جاء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني بعد ظروف عاصفة مرت بها البلاد وازمة طويلة امتدت لسنوات كادت فيها الدولة ان تتمزق والمجتمع ان يتمزق ويفقد تماسكه الاجتماعي والوطني من خلال ماحدث في صعدة وفي الجنوب. بعد هذه الفترة وبمجيء الثورة الشبابية وما وضعته من آلية لانتقال للسلطة ومعالجة الاوضاع ممثلة بالآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي مثلت من- وجهة نظري- افضل خارطة طريق لفترة انتقالية في دول ما يعرف ب«الربيع العربي». جاء مؤتمر الحوار.. وكان اليوم الاول في جلسته يوم الافتتاح وجلستي اليوم الاول والثاني من ايام المؤتمر التي شاهدها ابناء الشعب اثناء البث المباشر كان لها دلالات كثيرة ابرزها ان هذا المؤتمر يمثل كل اطياف الشعب اليمني في سابقة غير معهودة سواء في بلادنا او حتى في المنطقة العربية اذ لم يستثن احداً لا من الدعوة ولا من المشاركة.. هذه الدلالة ان هذا الحوار بقدر ماهو شامل في عضويته وفي تمثيله هو بالقدر ذاته شامل في القضايا التي هي مطروحة امامه.. وثالث هذه الدلالات: ان لا سقوف لهذا الحوار ولا حجم لحق اي كان في طرح ما يراه من حلول للقضايا الوطنية إلاّ التوافق والمصلحة الوطنية والحوار.. ورابع هذه الدلالات: ان كل الذين تحدثوا في الايام الثلاثة وفي المقدمة رئيس الجمهورية كانوا يتحدثون عن يمن جديد مختلف.. يمن عادل تعاد فيه توزيع السلطة والثروة ويعاد فيه بناء الدولة على أسس مختلفة.. ومن ثم هذا المؤتمر هو مؤتمر التغيير,ومؤتمر اليمن الجديد..مؤتمر تغيير شامل..وليس مؤتمر اصلاحات جزئية او ترقيعات.. مؤتمر يواجه مظالم وصراعات الماضي ليزيلها..ويواجه مطالب ومظالم الحاضر بدءاً من القضية الجنوبية وقضية صعدة ووصولاً الى كل المظالم الاخرى وينطلق لوضع اسس لدولة مدنية عصرية ديمقراطية لا مركزية تلبي مطالب الذين خرجوا للثورة ومطالب الاجيال التي طمحت لبناء هذه الدولة, ولم تحققها في فترات مضت لاسباب مختلفة.. اعتقد ان الذين كانوا متشائمين من الحوار بمن فيهم بعض الذين دخلوا الى الحوار وهم يحملون هذا التشاؤم ارتفع سقف التفاؤل لديهم.. ولهذا اعتقد ان الرؤى ستتقارب لان حوار المحبطين ينتج تباعداً في الرؤى وتمسكاً بالآراء الذاتية.. فيما حوار المتفائلين المتطلعين للمستقبل يؤدي الى تقارب في الرؤى وينتج توافقاً وطنياً يحقق مصالح جميع ابناء الوطن.. واعتقد ان الشارع الذي راقب ويراقب ما يجري في مؤتمر الحوار الوطني، وقد شهد الكثير من الحوارات او الحديث عن الحوارات في السنوات الماضية وهو يدرك الان ان هذا حوار مختلف.. كما اني اعتقد بان هذا المسار للحوار سوف يشجع من لم يلتحق بالحوار ان يتحلى بروح الالتحاق به ليس فقط لانه لا مخرج ولا حل لاية قضية من القضايا بما فيها القضية الجنوبية.. ولا افق ولا مشروع بعيداً عن الحوار.. وليس هناك مخرج ولا حل ولا مشروعية ولا افق إلا عبر الحوار، وان الدلالات الاولى التي اشرت اليها.. تقول ان هذا حوار جاد ومسؤول.. وحقيقي وانه يمكن ان ينتج كل ما يتطلع اليه كل يمني من دولة عادلة تضع في أولوياتها دوماً الاستقرار والتنمية.. وأود ان اختم حديثي هذا لاقول ان هناك كثيراً من الصعوبات ولايعني ان الامور سوف تحل بين عشية وضحاها.. لدينا ستة اشهر لاستمرار الحوار واستكمال قضاياه.. ومن المتوقع ان يدور خلال هذه الاشهر الستة الكثير من الجدل وربما الخلافات.. ولكني اعتقد اذا استمعنا بتمعن للكلمات التي القيت على مدى الايام الثلاثة الماضية ومهما قيل فيها او ظهر فيها من تباين وتناقض او شطط اوغلو في بعض الكلمات فهي في تقديري اقل مما كان متوقعاً.. لا ننسى ان كل الاطراف اليمنية والفرقاء الذي لم يلتقوا مع بعضهم البعض في مكان واحد لسنوات مضت.. هذه اول مرة يلتقون..ومع ذلك يبدي الجميع حرصاًوتعاوناً حتى لو غالى البعض في كلامه اوفي تصوراته او مطالبه.. والمحصلة النهائية ان هناك مجموعة من «الضوابط» التي وقعت لهذا المؤتمر بما فيها ما ورد في النظام الداخلي التي استفادت من تجارب الحوار الوطني في مختلف انحاء العالم تضمن ان لا احد سينفرد بالقرار سواء كان هذا «لا أحد» طرفاً ممثلاً لطرف سياسي او جماعة او منطقة.. كما ان «لا أحد» يستطيع ان يعطل هذا المؤتمر.. والنتيجة التي سيخرج بها المؤتمر ستكون الحصيلة هي التوافقية للجميع.. وما يتوافق عليه اليمنيون لن يكون إلا الخير ان شاء الله. عضو لجنة الحوار- عضو التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري