ربما اشتعل المجتمع و ضج الإعلام بعد الحوادث المروعة و المآسي المؤلمة التي تقع ، لكن الجميع يعودون بعد أيام لروتين حياتهم وشيئاً فشيئا تتلاشى التفاصيل الموجعة و يصبح كأن شيئا لم يكن ، لكن الأمر ليس كذلك في أماكن أخرى ، في بيوت الضحايا ، وحياة أهليهم و قلوب والديهم ، إذ ينيخ الحزن مطاياه في صدورهم ويثقل جريان الدم في عروقهم ، فالحياة بعدهم ليست كما كانت معهم ،أصواتهم تسكن السمع و تتردد بين نبضة وأخرى ، طيوفهم لا تزال تجالس أهليهم و تدير حديثاً قاتلاً بجماله ، حديثا من طرف واحد ، هم فقط من يتحدث و يضحك و تصدق الأم أنه بجوارها فتمد يدها لتحضنه لكن لا أحد يرتمي في حضنها ، تتلمس مكان جلوسه فلا تجد أحداً ، ليضج صوت العجلات من جديد في صدرها الذي استحال طرقاً خالية و ليل في منتصفه و هدوء قاتل يفجره ضجيج العجلات و تهشيم الزجاج و نزيف الأبناء و تناثر الأشلاء وصراخ : أنقذوهم أرجوكم ، و نداء للأبناء : أرجوكم لا تموتوا ، لكن لا أحد يسمع و لا أحد يستجيب رغم أن الجميع في صدرها و بين عينيها ! لكن حين يسكت ضجيج العجلات و يصمت الحديد داخل الأجساد و تنتشر شظايا الزجاج في كل وريد للضحايا و تسيل الدماء الزكية على الطرقات ، و يصمت النبض للأبد ، يصبح هَمُّ المتسببين في الحوادث بالتهور و فظاظة السلوك و غلبة الهوى مختلفاً تماماً فلا يرون في المشهد المأساوي إلا ذواتهم ، و لا يفكرون إلا في نجاتهم من المسؤولية الجنائية ، ولا يتخيلون أن الحادث الذي تسببوا فيه سيبقى في نفوس الأهالي و قلوبهم مدى العمر يتردد في كل لحظة و مع كل نبضة ؟! هل يشعرون بأنهم ارتكبوا جناية عظمى ليست ما يبحث عن ثغرات حمايته القانونيون ، و لا ما يتصدى القاضي للبت فيه ، بل جناية إدخال الحزن على قلوب الناس ! فكما والمسلم مأجور على إدخاله الفرح والأنس على المسلمين حتى يجد من يؤنسه في قبره ، فهو آثم بتسببه بألم الآخرين ،فضلاً عما يقترفه على نفسه من جريرة الظلم التي تسهر لها أعين الوالدين الثكالى داعين على من ظلمهم و سرق منهم أخلّاءهم ، فكيف يهنأ بالعيش حتى وإن نجا من التبعات النظامية ! إن تخييم الحزن في المنازل باعث على فقد المزيد من ضحايا تبعات الحوادث فما تمر به الأسر المنكوبة بالحوادث المأساوية كحادث ضحايا مطاردة اليوم الوطني الذي أودى بحياة الشقيقين القوس وضحايا حادث حي الياسمين الذي قتل خمسة من أبناء الدحيم ، والحوادث المشابهة يلزم تدخلاً نفسياً نوعياً من المؤسسات المعنية لدعم الأسر و رعاية الأبوين والإخوة من تبعات الحزن و لوعة الفقد التي إن تمكنت من الأنفس قتلتها ببطء حتى يموت الأهل كمداً على أبنائهم لا قدر الله . @511_QaharYazeed [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (71) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain