الاستهلاك هو الصفة الطبيعة فى حياتنا، فكُلٌّ منَّا مستهلك، ولكن بالتحديق تجد أن هناك من يستهلك بشراهة دون أن ينتج، ومن يستهلك ويترشد وينتج. إن من أهم الأسباب التي تضعف مكانة كثير من الدول العربية هو كونها دول تستهلك أكثر مما تنتج، وهي في الغالب تستهلك موادًا مستوردة من الدول الغربية الصناعية مما جعل لتلك الدول مكانة مرموقة عالميًا. من هنا فإننا عندما نتحدث عن ترشيد الاستهلاك فإننا نهدف بذلك على الصعيد الخاص إلى توجيه العادات الاستهلاكية الغذائية، بحيث يتسم السلوك الاستهلاكي للفرد أو الأسرة بالتعقل والحكمة الموضوعية، وبحيث يكون استهلاك الفرد من الأغذية حسب احتياجات جسمه، وبالكميات والنوعية التي تحقق له اتزان الفائدة، والتي تفي باحتياجاته اليومية من السعرات الحرارية دون زيادة أو نقصان مما يزيد من نشاط وحيوية الفرد وينعكس بدوره على إنتاجية الفرد واستهلاك الأسرة، ومن ثم على استهلاك المجتمع وحيويته. ونهدف بالترشيد على الصعيد العام إلى تحسين نمط حياة الأفراد، والعمل على رفع مستوى معيشتهم والتطوير الاقتصادى من خلال تنمية مختلف القطاعات، وبالأخص التطبيق المنظم والشامل للغذاء والزراعة، والتي تشارك فيها تلك القطاعات إضافة إلى توفير الكمية المناسبة من الأغذية ذات النوعية الجيدة والمأمونة صحياً وذات الأسعار المناسبة. الجدير بالذكر أن هذه الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك لا يقصد بها الحرمان من التمتع بملذات الدنيا بقدر ما يقصد بها العمل على تربية النفس، حتى يتمكن المسلم من القيام بدوره في النهوض بالأوطان.. كما يقصد من ذلك التوسط وعدم الإسراف في الاستفادة من نعم الله عزوجل. لذا فإن هذه الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك لا تنطلق من فراغ، وإنما ترتبط بحسن عبادة المؤمن لربه، فلابد من الترشيد في استهلاكنا وفي كل جوانب حياتنا لما يترتب على ذلك من الفوائد التي تعود بالنفع العام على الجميع. إبراهيم أحمد المسلم - الدمام