بشكل سريع مخيف معاً تنامت خلال العقدين الأخيرين ظاهرة ارتفاع معدلات السمنة في مجتمعنا؛ وبات "الأشخاص البدناء" لدينا يشكلون ما نسبته 30 في المئة ممن تجاوزوا حاجز المائة وخمسين كيلو من الجرامات؛ وهو ما يعنى مؤشراً مخيفاً ونذير خطر على الصحة العامة لهؤلاء..!! وتأتي الأسباب لعوامل مختلفة، منها الزيادة في نسبة الدهون داخل الجسم، وارتفاع معدل السعرات الحرارية التي تحتويها الوجبات السريعة اليوم، وكذلك الإفراط بشراهة في المشروبات الغازية والنقنقة ما بين الوجبات الرئيسية، وما يصاحب ذلك أيضاً من كسل وقلة في الحركة اليومية وعدم مزاولة رياضة المشي عموماً، ومنها ما هو ناتج من طبيعة الجينات والعوامل الوراثية، فضلاً عن عدم الاهتمام بالحمية المعتدلة فور ظهور الزيادة في الوزن ما لم تشكل هذه الحمية طبعاً مشاكل صحية على بقية أعضاء الجسم..!! ونظراً لما للسمنة من مشاكل صحية بالغة الخطورة على الأفراد والمجتمعات يتحتم علينا جميعاً كواجب إنساني المساهمة الفعالة للحد من تفشي هذه الظاهرة، ومكافحة أسبابها ومكوناتها بالتحليل والدراسة والعمل الجاد الحقيقي لإنقاذ ما يمكن أنفاذه، وذلك برصد الأشخاص المصابين بالسمنة عن طريق إنشاء جمعية تعنى بالأفراد البدناء، تكون مهمتها بناء مراكز تأهيل متكاملة، تشمل كل طرق العلاج النفسي والبدني والنظام الغذائي الصارم والمجهود البدني الذي يقوم به الشخص، ويفضل أن تكون هذه المباني بمحاذاة المناطق الجبلية، وتكون أشبه بمراكز تدريب..!! مع تحديد وقت الزيارات فيها لهؤلاء الأشخاص من قبل ذويهم وأسرهم وأصدقائهم مرة واحدة في الشهر، ويبدأ دوامهم من السابعة صباحاً، ويبدأ بوجبة فطور خفيفة، وبعد ذلك يبدأ العمل المتنوع ما بين تنظيف الحديقة والتحميل والتنزيل، ويتخلل هذه الفترة أنشطة رياضية وسباحة وبريك واستراحة غداء خفيف أيضاً عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، واستراحة إلى الرابعة عصراً، ومعها يكون دوام الفترة المسائية بالطريقة نفسها حتى موعد صلاة المغرب، ثم تعد لهم وجبات العشاء في التاسعة مساء، ومن ثم يذهبون للنوم بعدها. وهكذا طيلة بقائهم في المركز التأهيلي..!! وبعد مرور الأشهر الستة الأولى يتم قياس أوزانهم ومقارنتها بمحتوى ملفاتهم قبل الدخول، فمن حدث له تغيير، وأصبح طبيعياً، يخرج لممارسة حياته الطبيعية، على أن يتم ربطه بمواعيد دورية للاطمئنان عليه، ومن لا يزال يعاني من السمنة يتم تحويله للمستشفيات المتخصصة للتدخل الجراحي..!! بقي من القول أن مثل هذا المقترح بإنشاء "جمعية بدناء" بميزانية مستقلة لا بد أن يكون من ضمن شروطها تفريغ الأشخاص الموظفين المصابين بالسمنة المفرطة من أعمالهم، واستمرار صرف رواتبهم عن طريق جهات عملهم، مع منح غير الموظفين منهم رواتب مناسبة تشجيعاً لهم لمدة سنة، سواء بقوا في المركز شهرين أو عامين، وهي أقصى مدة لدخولهم مركز التأهيل لتخفيف أوزانهم..!!