مواضيع ذات صلة عبد الباري عطوان معارضة بريطانياوامريكا والمانيا الطلب الفلسطيني بالحصول على الاعتراف بدولة مراقبة غير عضو في الاممالمتحدة مخجل بكل المقاييس، ويكشف عن سلوك سياسي غير اخلاقي وغير انساني، بل وعدائي للعرب والمسلمين. يصعب علينا ان نفهم هذه المواقف المعادية من دول طالبت الفلسطينيين دائما بالحوار والابتعاد عن العنف، واحترام المواثيق الدولية، ووعدتهم بدولة مستقلة حقيقية، ثم نجدها تعارض الاعتراف بدولة غير عضو، وعلى الورق فقط، وذات طابع رمزي. الإدارة الامريكية الحالية التي يترأسها باراك اوباما الذي دشن فترة رئاسته الاولى بالتعهد بقيام هذه الدولة على الارض، لم يكتف بممارسة ضغوط شرسة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتراجع عن هذه الخطوة، وتهديده بوقف المساعدات المالية، بل ذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما ارسلت إدارته رسائل الى كل الدول الاوروبية تطالبها، ليس بمعارضة الطلب الفلسطيني والتصويت ضده في الاممالمتحدة فقط، وانما تحريض الدول الاخرى بكل الطرق والوسائل لاتخاذ الموقف نفسه، اي المعارضة. لا نعرف اسباب هذا الحقد والكراهية تجاه الفلسطينيين المحاصرين المجوّعين المحرومين من ابسط حقوقهم الانسانية من قبل الولاياتالمتحدة، التي تدعي زعامة العالم الحر ونشر قيم الديمقراطية والعدالة في العالم بأسره. فماذا فعل الشعب الفلسطيني لأمريكا حتى يقابل بكل هذا الحقد، وهذا العداء، فلم تغز الجيوش الفلسطينيةامريكا، ولم تحتل ايا من اراضيها في اي حقبة من حقبات تاريخها القصير، والانكى من ذلك موقف بريطانيا وحكومتها الحالية الذي عبّر عنه وزير خارجيتها وليم هيغ، الذي قال امام البرلمان ان بلاده يمكن ان تساند الطلب الفلسطيني في حال تقديم الفلسطينيين ضمانات بعدم الذهاب الى محكمة جرائم الحرب الدولية لمقاضاة مجرمي الحرب الاسرائيليين، وعودتهم الى المفاوضات مع اسرائيل دون شروط مسبقة. *** وليم هيغ هذا الوزير الحاقد على الفلسطينيين الذي انضم الى اللوبي المساند لاسرائيل (جمعية اصدقاء اسرائيل) عندما كان عمره 16 عاما، يقدم ابشع نموذج في النفاق والازدواجية عندما يفرض على الفلسطينيين شروطا مسبقة مقابل اعترافه بدولتهم الوهمية، ثم يطالبهم بالعودة الى المفاوضات دون شروط، اي وقاحة اكثر من هذه؟ بريطانيا التي لعبت دورا رئيسيا في تسليم فلسطين على طبق من ذهب الى اليهود، يجب ان تشعر بالذنب، وتكفر عن خطيئتها التاريخية الكبرى هذه بالوقوف الى جانب الفلسطينيين والاعتذار لهم، وتعويضهم ماليا ومعنويا، أسوة بالدول الاخرى التي اعتذرت عن جرائمها الاستعمارية وطالبت بالصفح والغفران. الفلسطينيون وهم يتقدمون اليوم بطلبهم الى الاممالمتحدة للحصول على الاعتراف بدولة مراقبة، لا يحتاجون الى اصوات بريطانياوامريكا والمانيا، فقد ضمنوا حوالى 135 صوتا كافية لنجاح طلبهم، ولكنهم لن ينسوا مواقف هذه الدول وغيرها التي أدارت ظهرها لهم في هذه الفترة التاريخية الحرجة. هؤلاء لا يعرفون العدالة، ولا قيم الانسانية، وينحازون الى الظلم والقمع والحصار، ومصادرة اراضي الغير، وتغوّل الاستيطان، وتشجيع العدوان وارتكاب جرائم الحرب، وقتل الاطفال وتهديم البيوت فوق رؤوس اصحابها. يبررون موقفهم بالقول بان الدولة الفلسطينية يجب ان يتم الوصول اليها من خلال المفاوضات، ونحن نسأل اين هي هذه المفاوضات، ومن قتلها غير حليفتهم المارقة اسرائيل، الم يتفاوض الرئيس عباس وشركاؤه طوال العشرين عاما، وتعرضوا لأبشع انواع الهوان والإذلال على يد الاسرائيليين، فأين هي الدولة التي يتحدثون عنها؟ لم نكن مطلقا من المؤيدين لهذا الحراك الدبلوماسي وانجازاته المتواضعة في دولة وهمية، لأننا نعلم جيدا ان القوانين الدولية لا تطبق الاّ اذا كانت تصبّ في مصلحة اسرائيل وامريكا، ولكن طالما قرر الرئيس عباس السير في هذا الاتجاه، فان الايجابية الوحيدة التي نراها، هي في إفشال الضغوط الامريكية الاسرائيلية، واعادة قضية فلسطين الى خريطة الاهتمام الدولي مجددا بعد ان نسيها العرب قبل غيرهم. *** الرئيس عباس يجب ان يذهب الى محكمة الجنايات الدولية فور حصوله على الاعتراف بفلسطين دولة مراقبة، للانضمام الى عضويتها، والبدء بملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين، استنادا الى تقرير القاضي الاممي غولدستون، وما تضمنه من وقائع وادلة في هذا الصدد. الاعتراف الذي سيُنتزع اليوم، وتغيير دول اوروبية مثل فرنسا واسبانيا والبرتغال لمواقفها من حيث الانتقال من المعارضة الى الدعم، ما كان ليتحقق لولا الصمود البطولي في قطاع غزة، ووصول الصواريخ الى قلب تل ابيب، ومستوطنات القدسالمحتلة، واستشهاد اكثر من 170 شخصا، نسبة كبيرة منهم من الاطفال. الشعب الفلسطيني سيظل يطرق على جدار النفاق الغربي، واللا عدالة الدولية، حتى يصل الى اهدافه في استعادة 'جميع' اراضيه المغتصبة، واجبار دول مثل الولاياتالمتحدةوبريطانيا التي ساندت اعداءه، على الاعتذار والتعويض. اما اسرائيل الدولة العنصرية فمعاملتها مختلفة كليا، وجريمتها اكبر بكثير، اكبر من الاعتذار والتعويض.