د. سلطان عبد العزيز العنقري تفسير الأحلام ليست بالبساطة التي يتصوّرها بعض الناس، بل إنها صعبة، ومكمن الصعوبة يتجسَّد في تفسيرها التفسير المنطقي العقلاني المقنع الصحيح. فهي سلاح ذو حدين، إذا لم يحسن تفسيرها وفق الرؤى الشرعية فإنها سوف تنقلب على المفُسر له وتضر به. فتفسير الأحلام في الغرب على سبيل المثال، تمتد جذوره إلى "سيجموند فرويد"، صاحب نظرية التحليل النفسي، والتي ترى في الأحلام أنها "تحقيق لرغبة مقنعة"، بمعنى أن للشخص رغبات وأماني لا يستطيع تحقيقها على مستوى الشعور (أي العقل الواعي)، وذلك لوجود الرقيب، فتكبت تلك الرغبات والأماني في اللاشعور أي (العقل الباطن) نظرًا -كما أسلفنا- لوجود رقيب عليها. أحيانًا تفلت تلك الرغبات والأماني المكبوتة في ظل غياب الرقيب، وهو ما يُسمّى (بالأنا الأعلى) وتلك الأماني المكبوتة بعضها يظهر على السطح عندما يكون الشخص تحت تأثير مخدر، أو عندما يكون تحت تأثير الكحول، أو عندما يكون الشخص نائمًا وتتعطل جميع حواسه عند النوم، لأخذ الراحة بعد العناء. وهناك من يحلم ويهذي ويخرف عندما يضرب بأم خمس بتبسي مثلوثة (أي رز وقرصان وجريش) عليه مفطح مشوي، ويلحقه باللبن ثم ينام، لكي تأتيه في المنام "نجوم باباي البحار" عندما يلكمه خصمه العنيد في مسلسل الكرتون للأطفال، وقبل أن يأخذ جرعة السبانخ التي تجعل من نحافة باباي أسد ورمح يوجهه إلى نحر خصمه البدين صاحب العضلات. تخوّفنا من تلك التفاسير غير العقلانية للأحلام يكمن في أن تكون للتسلية فقط، مثل الألعاب المختلفة التي يتسلى عليها الصغار والكبار، ممّا يفرغ تلك التفاسير من محتواها ومعناها الديني والشرعي الذي يجب أن نحافظ عليه خوفًا من أن يصبح تفسير الأحلام يقوم به كل من هب ودب بما فيهم المشعوذين وقارئات الفناجيل وقارئات الكف إلى غيرها من الخرافات والضحك على الناس والتنبؤ بأمور لا يعلمها إلاّ الله سبحانه وتعالى جلت قدرته، فتزدهر تجارة قارئي وقارئات الفناجيل والبيالات والكف، وبالتالي يلجأ إليهم كل من يبحث عن "البخت" أو ما يسمّى بالحظ. هناك بعض الشباب المراهقين الذين لا يهتمون بالوقت ويبحثون عن قتله عن طريق "التريقة" تراهم يسردون رؤى غير صحيحة لكي يجعلونها بعد تفسيرها -من قبل من يفسرها- حديث المجالس. فأبطال قراءة الكف والفناجيل والبيالات وغيرها ممّن نشاهدهم على التلفزة أو عبر قراءتنا للمجلات التي تتحدث عن "الأبراج"، أبطالها يستخدمون "العموميات" ولا نريد الخوض فيها، أمّا قارئات الفنجان والكف فأسلوبهن واحد، دائمًا ما يرددن على زبائنهن، ويقلن عندما ينظرن إلى الفنجان بعد شرب القهوة، وتبقى آثار القهوة عليه، أو عندما يمسكن بيد الشخص، يقلن: أمامك سكة سفر طويلة، سوف تواجه مشكلات عديدة، ولكن سوف تتغلب عليها في النهاية، فبالعزيمة والإصرار والإرادة القوية سوف تسيطر على أمورك الحياتية، ويفرحونك بقولهن إنك سوف تصبح مليونيرًا فتطير من الفرح، ولكن على نهاية العمر، لكي تصاب بخيبة أمل وإحباط. يقلن لك بأنك سوف تحب في حياتك، ثم بعد ذلك تتزوج وترزق بأولاد (وهذا شيء مفروغ منه بإذن الله) أي ليس هناك جديد، ثم يضفن قائلات: سوف تكون ناجحًا في أعمالك وفي زواجك، وإذا ما رأوا في وجهك الفحولة فسيقلن لك: سوف تتزوج أربع نساء، ترزق بعدها ببنين وبنات، ثم بعد ذلك سوف يتوقف إنجابهن وتبقى أنت "الفحل" الذي ينجب، ثم بعد ذلك تدخل يدك في جيبك لكي تهب لها ما تقع عليه يدك الكريمة من دراهم ودنانير لكي تعطيها لمن تنبأت لك "خرطي" بسكة سفرك الطويلة في الحياة، وأخيرًا -الحمد لله- على نعمة العقل التي تميز ما بين الإنسان وبقية الدواب على وجه هذه البصيرة. [email protected] twitter : @alangari_sultan للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (29) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain