عندما يمتزج الإصرار بالذكاء يولد الإبداع، وعندما يشعر الإنسان بهاجس التميز تتحول طموحاته الصعبة إلى سلسلة من الإنجازات، وهذا ما ينطبق على الطالبين خالد عبدالله آل علي ورامي عاصم اللذين راودهما حلم التميز والإبداع منذ نعومة أظافرهما، وعملا على تقديم بعض الأفكار والأعمال التي كان ينظر لها أقاربهما ومعلموهما في المدرسة على أنها دليل واضح على صفاء ذهنهما وحسهما الإبداعي، مما كان له الأثر في تقديم الدعم والتشجيع لهما لبذل المزيد من الجهود، وهو ما جرهما للتفوق في العديد من المسابقات عندما التقت جهودهما معاً. لم يتوقع الطالبان خالد ورامي أن الصف العاشر بموداه الدسمة ومشاريعه المتعددة سوف يشكل نقطة تحول لأعمالهما، وبداية لبروز أفكارهما التي طالما كرسا جل أوقاتهما عليها، في محاولة لبرهنة التميز بإصرارهما وأنهما مبدعان، فالبداية كانت عندما وقع عليهما الاختيار ليكونا في فريق واحد لتقديم مشروع مادة الكيمياء والحصول على العلامات المخصصة لها، حيث توحدت رغبتهما في الحصول على العلامة المخصصة للمشروع كاملة، وإبراز أفكارهما النيرة. فكرة إبداعية عن ذلك قال رامي عاصم إنه حينما طلب منه المعلم تقديم مشروع في مادة الكيماء بدأ النقاش مع زميله خالد للبحث عن فكرة جديدة وإبداعية تساعدهما في تحقيق العلامة النهائية للمشروع، واستمر في نقاشه طويلاً على الرغم من أن معرفته بزميله خالد كانت سطحية سابقاً، وما وطد من أواصر علاقتهما وصداقتهما رغبتهما في تقديم مشروع متميز ينال إعجاب الطلبة والمعلمين ويحصلان من خلاله على العلامات النهائية. وأشار إلى أنهما باشرا العمل في وضع فكرة المشروع والتي كانت تتمحور حول إعادة تدوير المخلفات والاستفادة من هذه التجربة ذلك في تقليص كمية النفايات الضارة بالبيئة، وبإصرارهما وتفكيرهما العميق وجدا أن النفايات التي تضر بالبيئة كثيرة والبطاريات أحد أنواعها، ووجدا من خلال الدراسة والاطلاع أن 98 % من البطاريات في العالم تحتاج إلى إعادة تدوير ولكن ذلك يُكّلف مبالغ مالية طائلة لأنها تحتوي على الكثير من المواد السامة والضارة للبيئة، وانطلاقاً من ذلك اتفقا أن يكون هذا الجانب أساس مشروعهما الذي باشرا فيه البحث عن بعض البدائل والحلول وتجربتها، واستنتجا من خلال تقصيهما وبحثهما بعض الحقائق والمعلومات التي يمكن الاستفادة منها في التقليل من كمية النفايات الناتجة وإعادة تدوير البطارية بعد انتهاء صلاحيتها. ثقة وتفاؤل ولفت رامي إلى أن فكرة المشروع حينما تقدم بها مع صديقه إلى معلم المادة نالت إعجابه بشكل كبير وتزامن ذلك مع انطلاق مسابقة الإبداعات العلمية بمعرض اكسبو الشارقة، حيث شجعهما المعلم على المشاركة بفكرة المشروع والحلول التي قاما بإعدادها لتنافس ضمن المشاريع العلمية التي يقدمها طلبة المدارس، وبفضل التشجيع الذي حظيا به من قبل أسرتيهما ومعلميهما في المدرسة لم يتوانيا في المشاركة، بل انطلقا بثقة وروح يغمرها التفاؤل، ولم تكن نظرة معلميهما وأقاربهما الذين أعجبوا بالموضوع مختلفة عن لجنة التحكيم التي أعلنت فوزهما بالمركز الأول بين مئات البحوث والأفكار العلمية المشاركة. وأكد رامي أن الفوز الذي حظيا به أعطاهما جرعة تحفيزية لتطوير أفكارهما، ومواصلة تطبيق أفكار المشروع النظري الذي قدماه وتجسيده على أرض الواقع خصوصاً وأنهما تلقا العديد من الملاحظات الإيجابية خلال مشاركتهما الأولى في معرض اكسبو الشارقة قبيل إعلان النتائج النهائية وتتويج مشروعهما بأفضل مشروع علمي، وعملا على تدوينها والاستفادة من هذه الانتقادات في زيادة جودة الأفكار ومضمونها، وما سهل المهمة عليهما توثيقهما لجميع الأفكار والخطوات التي قاما بها منذ اللحظات الأولى التي انطلقا فيها، بصورة مكنتهما من الرجوع لتحليل الخطوات التي قاما بها خلال مراحل العمل، ومقارنتها بالأهداف المتوقعة. بداية الانطلاق لم يتوقف الطالبان خالد ورامي عند هذه النقطة، ولم يضعا فوزهما في معرض اكسبو الشارقة العلمي وحصولهما على العلامات كاملة في مادة الكيماء نهاية لمشروعهما، بل اعتبرا ذلك محطة للانطلاق إلى آفاق أرحب، تطبيق العديد من الأفكار التي يختزنها عقلاهما، وترجمتها على أرض الواقع، عكفا على اختبار الفرضيات التي وضعاها، وتجربة النظريات، فتارة يخطئان وأخرى يصيبان ولكن دون أن يشعرا باليأس والإحباط، حيث كان طموحهما ورغبتهما في ملامسة أفكارهما أرض الواقع هاجسهما، لذلك أصبحا يواصلان العمل لساعات طويلة وبصورة يومية، فدافعهما هذه المرة ليس الحصول على العلامات، بل رغبتهما في إثبات صحة نظرية، وتحقيق نقلة نوعية في الابتكار العلمي بين طلبة المدارس. المركز الأول على مستوى الوطن العربي بفضل الجهود التي بذلاها منذ أيامهما الأولى ورغبتهما الصادقة في التميز، حصد الطالبان بمشروعهما العديد من الجوائز وعلى مستويات مختلفة، وكانت من أبرز الجوائز التي نالاها بكل جدارة حصولهما على المركز الأول في مسابقة انتل الدولية للعلوم والهندسة على مستوى الوطن العربي في فئة الطاقة، والنقل، والإدارة والعلوم البيئية، عن مشروع إطالة العمر التشغيلي للبطاريات الرصاصية، وإعادة تدوير مخلفاتها، وعلى الرغم من حصولهما على هذا المركز لم يتوقف تفكيرهما عن ابتكار الجديد، بل كان ذلك دافعاً لهما في بذل المزيد من الجهود واستغلال قدراتهما العقلية في ابتكار العديد من الأفكار الجديدة، وعلى الرغم أن كل منهما اختار مجالاً منفرداً عن الآخر في دراسته الجامعية إلا أن ذلك لم يُغيّر في إصرارهما ورغبتهما في تقديم ابتكارات جديدة، إذ سخّر كل منهما ذلك في تقديم العديد من الأفكار التي تخدمهما في تخصصاتهما الجامعية، لتحقيق ابتكارات علمية جديدة تسهم إحداث نقلات نوعية.