دعا الشيخ أحمد البوعينين إلى العمل من أجل الآخرة، مشيرًا إلى أن الشهور تمر بعد الشهور والسنون تمضي خلف السنين والناس في سبات، غافلون عن الممات. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس: إنه قيل لسيدنا نوح عليه السلام، والذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين .. كيف رأيت هذه الدنيا ؟، فقال عليه الصلاة والسلام: "كداخل من باب وخارج من آخر". وأضاف: من علم أن الموت سنّة الله في العالمين كيف يطمع في البقاء وهو يرى كثرة الراحلين، ومالك لا تستعد للرحيل أيها المسكين وأنت ترى كثرة الراحلين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". والكثير يلهث خلف هذه الدنيا فلا بقليل يقنع ولا بكثر يرضى فإن فاتك شيء سخطت، وإن نلت شيئاً نسيت الله وقلت أنا أرجح الناس عقلاً وأسعدهم حظاً وأكثرهم علماً وأن كثيرًا من الناس عقولهم مرضى لا تسمع وعظاً ولا نصحا. قال تعالى: " قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ (137) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ". وتابع: نحن في هذه الأيام على تمام العام وبما كان فيه من عمل صالح وأيام فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف والملائكة الكرام هم الكتاّب والشهود على الأيام، والحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بواحدة، فهنيئاً لمن أحسن واستقام وويلُُ لمن أساء وارتكب الإجرام، والمجرمون معروفون بسيماهم موعودون بالانتقام يوم يؤخذ بالنواصي والأقدام، كل لحظة ولمحة من عمر ابن آدم تمر عليه فهي جوهرة لا قيمة لها ولا ثمن مالم يستغلها في طاعة لله .. فلا تفرّط فيما بقي لك من أيام .. " وابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ". هلم نتساءل عن هذه العام كيف قضيناه ونتباحث عما سلف من العمر كيف أمضيناه ونفتش في كتبنا كيف طويناه فتذكر ما قدّمناه، إن كان خيرًا حمدنا الله وشكرناه وإن كان شراً تُبنا إلى الله واستغفرنا له . وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث شريف: " اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ". ومصداق ذلك قول الله تعالى: " وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ". جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن من قبّل امرأة أجنبية ونال منها كل شيء إلا الزنا فأمره بالتوبة والوضوء والصلاة، وقد نزل قول الله تعالى: "وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ". يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم"، وقال:" أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وأقلهم من يجوز ذلك" . وأضاف: لتستعد لذلك اليوم فقد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس على شفير القبر فقال: "كفى بالموت واعظاً "، لمثل هذا فأعدوا، وقال في حديث آخر: " أربعة من الشقاء : جمود العين، وقسوة القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا". ويقول صلى الله عليه وسلم: " لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ مَالِهِ، مِمَّ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ، مَا صَنَعَ فِيهِ ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ، فِيمَ أَبْلَاهُ ؟ وَعَنْ عُمُرِهِ، فِيمَ أَفْنَاهُ ".