إلى كونه استدعاء لمعركة دينية مع الشعب على حساب قضيته الوطنية! ثانيا: أنت تعرف أن شعب الجنوب هو أول شعب ثار ضد طغيان النظام العسكري القمعي قبل الربيع العربي بسنوات.. ثم بعد ذاك الكم الكبير من التضحيات التي قدمها شعب الجنوب في ساحات الاعتصام السلمي يأتي من يستفز مشاعر هذا الشعب المقهور التواق الى الحرية برفع صور حكام طغاة قتلوا المتظاهرين من أبناء شعبهم وأحرقوا المعتصمين السلميين بأساليب وحشية تفوق في وحشيتها أضعاف ما ارتكبه نظام صنعاء في حق شعب الجنوب!. إن مثل تلك السياسات الخاطئة في تمجيد الطغاة من قبل من يدعي الحرية والتحرير والنضال السلمي لشئ عجيب يدعو للاستنكار والانكار ايضا.. فقيم الثورات لا يجوز للثائر الحر إسقاطها أمام مكتسبات سياسية أو آنية متوهمة.. ولا نعد مثل ذلك الإنكار من قبلنا أو من أي من أبناء شعبنا إقحاما للحراك في صراعات إقليمية، بل العكس نرى ضرورة أن يلتف شعب الجنوب لأجل الحفاظ على قيم الثورات الشعبية الحاملة لمعاني الحرية والكرامة الإنسانية ورفض كافة أشكال إقحام الحراك السلمي بصراعات الحكام الطغاة مع شعوبهم!.. - ألا ترون أن انشغال الحراك الجنوبي بالصراعات الاقليمية تضره ولا تنفعه؟ ج- كما أسلفت سابقا، أن المتضرر الأول من انشغال الحراك بالصراعات الإقليمية هو شعب الجنوب، والخسارة الكبرى التي قد تلحق بالحراك هي في فقدان هذا الشعب الحر الأمل في ثورته كحامل سياسي لقضيته الوطنية، وقد يصبح يتعاطى مع الحراك كتعاطي حزبي مجرد، وستصبح الساحة الجنوبية عرضة لمزيد من الاستقطابات على أساس غير وطني .. 6 - كان يعرف عن رجال الدين السلفيين انهم يرفضون التصوير الفوتوغرافي لكن الفترة الأخيرة ظهر عدد كبير من أئمة المساجد في عدن المنضوين في الحراك يتصورون في الفعاليات والندوات بجانب ناشطات بل إن داعية سلفي منتمي للحراك التقى الفنان عبود خواجة في المدينةالمنورة وأشاد بفنه في الوقت الذي كان الغناء محرما عند غالبيتكم ، فهل انخراط المشايخ في الحراك أدى الى تحديث فكري عند الكثير منهم؟ ج- أولا السلفية ليست وصفا لجماعة بعينها ولا أشحاص بذواتهم، بل هي منهج للحياة تعني الاسلام بصفائه ونقائه، لكن ما يلحق بالسلفية من ذم في نظر كثير من المسلمين هو بسبب سلوك المنتسبين إليها، وهو أشبه بما يلحق بالإسلام من تشويه لدى كثير من شعوب العالم الأخرى بسبب سلوك المسلمين الخاطئ..فما أشرت إليه من حوادث متعلقة بأعيان كتحريم التصوير من بعض المنتسبين للسلفية أوالمشاركة المنفتحة في الفعاليات السياسية من بعض آخر وغيرها من الحوادث.. فهذه مسائل أعيان تخص أصحابها بأعيانهم وهي في تقديري تعود إما إلى اجتهاد صحيح أو تأويل خاطئ أو جهل بالشرع .. 7 - إلى أي مدى يؤمن السلفيين في الجنوب بخيار استقلال الجنوب خاصة وان هناك من يتهمكم بركوب الموجة الثورية للحراك الجنوبي لاثبات وجودكم؟ ج- أولا الجنوب لكل الجنوبيين، والقضية الجنوبية ملك لشعب الجنوب، والثورة الجنوبية حامل سياسي لقضية الشعب، فمن هذا المنطلق جاءت رؤية النهضة كرؤية متميزة تقول أن نضال الشعب يجب أن يتجه باتجاه واحد فقط وهو المطالبة باستعادة حق الشعب في تقرير مصيره وقول كلمة الفصل في مستقبله السياسي..أما من يحاول أن يتهم الاخرين بركوب الموجه ومن ينهج نهج التخوين فهو في الحقيقة لم يتحرر بعد من فكرة ان الجنوب "صندقة حزبية" 8 - هناك من يرى انه يجب انحصار دور الهيئة الشرعية الجنوبية كهيئة استشارية فقط ، وقد بلغ الاسماع انتقادات لتوسع دورها في الحراك ، كيف تنظرون الى مخاوف التيارات السياسية الاخرى في الحراك من توسع دور الهيئة الشرعية؟ ج- من يقول مثل هذا الكلام فهو أسير للمفهوم الكنسي لرجال الدين..اظن الجواب هكذا يكفي 9 - ما هي الصعوبات التي تواجه عملكم السياسي في الحراك؟ ج- أمام الثورة الجنوبية تحديات كبيرة بعضها ذاتية وأخرى موضوعية: ومن أبرز تلك الصعوبات تأخر المسار السياسي عن مواكبة المسار الثوري، وشبه انعدام المسار الاجتماعي، ولايزال الأمل قائما بما يمكن أن أسميها (قوى الجنوب الجديد) بما تحتويه من طاقات شبابية ونخب مثقفة وفئات اجتماعية متنوعة، لإعادة صياغة مسار ااثورة الجنوبية متعدد الأدوات، وإخراج الثورة الجنوبية من منطق (واحدية الأداة الثورية) الذي بات منطقا متخلفا جدا.. 10 – أيهما أفضل بالنسبة لك دولة دينية في إطار الوحدة أم دولة مدنية في ظل استقلال الجنوب؟ ج- سؤالك هذا يذكرني بما كان يقال لنا زمان في المدرسة الأساسية): كان يأتي المدرس ويقول: أنت مع العلم أم مع الدين؟يا أخي الجواب هو نفس الجواب: مثلما أن الاسلام لا يتعارض مع العلم فكذلك الدولة المدنية المضادة للدولة العسكرية والعشائرية والكهنوتية لا تتعارض مع الإسلام، ومنشأ التعارض هو لوثة الفكر الكناسي المتخلف في أوربا والذي أدت ردة الفعل تجاهه إلى ظهور مسألة فصل الدين عن العلم ثم فصل الدين عن الدولة ثم فصل الدين عن الحياة.. ونحن في مبادئ حركة النهضة تم النص على هذا المعنى.. 11 – كيف تقيم الواقع السياسي الحالي للحراك الجنوبي؟ ج- الواقع السياسي للحراك متخلف جدا مقارنة بالواقع الثوري والحراك الجماهيري. 12 – كلمة أخيرة تودون قولها ؟ ج- شكرا جزيلا لك شخصيا وأتمنى لك دوام التوفيق وحياة مستقبلية مفعمة بالنجاحات..وشكرا لصحيفة الأمناء على هذه الفسحة المتاحة لنا للحديث ولكم جميعا فائق النقدير..ا تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية : أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال. أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء. أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم. أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية. لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية. ل "الأمناء نت" الحق في استخدام التعليقات المنشورة على الموقع و في الطبعة الورقية ".