أ.د. طلال بن عبدالله المالكي مكافأة طلبة الجامعات.. حديث ذو شجون بل وموضوع شائك ومعقد، في هذا المقال، سألقي عليه بعض الضوء.. وسأطرح حوله بعض الأفكار، انطلاقًا من موقعي كطالب جامعي سابق وعضو هيئة تدريس ومسؤول إداري في إحدى الجامعات السعودية، وكأب لأبناء يدرسون في الجامعات السعودية، وكمواطن يراقب نبض الشارع وتفاعله حول هذا الموضوع. في البداية سوف أؤسس لحديثي بذكر بعض الحقائق المسكوت عنها حين الحديث عن المكافأة الشهرية لطلبة الجامعات، ومنها: في تقديري أن المملكة هي البلاد الوحيدة التي تصرف لكل طلبتها الجامعيين مكافأة شهرية ثابتة، من تاريخ الدخول وإلى أن يتخرج الطالب الجامعي، ولا تحكمها أبدًا إلا ضوابط محددة، كما وتقدم الجامعات الدعم لكثير من الخدمات الطلابية كالوجبات والكتب مع تفاوت بين الجامعات، أضف إلى ذلك أن وزارة التعليم العالي بالتضامن مع الجامعات يعملون على تنفيذ توجيهات ولاة الأمر في توفير السكن الجامعي لجميع الطلبة المنتظمين في داخل المدن الجامعية سواءً القديمة منها أو التي تحت الإنشاء. أؤكد أن هذا التذكير ليس للمنّ ولم يقل بذلك أحد، فقد كان المسلمون في تاريخهم المجيد، يُجرُون على طلبة العلم الأوقاف ويصرفون لهم الأعطيات والمكافآت طالما كانوا يطلبون العلم، أعرف أن الكثير سيعلق وسيقول: "كلام من داخل النظام" و"مجامل للمنظومة الجامعية"، ألم أقل لكم أن الموضوع ذو تعقيدات..!؟ إنني، وبعد هذه المقدمة التي قد لا تتوافق وآراء الكثيرين فيما أظن، أؤكد أهمية استمرار المكافأة لطلبة الجامعات، لكن دعوني أطرح بعض التساؤلات المشروعة، ليجيب عليها الطلبة وغيرهم من المهتمين فيما بينهم: 1- هل يجوز أن نساوي بين الطالب المتميز علميًا والطالب المهمل اللا مبالي؟ في نظري المكافأة تصلح ويجب أن تكون حافزًا للتميز. 2- هل يصحّ أن نساوي بين الطالب الذي يحضر كل محاضراته ويقوم بالتزاماته الأكاديمية، والطالب الذي يؤدي فقط الحد الأدنى على أحسن الأحوال؟! 3- هل من المقبول مساواة الطالب الذي يشارك في كل المناشط اللا منهجية، والخدمات التطوعية، وخدمة المجتمع، والطالب الذي لا يحضر للجامعة إلا لماما وفي وقت الدروس فقط!؟ لكل ما تقدم، ومع تأكيدي على أهمية استمرار المكافأة الشهرية لطلبة الجامعات، فإنني أرى أنه يجب أن تقسم المكافأة إلى قسمين؛ قسم يصرف لكل طلبة الجامعات المنتظمين دون استثناء، وسأضع رقما تقديريًّا مبلغ 750 ريالا، ونصف ثان من المكافأة يُربط بإنجازات الطالب الجامعي المثبتة نظامًا في السجلات الجامعية، والخاضعة للمتابعة والمحاسبة والقياس، وغير القابلة للتحايل والتي تصل في أقصى حدودها لرقم تقديري آخر يقدر ب1250 ريالًا؛ وتشمل هذه المناشط (الانتظام في الحضور والحسم في الغياب، التميز العلمي والبحثي، المشاركة في الأنشطة اللا صفية والمجتمعية التي تطرحها الجامعة.. الخ). أضف إلى ذلك ما يجب أن توفره الجامعات من العمل بنظام الساعات للطلبة والطالبات في (المكتبات، الصالات الرياضية، المعامل والمختبرات الدراسية والبحثية.. الخ). إنني بقدر تفهمي وتعاطفي الشديد مع تطلّع الطلبة لرفع المكافأة الشهرية، إلا أنني أجزم أنهم يتفقون معي أننا كطلبة وكمجتمع وصلنا إلى درجة من النضج تجعلنا ندرك أهمية تحمل المسؤولية كمواطنين أولًا وكطلبة ثانيًا، ولعل مقترحي أعلاه يبدأ في تجذير هذا الإحساس تدريجيًا من خلال العمل الجادّ وبذل الجهد لاكتساب أكبر جزء من المكافأة.. كلٌ حسب كسبه وجده واجتهاده واستحقاقه.. "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".. وبالله التوفيق.