صلاح الدكاك لا حوافز ملحَّة لدى علي عبدالله صالح وأحمد علي والعوبلي وقيران والبركاني والجندي، تدفعهم لأن يفكروا في زيارة مديرية شرعب السلام في الظروف الراهنة أو على المدى البعيد.. لكن للمحافظ السابق حمود الصوفي حافزاً واحداً على الأقل يجعل من زيارته للمديرية على مدار العام أمراً بديهياً؛ ومن فرط الصفاقة أن يثير الاستغراب: إنه باختصار أحد أبناء المديرية وليس من حق أيٍّ كان وتحت أي ذريعة أن يسلبه هذه الصفة كما أن على "خصومه" أن يمرِّنوا أنفسهم على تَقَبُّل قسوة هذه الحقيقة منذ اللحظة وألا يتفاجأوا لزيارته على غرار ما حدث الأسبوع الفائت.. كشفت زيارة الصوفي للمديرية – وهي الأولى بعد إقالته من منصبه كمحافظ- مدى عجز "خصومه – الإصلاح تحديداً" في شغل الفراغ المؤاتي الذي نشأ عن غياب أبرز – وربما آخر شخصية مؤتمرية قوية في المديرية وفرض العزلة عليه.. لم يعد "الصوفي" يتمتع بالمزايا الرسمية التي عزا إليها كثيرون مستوى ما حُظيَ به من شعبية قياساً بمنافسيه داخل المؤتمر وخارجه؛ غير أن فشل "الإصلاح" في تأليب أهالي المديرية عليه لدى زيارته الأخيرة أثبت تدني شعبيتهم المفرط في مقابل ارتفاع سخط الأكثرية عليهم واستيائها لأدائهم.. الأمر الذي جعل من "الصوفي" شخصاً مرحباً به، لدرجة نظرَ معها البعضُ إلى عودته باعتبارها "عودة غودو"، وكما لو أنه لم يفقد أياً من مزاياه، راح الرجل يفتتح ويضع حجر الأساس لجملة مشاريع بدأت في عهده أو وعد بها، وشرع في إعادة التيار الكهربائي للمديرية بعد مرور نحو عامين على انقطاعه بفعل مضاعفات الخلاف حول إدارته واستماتة "الإصلاح" في الاستحواذ عليها عبر تمزيق شبكة الربط والحيلولة دون إصلاحها.. طيلة عامين ظلَّت قدرة الإصلاح على الترويع والتخريب، هي برهانه الوحيد في التدليل على وجوده.. بفعل قزامة منافسيه تعملق الصوفي في عيون أكثرية أبناء المديرية المتضررين من برهة "النفوذ الإصلاحي" الوجيزة.. لو كنت بقدرات "الإصلاح" ونفوذه لأكملت سفلتة الطريق الرئيس العاثر إلى قلب المديرية وأعادت الضوء إلى منازلها، وأنشأت ملعب كرة قدم ونصبت شاشة "بروجيكتر" كبيرة لجماهير "البرشا والريال" في كل عزلة و...تركت "الصوفي" يموت كمداً.. لكن ماكينة القدرات الإصلاحية لا تبرع سوى في دهس الخصوم وكيل التُهم وتفريخ البذاءات بلا حدود وبلا قواعد اشتباك.. لذا فقد راح "الإصلاحيون" كالعادة يمطرون "الصوفي" بوابل شتائم عابرة لموانع الأعراف وأخلاق الخصومة على نحو مشين! صرخ "أحدهم" بنبرة من ينقل خبر كارثة: "الصوفي يسرح ويمرح في المديرية مفتتحاً المشاريع وبلغت به الجرأة أن يفكر في إعادة التيار الكهربائي.. من يظن نفسه!! "؛ فقلت ": "إنه يستثمر في نقائصكم ويصل ما قطعتم، فاقطعوا ما وصله..!". ترى هل يدرك قطعان الإصلاح أنهم بهذه الذهنية يكونون هم المعنيين – ولا سواهم- في الآية التي يرتلها شيوخهم على رؤوسهم مساء صباح "أخرجوا آل.. من قريتكم إنهم أناس يتطهَّرون"..؟! وحتى يبلغ القرف ذروته رفع الإصلاحيون مجدداً "قميص محرقة الساحة" وهتفوا لمحاكمة القتلة مختزَلين في "المحافظ السابق" وكما في كل جولة ابتزاز سياسي، أصبحت "دماء الشهداء" –فجأة- عزيزة عليهم؛... وانتزعت مديرية شرعب السلام كل صلاحيات صنعاء لتصبح عاصمة بديلة لليمن.. إن تصفية الخصوم والفرقاء السياسيين بالاحتماء خلف لافتات ثورية بات تكتيكاً سامجاً ويثير السأم، لاسيما حين يلجأ إليه فصيل سياسي لا تزال بصمة مؤخرته وذقنه وأصابعه لزجة وطرية على بياض صفقة التسوية والبيع ب "الكاش" كما لا تزال مليشياته منهمكة في القتل جنوباً وشمالاً ووسطاً، وسواطير قصَّابيه تقطر دماً! إن مفردة "ثورة" بالنسبة للإصلاح هي المعادل الموضوعي للعبارة السحرية "افتح يا سمسم"؛ يتمتمون بها على عتبة كل باب يصادفونه موصداً أمامهم، ويعتقدون أن بوسعها أن تفتح لأطماعهم كل كهوف الكنوز الخبيئة بأبخس الأثمان! إن ساحةً سياسيةً بلا فرقاء أو بفرقاء لا أظافر لهم، هي الساحة المثالية الوحيدة التي يتحقق عليها وجود "الإخوان" ورضاهم، ويتشاطر "إخوان شرعب السلام" و"إخوان مصر المحروسة" نفس الدرجة من الحاجة إليها.. آملُ - بل ينبغي- ألا يأتي ذلك اليوم الذي سيتوجَّبُ عليَّ فيه، أن أحصل على "فيزا المرشد العام أو علي محسن أو الأحمر" حتى أتمكن من زيارة قريتي، دون أن يتصيدني حرس "حدود الله"، بتهمة تعاطي "الحنين غير المشروع"... أسئلة ينبغي أن تطرحها قواعد الإصلاح على قياداته لماذا ظلت قيادة الإصلاح تناشد الصوفي ألا يستقيل من منصبه كمحافظ حتى عقب "اقتحام الساحة"؛ وترى في بقائه محافظاً أمراً ضرورياً ل"حفظ التوازن"؟! ...و لماذا ظلت نشرات الإصلاح الصادرة في الساحة تمتدحه على مدى شهور من الاعتصام. و أخيراً ما معنى التباكي على الساحة إذا كان قرار إحراقها -بحسب قرائن وملابسات كثيرة– قراراً توافقياً بين قيادة اللواء 33 والحرس الجمهوري من جهة، وبين قيادة الإصلاح من جهة أخرى؟! *صحيفة اليمن اليوم