إلى متى والظلام يسود مدينتي واقدام الجنود تجوب شوارعها، أين ذهب جمالك سيدتي وأين اختفت أحلام طفولتي، لم يعد هناك مرتعاً ولم تعد ذكرياتي على الجدران ... إلى أين تسير عدن الثورة عدن الثقافة عدن المدنية عدن العلم والنور والثقافة والتاريخ ومركز التجارة والسياحة والحضارة ؟ نعم إلى أين تسير عدن ؟ فأنا لم أكتفي بما أسمع من أخبار وأحداث ويشدني الشوق لآراء عدن الحالمة عروس البحر وجنة الدنيا .. أنتظر أخبار عدن يوماً بعد يوم وعند قروب عودة صديقي العزيز ابو محمد من زيارته لعدن ذهبت إليه وكلي أمل وتفائل في أخبار سارة عن الوضع وتطور الأحداث ومنتظر صوراً ليس للمسيرات أو الاعلام الجنوبية بل نريد لقطات لتلك الأماكن التي لعبنا فيها طفولتنا والشوارع والسواحل التي قضينا فيها أوقات شبابنا. جلس إلى جانبي أبو محمد يجر التنهدات وعلى وجهة علامات التعب والبؤس واليأس، قال يا صديقي أن عدن أصبحت اليوم في حال يرثى لها كأنها جزيرة من جزر واق الواق أو قرية من قرى القرن الأفريقي قبل نحو مآئة عام او يزيد ، حقيقية لقد فوجئت بل انذهلت من تلك الصورة التي شاهدت فيها عدن الجميلة عدن الحالمة التي لم تعد كذلك ولم تستطع المشي في شوارعها أو تتسع لسير سيارة عدن لم تعد عدن التي أحبها قلبي وعشقتها جوارحي لقد اختفت كل معالم الجمال وأصبحت تمشي في حيز من الطريق اما بسبب المجاري أو بسبب الشوارع المكسرة وبين هذا كلة توجد نقطة عسكرية في نهاية كل شارع وكانك تمر بين حدود دولتين تربط تلك الحدود مدينة مشتركة عساكر هنا وهناك ينتابك هنا اليقين والتصديق وتنبرئ منك الشكوك وتتيقن بانك ووطنك محتل تختفي كل المغالطات التي كنت تعزي بها نفسك، عشرون نقطة عسكرية من عدن العاصمة إلى صلاح الدين أو عدن الصغرى أما الصحة فحدث ولا حرج وأما التعليم فطامة كبرى أما المنشات العامة أسوار محطمة ومباني فارقة والكثير الكثير ،، لم تعد هناك المساحات العامة التي كنا نلعب فيها يا صديقي ولا السواحل أو الملاهي أو الحدائق التي كان اقلب أيامنا والأوقات نتنزة فيها أصبحت هناك بنيان وقوى متنفذه واطقم عسكرية بجميع الزوايا والأطراف وحتى الأسوار والجدران التي كتبنا عليها ذكريات الطفولة أصبحت متارس وعبارات استيطانية ،لكن ما يهمنا هو حال المواطن وما هو شعورة واحساسة في هذة الفترة وفي هذا الوضع طبعاً لم يعد هناك جنوبي ينكر بأن الجنوب تحت الإحتلال إلا مكابر أو صاحب مصلحة وقد تقلص هذا العدد كثيراً ولم يعد هاولاء الأشخاص إلا بإعداد الأصابع، يا صديقي عدن تحولت إلى ركام من القمامة والخراب والظلام والجفاف عدن ذهبت واختفت معها كل الذكريات والآمال التي كنا نرسمها ، انتهاء حديث ابو محمد وأنا سارح ويدي على خدي اتسائل مع نفسي إلى أين تسير عدن؟ وإلى أين يسوق الكثير من القيادات المشاريع الصغيرة التي لا تحقق للمواطن الجنوبي أي مطالب ولا أمن ولا أرض ولا حقوق ولا بنية تحتية ولا ابسط المقومات الأساسية .