منذ سنوات طويلة، ونحن نتوقع هذا (الحزم) -كعادة حكومتنا الرشيدة- لوقف الاستهتار بالأنظمة والقوانين، ويبدو أن خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، بدأ فعلاً مرحلة الحزم وبقوة. قرار سجن، وترحيل المخالف للنظام، حق من حقوق الدولة، كي يستتب الأمن، ويُحفظ النظام؛ لأنه -على ما يبدو- لم يكن هناك التزام كامل من قِبَل بعض الحجاج بأمر تصريح الحج -خلال السنوات الماضية- إلاّ ممّن أراد الحج عن طريق مؤسسة، لأنهم مسؤولون عن استخراج التصاريح، أمّا مَن نوى (الافتراش)، والحج (بلاش)، والتسلل يوم الوقفة، واستغلال مشاعر رجال الأمن عند المنافذ بملابس الإحرام؛ فهو لن يسعى لاستخراج تصريح، بل عقد العزم على الحج بهذه الطريقة منخفضة، أو معدومة التكاليف، وهو يعلم أنه مخالف لنظام الحج، كما أن تلك الأعداد الكبيرة التي تبلغ مئات الآلاف من المفترشين، كانت لا تصغى، للمطالبات والمناشدات التي توجهها مؤسسات الدولة كل عام بترك الفرصة لضيوف بيت الله الحرام، والتزام النظام بالحج بطريق نظامي أي عن طريق استخراج تصريح. لا أعرف ما هي مشاعرهم، أعني الذين كانوا ينوون (الافتراش)، فمن حق الدولة، إلزام الجميع بالأنظمة والقوانين، كي تتمكن الأجهزة المختلفة من أداء مهماتها بالشكل الصحيح. في كل دول العالم هناك أنظمة وقوانين نحترمها بشدة؛ لأننا نخاف التعرّض للعقاب في حالة المخالفة، لكننا نستهين هنا بالأنظمة، حيث إن بعضها لا يردفها عقاب للمخالف، ربما لذلك نطالب دائمًا بسن قوانين تُنظِّم كل حركة نتحرّكها على أرض الوطن، على أن تسري هذه القوانين على الجميع دون تمييز، ودون محاباة، ربَّما نُجْبَر على احترام النظام، صحيح أن هناك فرقًا بين القانون والنظام، فالأول تصدره السلطة التشريعية، وتتابع تنفيذه السلطة التنفيذية، وتحاكم على مخالفته السلطة القضائية، أمّا النظام فهو تنظيم تتضمنه لائحة داخلية لمؤسسة، أو هيئة حكومية، أو أهلية، وبما أن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل هو رئيس لجنة الحج المركزية، فهو مختص بتنظيم كل ما يتعلق بأمور الحج، وبصفته أمير منطقة مكةالمكرمة فيحق له إصدار تنظيم مردوف بعقوبة تحدّ من تجاوز هذا التنظيم، وتعمل على إنجاح خطط الحج، وتساهم في تيسير وتسهيل الأعمال المتعلّقة بالحج، وراحة وسلامة الحجاج النظاميين الذين يعتبرون ضيوف الله، لأنهم لم يعقدوا العزم في آخر لحظة، بل فكّروا ودبّروا وقرّروا حتى منحهم الله هذه اللحظة النادرة في حياة الإنسان "حج بيت الله الحرام، والوقوف بعرفات الله". منذ تولى خالد الفيصل مسؤولية إمارة منطقة مكةالمكرمة، المنطقة المهمّة والحيوية؛ لأن بها بيت الله الحرام، والمشاعر المقدسة، وبها مشكلات متراكمة، وهو يعمل على عدة جبهات لتصحيح أخطاء الماضي، ورفع مستوى الأداء في المؤسسات ذات العلاقة بالإمارة مثل الأمانة، وفي كافة المؤسسات العاملة في موسم الحج. لا أحد منّا يمكن أن تسقط من ذاكرته كارثة سيول جدة، وهي إحدى الجبهات المهمّة التي استنفدت من سمو الأمير خالد الجهد والوقت لحل المشكلة من جذورها العميقة، ومازال العمل يجري في شوارع جدة وأحيائها لإحداث نقلة حضارية بها، ورغم ذلك وصل بنا الأمر حدّ التذمر من تلك المشروعات، مع علمنا أنها لخير مدينة جدة، وأنه لا بد من الصبر كي ننعم بمدينة تستحق العشق كجدة، لكنها طبيعة البشر، لا يأتلفون مع الأنظمة والمتغيرات التي تمس مصلحتهم، وهذا ما حدث مع تنظيم الحج لهذا العام، حيث عاكست الرياح مراكب الكثيرين الذين اعتادوا الإحرام، وركوب مركباتهم، والذهاب إلى عرفة كل عام، والجلوس في أي مكان (الافتراش)، وهو بهذا يظن أنه أرضى ربه، وأدّى فرضه، مع أنهم كل عام يُؤدّون الحج وهو فريضة تُؤدَّى مرّة واحدة في العمر لمن استطاع إليه سبيلاً، والاستطاعة بدنية ومادية، والافتراش ومخالفة الأنظمة ربما يذهب بالأجر، كما تذهب الرياح بحفنة الهباء! هذا العام اتخذ خالد الفيصل قرارًا ربما يوقف هذه المهزلة السنوية (الافتراش) الذي تسبب في الأعوام الماضية في كوارث أليمة، كما أنه يتسبب في تراكم المخلفات التي يتركها معظم المفترشين في الأماكن المحيطة بهم، وهو مشهد غير حضاري يؤثر سلبًا على أداء مؤسسات الدولة. بعض الموضوعات التي كانت مثار شكوى متكررة، ومطالبات دائمة بتصحيح أوضاعها ناهزت الحل، مثلا: نقل الإدارات الحكومية خارج منى، قال الفيصل: إن هناك نقل جزئي أي أن 20 إدارة تم انتقالها وسيكتمل النقل الكامل بعد اكتمال المبنى، انتقل هذا العام 10 إدارات حكومية على أن تستكمل البقية في العام المقبل. هذا النقل سيُوفِّر 23% من المساحة، وستوفر بالكامل لحجاج بيت الله الحرام، جاء ذلك في لقاء سموه الذي عرضته القناة الأولى، ونشرته جريدة المدينة الاثنين 9 ذو الحجة. حج مبرور وسعي مشكور.. وكل عام وأنتم بألف خير. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain