تتصاعد عمليات استهداف كوادر الجيش والأمن على نحو ممنهج. جرائم شنيعة تطال العمود الفقري للدولة. وبينما تتوالى انباء الاغتيالات المنظمة التي تواصل حصد الضباط والجنود منذ شهور، يزداد الوضع الأمني هشاشة وانكشافاً. الأمر محزن وفاجع، لا شك، بالنسبة لكل اليمنيين الحالمين بمستقبل أفضل. والأيام الأخيرة تركزت معظم عمليات الاغتيالات والاستهدافات في المحافظات الجنوبية بالذات. ولقد تنوعت العمليات خلال ما مضى كالتالي: اغتيال في صنعاء، عبوة ناسفة، هجوم انتحاري، إسقاط طائرات، كاتم صوت في تعز ولحج عبر دراجة نارية، وصولاً إلى المكلا، استهدافات جريئة لمنشآت عسكرية وأمنية في شبوة والبيضاء ووصاب..إلخ. غير انه على قيادة الدولة إدراك حجم المخاطر التي تتهدد تماسك الجيش والأمن في ظل العمليات التي تتركز على زعزعتهم بهذا الشكل المتوحش الذي يصر على بلوغ غايته. بالتأكيد يبقى السؤال طبيعياً: من المستفيد؟ الشاهد ان مسلسل الاغتيالات يؤشر لمزيد عراقيل أمام الحوار الوطني، فضلاً عن ان النافذين المتضررين من حيثيات المرحلة الانتقالية اضافة الى هيكلة الجيش والأمن غايتهم إدخال البلد في مآزق متتابعة مهندسة بعناية فائقة ودك معنويات المؤسسة العسكرية والأمنية مع توجيه رسائل لجميع الأطراف السياسية أيضاً. وللتذكير؛ فإن من أشنع العمليات الأخيرة الكبرى التي كادت ان تطرح ما تبقى من هيبة الجيش والأمن في الحضيض: قتل تنظيم القاعدة 13 جندياً في هجوم على معسكر للجيش في أبين اللواء 111. واستيلاء عناصر من التنظيم على مقر قوات النجدة بالبيضاء، ثم فرضها على المؤسسات الحكومية والمدارس منع إجازة السبت التي أقرتها الحكومة.. وفي السياق كان تنظيم القاعدة كذلك اقتحم قبل أسابيع مقر قوات المنطقة الشرقية بحضرموت فقتل وأسر العشرات من الجنود، وقبلها قتل ذلك التنظيم الإرهابي 56 جندياً بشبوة. الواضح انه مخطط الشر بعد شهور حافلة بالأرقام القياسية لعدد الاغتيالات وتفاقم مؤشرات الجريمة المنظمة وضحايا القتل العمد وانتشار السلاح المنفلت في المدن الكبرى وحتى في وسط العاصمة، إضافة إلى عمليات تنظيم القاعدة الرهيبة وحوادث الاختطافات وأعمال التخريب التي تتعرض لها باستمرار خطوط إمدادات الطاقة. خلافاً لذلك تطور الأمر في العمليات الاغتيالية ضد كوادر الجيش والأمن حتى ان منفذين لها صاروا يرتدون زي الأمن في عملياتهم.! وطبعاً تبرز القاعدة في الواجهة كما نلاحظ، وهي متورطة وتمارس الانتقامية بكل ترصد، لكن مراقبين يرون ان القاعدة صارت قفازاً أيضاً بيد من يغذون الصراع السياسي المنعكس منذ فترة وبشكل مباشر على المؤسسة العسكرية والأمنية. لكن حتى الآن لم يتم القبض على الجناة وجميع المتهمين في كل الحوادث السابقة، كما تفتقد خطط المواجهة اتخاذ تدابير حماية ملحة ونشطة. ولقد كان رئيس الجمهورية أكد قبل أسبوعين على اختراق القاعدة للوضع الأمني ما يعني انه من الضروري تصفية الجيش والأمن والمخابرات من الإرهابيين والمتشددين حسب ما يجمع عليه المراقبون. بينما كان رئيس الجمهورية شدد مراراً على أن الاغتيالات التي ينفذها تنظيم «القاعدة» ضد قادة الجيش والأمن لن توقف الحرب ضده، متعهداً بمواصلة الحرب على هذا التنظيم.