المرشدي: إصلاح حضرموت مثل نموذجاً مميزاً في الشراكة ورافعة اجتماعية وثقافية مؤثرة    تسجيل 27 عملية قتل واختطاف في المناطق المحتلة    إصابة "صعبة العلاج" تكبح 50% من قدرات لامين جمال في الملعب    رسالة شهيد جنوبي: توحّدوا للوطن    فضيحة جديدة لمعمر الإرياني: 12 مليون دولار لموقع إلكتروني!    القوى الكبرى تصنع الأزمات لتملك القرار.. والحل في اليمن هو فك الارتباط السلمي    42 شهيدا في غزة في خرق صهيوني للاتفاق    الإخوان وحلف القبائل.. خطر يهدد وحدة القرار الأمني في حضرموت    منظمة أمريكية: يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية تفشي الكوليرا في اليمن    18 قتيلاً في غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    947 خرقا لتحالف العدوان السعودي الأمريكي في صعدة    اكتشاف أثري في ذمار يسلط الضوء على الإدارة الهندسية المتقدمة للمياه    جزائية صعدة تصدر احكاما بقضايا مخدرات وتواجد غير مشروع باليمن    الجاوي: الحكم بالقوة والإكراه يجعل السقوط مفاجئاً    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    المقالح يصف سلطة صنعاء بسلطة الأهل وعيال العم المعزولة عن الشعب    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    توتر في منتخب إسبانيا.. ثنائي برشلونة يلغي متابعة كارفاخال بعد أحداث الكلاسيكو    المملكة المغربية تقاضي حمالة الحطب اليمنية توكل كرمان في تركيا    المنحة السعودية في طريقها لسداد حساب مكشوف للشرعية في جدة    انطلاق ملتقى "RT Doc" للأفلام الوثائقية بالقاهرة    رئيس انتقالي لحج وضاح الحالمي يعزي بوفاة الأستاذ والتربوي فضل عوض باعوين    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة صرافة    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    مدرسة 22 مايو بسيئون تحيي فعالية توعوية بمناسبة الشهر الوردي للتوعية بسرطان الثدي ..    صحيفة دولية: الدين الخارجي لحكومة المرتزقة يبلغ نحو 7 مليارات دولار    مكتب الصحة في البيضاء يتسلم 4 سيارات إسعاف    النفط يتراجع مع ترقب زيادة إنتاج (أوبك)    إجراء قرعة بطولة التنشيطية الثانية لكرة الطائرة لأندية حضرموت الوادي والصحراء ( بطولة البرنامج السعودي )    نائب وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين والقطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    عقب اشتباكات مسلحة.. قائد محور الغيضة يؤكد ضبط جميع أفراد عصابة تتاجر بالمخدرات    ميسي يحسم موقفه من مونديال 2026    بإيرادات قياسية... باريس سان جيرمان يصعد إلى المركز السابع بين أغلى فرق العالم    البيضاء .. تدشين المخيم الطبي المجاني الشامل للأطفال بمدينة رداع    مجلس القيادة يجدد دعمه الكامل للحكومة والبنك المركزي في مواصلة تنفيذ الإصلاحات    الأرصاد: درجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى ما دون 5 درجات في المرتفعات    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    فلسفة السؤال    أعرافنا القبلية في خطر: إختطاف القبيلة!    الإطاحة بعصابة استغلت العمل الخيري للاحتيال على المواطنين في عدن    مدينة عتق.. عطش يطارد الأهالي ومؤسسة المياه في صمت مريب    اتحاد كرة القدم يعيد تشكيل الجهاز الفني والإداري للمنتخب الأولمبي    سفارات لخدمة العمل اللادبلوماسي    ضبط 369 كجم حشيش في صعدة    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وأخيرا تحول الحوار إلى تفاوض
نشر في الجنوب ميديا يوم 25 - 06 - 2013


مصطفى نعمان
ينشغل اليمنيون في محاولة لفك ألغاز ما جرى خلال الأشهر الستة الماضية، وكيف آلت الأمور إلى اختزال أعمال 565 مشاركا في لقاءات منتجع «موفنبيك» إلى ستة عشر شخصا لم يكن للمواطنين يد في اختيارهم ولا يدركون معايير وجودهم في مؤتمر الحوار، بل إن بعضهم لحق بالركب قبل بداية أعماله، وبعضا آخر دخل ممثلا لأحزاب لا وزن انتخابيا أو سياسيا لها على الأرض.
لقد شكل الموعد المتفق عليه للتوصل إلى توافق حول القضايا التي تناولتها الآلية التنفيذية الملحقة بالمبادرة الخليجية عامل ضغط على الجميع، إلا الذين وجدوا في ذلك ضالتهم لممارسة العبث السياسي والدفع بالأمور إلى زوايا المجهول توخيا للحصول على تنازلات من الأطراف الأخرى، وضاع وقت ثمين في الهروب وافتعال الأزمات، ويوما بعد يوم بدا الأمر وكأنه نتاج اتفاق ما لبثت تناقضاته أن طفت على السطح.
حمل الحوار بذرة التعقيدات التي يواجهها اليوم، وكثر تجاوز لوائحه المنظمة منذ أيامه الأولى، وعجز الموقعون الأساسيون على المبادرة الخليجية عن تشكيل لجنة التفسير التي كان لا بد لها أن تصبح مرجعية ما يتخذ من إجراءات وقرارات، وأن تكون شريكا أصيلا في إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية، وقبلت هذه القوى الأمر تحت مبرر عدم الدخول في جدل قد يعطل - حسب ظنها - العملية السياسية برمتها.
لقد كان من الواضح منذ البداية أن ما يجري لن يكون الفيصل ولا علاقة له بالمساومات والإغراءات التي تدار في الغرف المغلقة وتهدف للتوصل إلى نتائج تصب في مصلحة أطراف سياسية معينة، في الوقت الذي مارست فيه وسائل الإعلام الموجهة لعبتها المفضلة في رفع سقف الآمال والطموحات ما بين واهمٍ ببقاء الحال كما هو، وآخر يريد أن تنفك عرى الوحدة القائمة، وآخرين يتصورون تقسيم البلاد إلى مكونات تحت مسميات مختلفة.
خلال الأسابيع القليلة الماضية ارتفعت حمى الاتصالات والتي كان لمبعوث العناية الدولية وعدد من السفراء الغربيين الدور الحاسم فيها لإنقاذ المؤتمر من الانهيار، وارتفعت مؤشرات الابتزاز السياسي والمادي في آن، وتغيرت المواقف من طرف إلى نقيضه، وصارت الرهانات غير مرتبطة بأهداف سياسية محددة بل بالبحث عن أدوار مستقبلية متخفية تحت عباءة المصلحة العليا كما هي عادة الساسة عند تبرير تقلباتهم التي لا أشك لحظة في دوافعها الشخصية البحتة، ومع اقتراب الموعد المحدد لانتهاء الحوار في 18 سبتمبر (أيلول)، صار من الضروري استخدام كل الوسائل المتاحة لتحاشي إعلان الفشل والخروج بتسويات تتفادى استنزاف المزيد من الوقت والجهد والمال بعد أن اتضح حجم الممارسات العبثية التي حذر الكثيرون من جدواها ومدى جدية نتائجها.
قبل أيام قلائل عاد المقاطعون من فريق الحراك الجنوبي الذي يفترض أنه ممثل للجنوبيين للمشاركة في الحوار، وجرى التوصل إلى صيغة جديدة بشر بها المبعوث الدولي، ويجري بموجبها إجراء مفاوضات، نعم مفاوضات، بين ثمانية ممثلين للجنوب ومثلهم للشمال، برعاية دولية، للوصول إلى اتفاق حول ما صار يعرف بمستقبل الجنوب وارتباطه بالشمال، وهو ما أتصوره تكرارا للمحادثات التي كانت تجري بين النظامين في الشمال وفي الجنوب على طريق الوحدة التي تحققت في 22 مايو (أيار) 1990.. الفارق الفاضح بين الزمنين هو أن المشاركين الجدد لا يمثلون إلا أنفسهم وجزءا من كتلهم السياسية، خاصة الذين يزعمون أنهم ممثلون للحراك الجنوبي الذي يعلم الكل أن فصائله الأساسية وقادته الحقيقيين غير ممثلين في الحوار ويرفضون المشاركة فيه بصورته الحالية.
قبل نحو عامين طرح الزعيم الجنوبي حيدر العطاس فكرة التفاوض على قاعدة الشمال والجنوب، وصولا إلى دولة اتحادية من إقليمين، ولم يلق مقترحه قبولا، بل تعرض لنقد شديد واتهامات بأنه يريد فصل الجنوب.. واليوم توصل دهاقنة السياسة اليمنية إلى النقطة التي كان من المفترض، بل من الواجب، أن تكون نقطة البدء، وهي البحث في مستقبل الجنوب وبقية أجزاء اليمن وعلاقتها بالمركز المقدس في صنعاء.. ومع الإصرار على البدء بالحوار من دون تهيئة جادة، ظهرت ملامح النتيجة التي حاول الكثيرون، خاصة في الشمال، تجاهلها والاستهتار بها وعدم التعامل المسؤول مع احتمالاتها، واكتفى كل طرف بترحيل الحل الذي يريد طرحه إلى اللحظات الأخيرة، وبدا الأمر كأنه مزاد علني بين مجموعة من التجار الراغبين في الحصول على حصة من صفقة مغرية.
إن القبول بمبدأ التفاوض الندي بين الشمال والجنوب، والجلوس على طاولة واحدة لمناقشة مستقبل الوحدة اليمنية، هو اعتراف متأخر بفشل الوحدة وكل ما نتج عنها، ولا أتصور أن هذا العمل سيفضي إلى النتيجة المتوخاة في ظل غياب المؤثرين الحقيقيين في الجنوب، وواضح أن الأسلوب الذي سيجري فيه تتقاذفه الشكوك وعوامل الفشل، ولعل وجود ممثلين للحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي والتجمع اليمني للإصلاح في جانبي طاولة المفاوضات مثير للسخرية ودليل عدم إدراك لخطورة الأمر.. كيف يمكن أن يتناقض عضوان في حزب واحد وإن جلسا في موقعين متضادين؟ أليس في ذلك استخفاف وضحك على عقول الناس؟.. ثم إن إقحام بعض الشخصيات - مع الاحترام الشخصي لها – في قضية يجب أن يقتصر بحثها على المؤثرين على الأرض، لهو دليل على أن البعض ما زال يتصور أن المسألة سيحسمها التصويت.
إن طريقة إدارة الشأن السياسي منذ بدء الحوار تظهر مدى هشاشة الأحزاب التي تمثلت في الحوار وعدم وجود مشاريع بديلة ناجزة، وعملت كلها على الطريقة التي اعتادها من يديرون الشأن العام بترحيل القضايا وتأجيل حسمها.. اليوم تنبه الذين وقعوا المبادرة الخليجية أن مخرجات الحوار تحتاج إلى فترة انتقالية جديدة لتنفيذ ما سينتجه رواد ال«موفنبيك»، وهم في مرحلة من الحيرة لا يعرفون كيف يمكن الاتفاق عليها، ومن وكيف سيديرها، وما هي المدة المطلوبة، وكما كان الحال خلال الفترة السابقة لا بد أن يُكلف بالأمر الوسيط الدولي الذي صارت تدخلاته لإنقاذ الحوار وحل المنازعات بين الفرقاء محل تقدير عند البعض وتندر على عجز الساسة اليمنيين عن الخروج بحلول عند البعض الآخر، وتكفي الإشارة إلى أنه فرض على الجميع نسب المشاركين في الحوار ولم يجرؤ أي طرف على إبداء ملاحظة حول كيفية ما تفتق عنه ذهنه، بل إنه منح أعدادا مبالغا فيها لأحزاب سياسية لا تمثل أي ثقل في الساحة سوى الجعجعة الإعلامية أو رضا هذا السفير أو ذاك.
إن المحاولات التي يقوم بها البعض لاستمرار التركيبة الحالية التي أثبتت فشلها في إدارة البلاد ستصطدم بعراقيل وعقبات ومخاطر تتساقط أمامها كل مغريات الحكم، وستدخل البلاد في صراعات جديدة تضاف إلى ما هو حاصل، ولا يجوز أن يتطلع عاقل إلى تكرار الماضي القريب الذي كان شعاره التحايل على رغبات الناس ومشاعرهم واستمرار الأوضاع القائمة بمبررات انعدام البدائل.
ما هو المخرج؟ سؤال يكرره كل من أواجهه بمخاوفي.. وردي هو أن يعترف هؤلاء أولا بفشلهم في صياغة المستقبل وعندها سنجد جميعا الحل.
*الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.