العام الفائت قال: إن العسل سائل سكري فقط ولا شفاء فيه، وزمزم ماءُ ُ ليس إلا!!، التقيته لاحقًا فشكك في الأحاديث (تَعَالَى ديننا عما يصف) ومؤخرًا طعن في الكتاب، والله المستعان. ليس وحيدًا، فمثله عدد لا بأس به، والخشية من أن يكون هذا «رأس جبل الجليد» المختبئ تحت الماء. جزء من المشكل، مرحلة نمر بها الآن وتمر بها الحضارات يُطلق عليها «تعب الحضارة»، فبعد أن كان أبناء الأسبان يتفاخرون بتكلمهم العربية، أصبح حال العالم غير ذلك، نحن هذه الأيام حضارة تابعة، نأخذ من الغرب كل شيء، وكل ما يأتينا منه يأخذ أبصارنا، صناعته، إعلامه، رواياته.. وحول شخصياته ننسج مثلنا العليا وخيالنا، وفي المقابل يبدو الشرق غاية في التخلف وقمة في البؤس، ولا شعوريًا أصبح من الطبيعي أن نتصور أن «كل» ما يأتينا من هناك هو الحق وكل ما سواه باطل. وجزءٌ آخر من المشكل أن جيلًا جديدًا بات يبحث عن إجابات في أعماقه «كُبِتت» منذ سنوات فبحث فيها مع الأشخاص الخطأ وهو من قاعدة علمية هشة. وبعيدًا عن المجادلين الذين لا يرجون معرفة الطريق الصحيح، وجل مرادهم إضلال العباد، فإن الله عز وجل أوجد السؤال لكي يكون الجواب شافيًا، فلكل صنعة صانع، والنسيج يدل على النسّاج، والرسم يدل على الرسّام، والنقش يدل على النقّاش، ولتُفكِّر ساعة في ملكوت الله، خير من قيام ليلة. وقد لا يبدو خيار «الإيمان تسليم لا سؤال» متاحًا في هذه الحالة لإقناعهم، فالإجابة على أسئلتهم من المختصين.. واجبة، وقمع السؤال ممنوع. الموضوع جدُ خطير، لا يحتمل التأخير، قيل: لا تكتب فالموضوع شائك، دعه للمختصين. حسنٌ ولكن الوقت يمضي، التخندق أمامهم سهل ورميهم بالخروج من الملة أسهل، لكنهم أبناؤنا وبناتنا، والإجابة على «جميع» تساؤلاتهم واجبة وبالتي هي أحسن، والعودة لثقافة «قمع السؤال» ممنوعة، جنود دعوة الباطل في كل مكان، ويلبسون كل لباس، فيُلبِسون على ضعاف البنية الثقافية.. من ساحات التغريد، إلى باقي الوسائل. أهل الحكمة والعلم: أناشدكم البدء في احتضان كل من له سؤال، الآن الآن وليس غدًا.