ساعات معدودات فقط تفصل اليمنيين عن موعد قطاف ثمارٍ يانعةٍ طالما انتظرها الشعب طويلاً. وللمرة الأولى يجتمع اليمنيون بمختلف تياراتهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم على طاولة واحدة ليخرجوا جميعاً ملفاتهم العالقة التي لم تعالج منذ زمن. ستة أشهر وبضعة أيام التقى الفرقاء وسادت لقاءاتهم روحانية، لين الأفئدة ورقة القلوب وتخلل جلساتهم النظرة العلمية الدقيقة التي تدرس المشكلة وتبحث لها عن حلول واقعية بعيداً عن منهجية ترحيل المشاكل التي أعيت الشعب اليمني وفاقمت أزماته عقوداً مريرة. في ال 18 من مارس انطلق مؤتمر الحوار الوطني الشامل بصنعاء بمشاركة واسعة من مختلف الطيف اليمني، وغداً الثلاثاء ال 8 من أكتوبر تبدأ فعاليات الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبين هذين التاريخين لحظة تاريخية فارقة احتضنت نموذجاً فريداً في المنطقة، وتجاوزت كل الدول المتطلعة إلى التغيير والتواقة إلى بناء مستقبل أفضل. المركز الإعلامي لمؤتمر الحوار استطلع آراء عينة من المثقفين والمواطنين عشية انطلاق الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، يقول المحلل السياسي عبد السلام محمد رئيس مركز أبعادللدراسات الاستراتيجية : الأهم ونحن نتحدث عن بدء جلسات اختتام الحوار الوطني تحضرنا ثلاثة أشياء "مدى تحقيق أهداف الحوار، ومدى رضى اليمنيين عن مخرجاته، ومدى الحفاظ على اليمن بدون تمزق". ويضيف:" الهدف الأهم للحوار الوطني هو إنجاح الانتقال السياسي والديمقراطي بعد إكمال الانتقال السلمي للسلطة وهو ما يتطلب توافقاً على حل قضايا كبيرة تفرض تغييرات في نظام الدولة والدستور وحل تبعات الصراعات السابقة". ويتابع قائلاً :" من هنا ليس المهم اختتام الحوار الوطني ولكن الأهم الخروج بتوافق جميع المكونات والخوف من اللحظة الحرجة والانسحاب من أي مكون قبل إعلان مقررات المؤتمر، فنجاح المؤتمر هو الخطوة الأولى على طريق وضع حلول جذرية لمشاكل كبيرة عانت اليمن منها طويلا وكانت سبباً في غياب الدولة". ويشير إلى أن اليمنيين وإن لم يلمسوا مع تقدم المؤتمر أي تقدم على الصعيد الأمني والاقتصادي لكنهم ينظرون لمؤتمر الحوار البوابة لدولة تحقق لهم طموحهم في مواطنة عادلة وحياة كريمة، وهذا يستدعي الحرص على أن لا ترافق إعلان مقررات المؤتمر النهائية حالة فوضى قد تستدعي بعض المكونات للعودة إلى المربع الأول وتبرر هروبهم من الانخراط في العملية السياسية إلى الحالة المسلحة. ويؤكد أن أهم هدف لمؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية ولدعم المجتمع الدولي هو منع تمزق اليمن وبالتالي فأي مقررات ستصب في صياغة جديدة للوحدة وللدولة اليمنية الحديثة. من جانبه يأمل محمد الكبوس (صاحب بقالة) أن يحقق مؤتمر الحوار الوطني هدفه المنشود في الخروج بالوطن إلى بر الأمان، ومعالجة كل الإشكاليات، كما يتمنى أن تحسم الأمور بتوافق خاصة فيما يتعلق بالقضايا الكبيرة مثل القضية الجنوبية وقضية صعدة وشكل الدولة، بغية الوصول إلى استقرار أمني واقتصادي. ويقول محمد السمحي (موظف حكومي ):" ننظر بترقب لمخرجات مؤتمر الحوار، وندعو الله العلي القدير أن يخرج المتحاورون بصيغة توافق لأنهم نخبة الشعب ".. ويتمنى أن يستطيع المشاركون في المؤتمر النأي بالبلاد عن الخلافات التي تقود إلى الحروب وتعيد الوطن إلى مربع الصراعات الأول .. لافتاً إلى أن الجميع سيخسرون إن لم يصلوا إلى توافقات. ويؤكد أمين السقاف أن الوصول إلى هذه المرحلة الختامية يعني دلالة واضحة على نجاح مؤتمر الحوار الوطني رغم ما رافق النقاشات والجلسات من اعتراضات البعض ومن تباينات في الآراء، وهو ما يؤكد أيضاً أن المؤتمر سينجح إن شاء الله. وفي ذات الصدد يقول ياسين البكالي ( تربوي وشاعر ) :" الحق أنه يحمل الأمل والألم معاً والأمر يتعلق بصدق النوايا وأعتقد أن كثيراً من الإخفاقات رافقتهم ولكن روح الوطن كانت تسيطر كثيراً على مواقف الكثير". ويضيف :" الجميع يرغبون في أن يخرج الجميع بوطن واحد خالٍ من كل الأورام الطائفية والمناطقية والجهوية والحزبية التي لم يكن الحوار إلا لاستئصالها". ويرى محمد السناب ( محاسب) أن الحوار الوطني هو طاولة فرشت عليها كل ما اختلفنا فيه لنصل إلى حلول لذلك الاختلاف، وليس شرطاً أن تكون حلول كاملة بل تفضي إلى تقارب وجهات النظر ليخرج الوطن من عنق الزجاجة ويصل الى بر الأمان. ويشير إلى أنه لن يتم ذلك التقارب إلا بتقديم تنازلات لكي يسير مركب الحوار إلى شاطئ التوافق.. مؤكداً أن الحوار الوسيلة المثلى والراقية للوصول الى حلول مرضية للجميع، خصوصاً وأن الجميع ملوا من أصوات البنادق والتي تحصد كل ما تجده أمامها بما فيها أصحابها. أنور التاج مدير تحرير مرصد البرلمان اليمني أعرب عن تفاؤله الكبير بالوصول إلى الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل خصوصاً وأن الخطوط العامة حول القضايا الرئيسة في أجندة المؤتمر قد تم إنجازها بنسبة عالية عدا بعض القضايا التي لاتزال تسود حيالها حالة من الضبابية وعدم وضوح الرؤية. ويقول :" قد يكون من الصعوبة التعاطي مع بعض المخرجات خصوصاً وأننا لم نصل إلى درجة الوعي التي تجعلنا قادرين على التعاطي مع بعض المواد أو المحددات في ظل انتشار الأمية والجهل خصوصاً فيما يتعلق بشكل الدولة" ويؤكد أن المؤشرات تؤكد على أن هناك قدر كبير من الأمل في أن ينجح الحوار في تنفيذ كافة أجندته لأن حكمة اليمنيين تتجلي في المواقف الصعبة وفي الأزمات.