م. طلال القشقري قال لي شاب أنّ جهة عمله اشترطت عليه قبل إكمال إجراءات توظيفه أن يُجْري فحصًا طبيًا شاملاً، من ضمنه مراجعة الطبيب النفسي!. وأردف قائلاً: "إنه أُحْرِج بسبب ذلك كثيرًا، وتمنّى لو تنشقّ الأرض وتبلعه ولا يره أحد عند الطبيب النفسي، وكأنّ عارًا من مراجعته سيلحق ويلصق به أمد الدهر!. أنا شخصيًا لا أؤيّد هذا الشاب على شعوره السلبي، وهو بالمناسبة شعور الكثيرين في مجتمعنا السعودي، فقد ترعرعنا منذ الصغر على اعتقاد خاطئ هو أنّ العيادات النفسية مُخصّصة إمّا للمجانين أو المرضى العقليين، وإن كان هذا الاعتقاد بدأ يتغيّر رُويْدًا رُويْدًا خلال الفترة الأخيرة، لكنه لم يصل بعد لدرجة الثقافة المجتمعية السائدة التي تجعلنا نؤمن بالطبيب النفسي كما نؤمن بالطبيب العضوي!. كما انقسمْنا إلى قسميْن: قسمٌ يعزو الأمراض النفسية لأمورٍ شيطانية أو مسٍّ من الجنّ، وقد يلجأ إلى المشعوذين والدجّالين لمحاولة علاجها!. وقسمٌ لا يرى علاجًا للأمراض النفسية سوى الرُقية الشرعية!. أمّا القسم الأول فهو غارقٌ في بحرٍ من الجهالة إلى ما فوق أنفه، فكم من مريضٍ نفسيٍ ظُلِمَ وأُشِيع عنه أنه مُشيْطَن أو ممسوس، وتهرّب الناس منه خوفًا وهلعًا، وهو بريء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب عليهما السلام!. أمّا القسم الثاني، وإن كان مُصيبًا في الغالب، لكنّ بعض الأمراض النفسية تستلزم مع الرقية الشرعية العلاج الدوائي الذي لا يتوفّر إلاّ لدى الطبيب النفسي!. هنا أقترح لتخفيف وطأة الإحراج من مراجعة الطبيب النفسي وتقليل ثقلها على الناس، أن يُغيّر مُسمّاه إلى مُستشار سلوكي، وأن تُدْمج العيادات السلوكية بجوار العيادات الأخرى، لا أن تُعْزل بما يُضْفِي عليها سحابة سوداء من الكآبة، في سبيل ألاّ يُنفر من الطبيب السلوكي، وألاّ يُتحرّج من مراجعته، وأن يكون جزءًا طبيعيًا من حياة الناس الاجتماعية والشخصية!. وأظنه بسبب كثرة هموم الناس.. سيصبح كذلك!. @T_algashgari [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :