واشنطن تراجعت عن العدوان ضد سوريا أولا .. وانفتحت على إيران منهية عقود طويلة من العداء مع طهران ثانية وجمّدت المساعدات العسكرية لمصر ثالثا .. وأيّدت الحل السياسي للأزمة السورية أخيرا. دمشق (فارس) تطوراتٌ استراتيجية طرأت على الساحة السياسية الدولية وفي منهج واشنطن بتعاملها مع القضايا السياسية للشرق الأوسط، كانت كفيلة بتوتير العلاقات بين المملكة العربية السعودية من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى . التأزم في العلاقة بين واشنطن والرياض ظهر في منتصف طريق التحضير لمؤتمر جنيف 2 حول الأزمة السورية، ووصل ذروته بإعلان رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان عن أن المملكة ستحد من تعاونها مع واشنطن احتجاجا على موقفها إزاء سورياوإيران. التحضيرات حول المؤتمر الذي يراد منه إيجاد حل سياسية للأمة السورية لا تزال تتراوح بين تحديد الموعد في 23 تشرين الثاني أكتوبر القادم وبينة غموض في الموقف الرسمي للأمم المتحدة الرافض للالتزام بأي موعد حتى الآن. في ظل هذا وذاك يخرج "الإئتلاف" المعارض المدعوم كليا من المملكة العربية السعودية المتأزمة في علاقاتها مع واشنطن والمقيم في تركيا التي تشعر بالخيبة من الحال الذي وصل إليه الإخوان المسلمين في المنطقة بعد "مرحلة ازدهار" لم تتخطى في أقصاها السنتان، يخرج الائتلاف كرافض للمشاركة في هذا المؤتمر ويضع الشروط الكفيلة بإنهاء جنيف حتى قبل أن يبدأ. أوساط المعارضة السورية ترى أن احتمالات عقد هذا المؤتمر لا تزال بعيدة، وترى أن من الصعب جداً حصول ذلك في المواعيد التي تحدد من قبل بعض القوى الدولية، لا سيما أن الخلاف حول تفسير بنود مؤتمر جنيف الأول لا يزال قائماً. محاولة هروب إلى الأمام لا أكثر هو مؤتمر جنيف وفقا لرأي المعارض السورية الداخلية خصوصا في ظل عمل جهات إقليمية فاعلة على إفشاله بكل الوسائل، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال التصعيد الذي يقوم به "الإئتلاف" مدعوماً من السعودية. الإحساس بالفشل لدى الائتلاف ومن وراء السعودية التي انسحبت خائبة من مجلس الأم مرده قناعة نهائية لدى الائتلاف وداعميه أن جنيف يعني قلب المعادلة السورية رأساً على عقب، وسيمنح القيادة السورية ضوءا أخضر بالتهام المعارضة السورية والقضاء على المسلحين الذين يقاتلون في صفوفها. إعلان الكثير من المجموعات المسلحة سحب الشرعية عن الائتلاف، وقدرة القوى الدولية على اتخاذ القرار في حال أرادت عوامل تجعل فكرة انعقاد مؤتمر جنيف 2 من دون مشاركة "الإئتلاف"، قائمة ومطروحة للبحث . تأكيد قوى المعارضة من خارج "الإئتلاف" مشاركتها في المؤتمر عند الدعوة إليه، إضافة إلى مشاركة شخصيات وقوى من داخل الائتلاف بشكل مستقل، في ظل الخلافات القائمة كلها عوامل تتضافر لتقوية احتمالات انعقاد جنيف حتى من دون الائتلاف. في ظل كل ذلك تظهر الشخصيات التي تراهن على الغرب من أجل ان حجز موقعاً لها في المستقبل، لكي تسوق نفسها إلى مؤتمر جنيف كأحد الأطراف الراغبة بانعقاد مؤتمر جنيف. في ظل هذه العوامل وغيرها تبدو القيادة السورية رابحة على كافة الاحتمالات، ففي حال انعقاد المؤتمر تبدو أوراق التفاوض التي بحوزة دمشق كافية لتحقيق المكاسب السياسية التي تخرج عبرها الحكومة السورية منتصرة في نهاية الأزمة. أما إذا لم يعقد مؤتمر جنيف فسيكون بسبب عدم التزام المعارضة السورية به، وذلك سيعني فشل واشنطن إقناع الأطراف التي تمثلها من المعارضة السورية فيما تكون موسكو قد نجحت بإقناع دمشق بذلك , وسيكون ذلك مبرر لدمشق بالذهاب بعيدا في الحل العسكري ضد الإرهاب بعد إفشال الطرف الآخر للحل السياسي. المحلل السياسي السوري أكرم الحسن قال في تصريح خاص بوكالة أنباء فارس أنه لا يبدو أن هناك من تسوية سياسية قادرة على إنهاء الحرب السورية في وقت قريب. وأشار الحسن أنه بالتالي ستبقى الكلمة لمن يكسب في أرض المعركة في المرحلة الراهنة، وهنا يبدو الجيش السوري عبر مكاسبه المتتالية الأقرب إلى الانتصار الذي سيحتاج سنوات ليست بالقليلة. /2819/