بعيدًا عن السياسة.. اسمحوا لي أن أبتعد، هذا الأسبوع، قليلاً عن السياسة وأكتب في موضوعات أخرى.. ولدي موضوعان: المدارس الأهلية.. و"التعليم": فتحت المدارس وانطلق حوالى خمسة ملايين طالب وطالبة إليها، وارتفعت الأصوات مجددًا تتحدث عن المدارس الأهلية، أو بالأصح عن الرسوم الدراسية فيها.. وموضوع المدارس الأهلية عادة سنوية يعود إليها المقتدرون الذين يسعون إلى مستويات تربية أفضل من المستويات التي يعتقدون أن المدارس الحكومية توفرها، بالإضافة إلى أولياء الأمور -سعوديين ومقيمين- الذين لا يتمكّنون من إلحاق أطفالهم بالمدارس الحكومية.. فالرسوم الدراسية تعلو سنة عن سنة، وتختلف بالطبع من مدرسة أهلية إلى أخرى. بعض أولياء الأمور المتضررين من ارتفاع رسوم المدارس الأهلية يطالبون وزارة التربية والتعليم بالوفاء بوعدها بضبط هذه الرسوم، وإن كنت أعتقد أنه من الصعب تحقيق هذا الأمر، خاصة وأن تكلفة المدارس الأهلية عالية بطبعها لعدة أسباب لا مجال لذكرها هنا. الحل هو في رفع مستوى المدارس الحكومية، وتحسين أدائها.. وهذا جهد يسعى إليه وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، بالرغم من محاولات العرقلة التي تواجه هذا الجهد، ونجح في تحقيق تقدم فيه عبر إنجازات عديدة.. ويتطلب تحقيق الأهداف النهائية جهدًا متواصلاً وزمنًا يتم عبره تغيير عدد من المعوقات الحالية، وتحسين مستوى ثقافة التعليم والإدارة في الوزارة، ومتى تم ذلك فإن الطلب على المدارس الخاصة سيتقلص كثيرًا. وإلى أن يتحقق هذا الهدف فربما تنجح الوزارة في تقليص بعض تكاليف المدارس الأهلية عبر جعل هذه المدارس تتشارك في بعض الخدمات، وربما الأجهزة (ملاعب الجمباز مثلاً) بحيث تتوزع قيمتها ومصاريفها عليها، إذ سيؤدّي مشاركة هذه المدارس لبعضها إلى تقليص النفقات ممّا سيكون بالإمكان عندها خفض أو عدم مواصلة رفع الرسوم. الفساد.. و"نزاهة": في السابق كان الكلام يتردد في المجالس، وأحيانًا في وسائل الإعلام، عن الفساد المنتشر في مواقع معينة وبأسماء محددة، واشتهرت بعض الدوائر بأنها وكر فساد، أو أنها أكثر فسادًا من غيرها، إلاَّ أن كل ذلك كان بدون دليل، إذ يطلق الكلام، الصحيح منه والمغرض، بدون أن يسعى قائله لتقديم الدليل على ما يقول.. إلى أن ظهرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" التي أخذت على عاتقها كشف بعض المستور. آخر تقرير ل"نزاهة"، أشارت إليه صحيفة "المدينة" في عددها الصادر يوم الأحد الماضي، كشف عن تلاعب في بعض عقود التشغيل والصيانة والنظافة التي تبرمها جهات حكومية، حيث حسب "نزاهة" لا يتم تنفيذ هذه العقود من قبل المقاولين والمتعهدين حسب الشروط والمواصفات المنصوص عليها، ومع ذلك تصرف مستحقاتها. ما كشفت عنه نزاهة خطير، فالمشروعات التي تقيمها مؤسسات الدولة قد تنهار إن لم تتم صيانتها وفقًا للمعايير التي تحميها، والتشغيل السيئ يؤدّي إلى عدم الاستفادة الكاملة من المشروع الذي يُساء تشغيله.. إلاّ أن التساؤل هو: كيف أمكن للمقاول والمتعهد الحصول على مستخلصاته، بالرغم من عدم تنفيذه عمله كاملاً أو بالشكل الذي التزم به، فصرف المستحقات يتم عبر إشراك أكثر من شخص في أكثر من جهة.. فهل كان هناك تحايل أو أن (التلاعب) يعم الجميع؟! نحن الآن في المراحل الأولى لكشف الفساد والتضييق عليه، وحماية المجتمع منه، وحتى يتحقق هذا الأمر لماذا لا يتم التشهير والإعلان عن من يثبت فساده، وتصدر ضده أحكام إدارية أو قضائية، فمثل هذا الإجراء سيؤدي إلى تراجع نسبة الفساد، فالذين يخافون من التشهير كثيرين، ويمكن لمثل هذا الإجراء أن يردعهم. على "نزاهة" أن تخطو خطوة عملية أخرى في عملها، وذلك بالإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها أو أوصت بها لوقف "التلاعب" الذي تكشف عنه، وفيما إذا عوقب أحد على فعله.. إذ لا يكفي الكشف عن "تلاعب" أو فساد، بل من المهم أن يعلن عن العقاب الذي أوقع بالمتلاعبين والخطوات التي اتخذت تجاه من ثبت فساده. ص. ب 2048 جدة 21451 [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (5) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain