عرفت من صديق حكاية طالب من عدن لم ينجح في امتحان القبول في كلية طب عدن في السنة الماضية فجمع والده ما توفر لديه من مال ومقتنيات وادخله (نفقة خاصة) على أمل أن (ينصلح) الحال ،حال الأب أو حال البلد، خلال السنة، ولما مرت السنة والحال كما هو تقدم الطالب لامتحان القبول مرة أخرى ونجح هذه المرة، ولأن الأمور تدار في غير مؤسسة بنظام العارض الواحد (one man show) أو المفتي الوحيد فأن هذا الطالب لا يدري هل سيقبل منه الدخول من السنة الثانية أم سيتفتق ذهن المفتي عن تعقيد من نوع آخر؟. كنت ذات يوم بصحبة عدد من الأصدقاء الذين يحضرون الدراسات العليا ( ماجستير ودكتوراه) في مصر وعرفت منهم أن خريجي البكلاريوس من جامعة عدن لا يواجهون صعوبة في القبول كما هو الحال لخريجي باقي الجامعات، جامعات الشقق المفروشة أو الجامعات الحكومية الأخرى بما فيها جامعة صنعاء، ولا ادري هل لا زال الحال كذلك أم أن جامعة عدن قد لحقت بالركب!. في وقفة قلما نجدها هذه الأيام، شهدت إحدى كليات جامعة عدن إضرابا لطاقمها الأكاديمي تضامنا مع الطلاب من فقراء الجنوب، وكل أهل الجنوب فقراء، ضد قرار رفع رسوم التعليم الموازي من (سبعون ألفا) إلي (مائتي ألف) فتم خفض المبلغ إلى مائة وخمسون ألفا، يعني أكثر من الضعف، كما زادت الرسوم الأخرى بما فيها إثمان الاستمارات بنسبة تفوق ال 500%،. الحال أصعب بالنسبة لطلاب الدراسات العليا إذ يطلب من المتقدم أن يحضر خمسة أشخاص ليفتح المساق، ألا يذكركم ذلك بسائق الأجرة الذي يجعلك تصرخ (شيخ .. شيخ) وهو (حاطط رجل على رجل يضحك عليك)؟، ألن تستطيع الجامعة أن تيسر الأمر بوسائلها حتى من خلال الإعلان على اعتبار أن هناك حاجة مجتمعية للعلم وذلك دور الجامعة؟. يشبه بعض الأصدقاء، المتهكمون، مجئ الدكتور عبد العزيز بن حبتور، رغم بصماته الناصعة في الجامعة خلال سنوات مضت، يشبهون مجيئه إلى رئاسة الجامعة كمجئ السادات (رحمه الله) إلى رئاسة مصر بسياسة الانفتاح التي أثرت على دور مصر القومي وزادت فقراءها فقرا، وقيل انه قال (من لم يتغني في عهدي لن يتغني أبدا). نخشى أن تترك الجامعات قداسة العلم إلى تقديس (الزلط) وتصبح مجرد مراكز تحصيل أموال لن تلبث أن تعرض على مقاولين بالمزاد كما يحدث مع (مستثمري!) الشواطئ والمتنفسات ومواقف السيارات الذين يطلق عليهم مستثمرين في حين أنهم مجرد (متكسبين) وربما أن ما خفي كان أعظم. يا د عبدالعزيز ويا د محمد العبادي وبقية الطاقم، أبناء الجنوب فقراء وان تميزوا بعزة النفس واعرف زميلا صحافيا لم يتمكن من إلحاق ابنته بالجامعة لأنه لا يملك مصاريف الدراسة العادية ناهيك عن مصاريف الموازي أو نفقات الطوارئ .. فمن حق أبناءنا أن يحصلون على التعليم، إذ بغض النظر عن أن التعليم حقا أصيلا من حقوق الإنسان فأن الأمم لا تنهض إلا بالعلم وهو حق للفقير كما للغني (وإذا كان أولادنا اليوم لا يجدون الغذاء الجيد فعلى الأقل يحصلون على التعليم عله غدا يتيح لهم ولأولادهم الغذاء الجيد)، أقول قولي هذا واشهد المستقبل الذي لن يرحمنا أن نحن سكتنا ولن يرحمكم أن لم تعملون على ترسيخ قداسة وتيسير العلم للفقراء كما للأغنياء (أن وجد في الجنوب أغنياء). تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية : أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال. أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء. أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم. أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية. لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية. ل "الأمناء نت" الحق في استخدام التعليقات المنشورة على الموقع و في الطبعة الورقية ".