م. طلال القشقري من الكلام الجميل، ذي العيار الثقيل، الذي أثنى به ابنُ خلدون، قبل مئات السنين، على المهندس ومهنته، قوله: "إنّ مهنة الهندسة تفيد صاحبها، وتُورّثه إضاءة في عقله، واستقامة في فكره، لأنّ براهينها بيّنة الانتظام، جليّة الترتيب، لا يكاد الغلط يدخل أقيستها، فيبْعُد الفكر بممارستها عن الخطأ، وقد زعموا أنه كان مكتوبًا على باب أفلاطون: (من لم يكن مهندسًا فلا يدخلنّ منزلنا)، وممارسة علم الهندسة في الشيء بمثابة الصابون للثوب، يُنقّيه من الأدران والأوضار!. أمّا الآن ولو كان ابنُ خلدون حيًا واطّلع على الحال المتواضعة للمهندس السعودي، مهنيًا ومعيشيًا، خصوصًا ضمن نظام الخدمة المدنية لربّما قال: "إنّ مهنة الهندسة تضرّ صاحبها، وتُورّثه ظلامًا في عقله، واعوجاجًا في فكره، لأنّ حوافزها عديمة الوجود أو الانتظام، ومتواضعة القيمة، ولا يدخل الإبداع ضمن وظائفها وأنظمتها، فيقْرُب الفكر بممارستها من الإحباط، وقد زعموا أنه كان مكتوبًا على باب أفلاطون: (من كان مهندسًا فلا يلومنّ إلا نفسه)، وممارسة علم الهندسة في الشيء بمثابة القار للثوب، يجلب له الأدران والأوضار"!. نعم، لربّما قال ابنُ خلدون ذلك، ولم لا يقوله؟ فمهنة الهندسة لدينا الآن تُعاني من داء خطير هو متلازمة عدم التقدير، والمهندس السعودي قد ملأ الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي بطموحاته المهنية التي هي من أبسط حقوقه، دون أن يتحقق أيًا منها، ومن أهمّها كادره الوظيفي، أسوةً بكادر زميله الطبيب، وها نحن على مشارف العام الجديد، 1435ه، فهل سيكون عام الانطلاقة المهنية الحقيقية له؟ ليُواكب مشروعات بلده العملاقة؟ والتطور الهندسي الحاصل في الدول الأخرى؟! أم تُراه سيكون عامًا سلبيًا آخرًا يُضاف للأعوام السابقة؟ بما فيها من مُعاناة تجعل مهنته طاردة للطلاب الجُدد والطالبات، أو مدعاة لندمهم إن نالوا شهادتها، فقد فقدت جاذبيتها الكبيرة، وخسرت أفلاطونيتها الجميلة، ومعهما كلّ ألوان الطيف التي اكتسبتها من سالف العصر وقديم الزمان!. @T_algashgari [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :