كتب - هيثم القباني: أيّدت محكمة التمييز حكم محكمة الاستئناف بإلغاء الفائدة المقضي بها تعويضًا لأحد البنوك عن التأخير في السداد، وقضت بإلزام المدين بسداد أصل الدين المُقترض فقط مضافًا إليه تعويض عن عدم السداد وليس نسبة من أصل الدين. وأكّدت المحكمة في حيثيات الحكم أن الثابت في الفصل الخامس من القانون المدنى الخاص بالقرض وأحكامه وشروطه وما نصّت عليه المادة 568 من القانون المدني هو بطلان أي شرط يجرّ منفعة زائدة على مقتضى القرض وما نصّت عليه المادة 569 على أن المقترض يردّ المثل عند حلول الأجل المُتفق عليه أو عند سقوطه، وحيث إن الثابت والمستقرّ عليه فإن الفائدة التي ينصّ عليها بعقد القرض هي منفعة زائدة على مبلغ القرض، وما دام القانون يمنع ذلك ويعتبره باطلاً فلا وجه للاحتجاج به، هذا من ناحية. وأشارت إلى أن الشرط الموجود بالعقد مُخالف لأحكام الشريعة الإسلامية التي هي مصدر رئيسي للتشريعات طبقًا للمادّة الأولى من الدستور الدائم لدولة قطر، وحيث نصّت المذكرة التفسيريّة للدستور المذكور أن الكل يُجمع على أنه لا يجوز أن يصدر تشريع في قطر يُخالف المبادئ قطيعة الثبوت قطعيّة الدلالة من أحكام الشريعة الإسلامية الغرّاء وبحيث لا تفهم المادة فهمًا سلبيًا وكأنها دعوى للتخلي عن الأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وهو ما مفهومه ضرورة أن نتأكّد من أن أي قانون يجب أن يكون مضمونه ومقصده مطابقًا لأحكام الشريعة الإسلامية التي لا خلاف في حجيتها، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحرّم الربا كثيرة والجميع يقرّ بها والخلاف الذي كان حول الفائدة التي ستتعامل بها البنوك وهل هي من الربا أم لا فقد تمّ بحثه ووقع الاتفاق في الهيئات العُليا للإفتاء بأنها تُعتبر ربا وأصبحت معلومة من الدين بالضرورة ولا تحتاج إلى زيادة في الدليل على تحريمها، وعليه فإن أي قانون يُنظم الحياة العامّة للمجتمع ومنها الأمور الماليّة والمصرفية يجب عليه التقيّد بالمادّة الأولى للدستور وإلا تدخل القضاء لطرق رقابيّة على احترامها طبقًا لسلطته القضائيّة المخوّلة له كذلك من الدستور ذاته. وأضافت: وعليه فإن قضاء محكمة أوّل درجة بفائدة حدّدها 5٪ شهريًا كتعويض لا يُصادف القانون واإن كان الدائن (البنك) يستحق تعويضًا فإنه يجب أن يكون مقدرًا تقديرًا لا جهالة فيه ولا غرر أيضًا، ولا يجوز أن يوازي التعويض أصل الدين أو يزيد عليه. وقالت المحكمة : حيث طعن البنك على هذا الحكم أمام محكمة التمييز القطريّة بالطعن رقم 2013/74 تمييز مدني وقرّرت محكمة التمييز بعدم قبول الطعن استنادًا إلى كون الحكم المطعون عليه (حكم محكمة الاستئناف) قد أقام قضاءه بإلزام المطعون ضدّه بالمبلغ المقضي به على ما استخلصه مما اطمأن إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها ومن أنه يُمثل قيمة المديونيّة المترصدة في ذمة المطعون لصالح البنك الطاعن وكذا مبلغ التعويض المستحق نتيجة التأخير في سداد دين القرض وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه وفيه الردّ الضمني المُسقط لكل حُجة مخالفة. ومن جانبه، أكّد المحامي جمال النعمة أن قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الفائدة المقدّرة تعويضًا للبنك عن التأخير في السداد وضرورة القضاء بمبلغ مقدّر أصبح أمرًا لا غرر فيه لا يزيد أو يساوي قيمة الدين قضاء نهائيًا لاستنفاده الطعن عليه وتأييد محكمة التمييز له وهو ما يعدو سابقة قضائيّة لأوّل مرّة في الدول العربية والإسلامية يُسجّل شرفًا للقضاء القطري الذي يطبّق أحكام الشريعة الإسلامية الغرّاء ونصوص القانون المدني في المعاملات التجاريّة والمدنية. كانت المحكمة الابتدائية قد قضت بإلزام أحد المواطنين بسداد مبلغ 572618 ريالاً هو مبلغ الدين المستحق لأحد البنوك، فضلاً على إلزام المدعي عليه بسداد فائدة قدرها 5٪ شهريًا من تاريخ إقامة الدعوى حتى السداد على سبيل التعويض عن التأخّر في السداد. واستند حكم المحكمة الابتدائية إلى تضرّر البنك نتيجة تقاعس المدعى عليه عن سداد قيمة القرض البالغ 675 ألف ريال، وما نصّ عليه العقد بسداده قسطًا شهريًا قدره 6768 ريالاً لمدّة 240 شهرًا، ابتداءً من 30 أكتوبر 2006 وحتى 30 يوليو 2026 حتى وصل إجمالي المديونيّة المستحقة وفقًا لدعوى البنك نحو 942170 ريالاً. وجاء في دعوى البنك أن البند الثامن من القسم الخاص بالعقد سند التداعي قد نصّ على (إذا تأخّر العميل عن سداد أي قسط من الأقساط في موعد الاستحقاق ... وتسقط جميع آجال أقساط هذا القرض ويعتبر كامل القرض مستحق الأداء فورًا بعد خصم ما تمّ سداده منه). ويقول المحامي جمال النعمة : قضت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 422/428 لسنة 2012 بجلسة23 يناير 2013 بإلغاء الحكم الابتدائي رقم 2010/2362 الصادر بجلسة 28 فبراير 2012. وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم السابق فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بالفائدة بسعر 5٪ شهريًا من تاريخ إقامة الدعوى حتى السداد كتعويض جاء للأضرار الماديّة التي لحقت بالبنك والحكم من جديد بإلزام المدعى عليه بمبلغ وقدره 50 ألف ريال كتعويض جابر عن الأضرار القائمة بدلاً من الفائدة.