أوامر بالقبض القهري وتجارة خمور وكمين أمني!.. بيان فاضح لمليشيات الحوثي بشأن محاولة اغتيال نقيب الصحفيين بصنعاء    إنطلاق بطولة مأرب لكرة القدم بمشاركة 14 ناديا    اختيار المحامية اليمنية معين العبيدي ضمن موسوعة الشخصيات النسائية العربية الرائدة مميز    لحظة اغتيال رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. جماعة تسمى"مجموعة محمد صلاح" تنشر الفيديو    مطالبات بمحاكمة قتلة مواطن في نقطة أمنية شمالي لحج    كاتب صحفي: هذه الدولة الخليجية هي الراعي والداعم العسكري لمليشيات الحوثي في اليمن!    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين في أبريل الماضي    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    "هدية أمريكية" تُسعف اليمنيين في ظل فشل اجتماع المانحين    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    جماهير البايرن تحمل راية الدعم في شوارع مدريد    هجوم حوثي جديد في خليج عدن بعد إطلاق "الجولة الرابعة" وإعلان أمريكي بشأنه    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    الوزير البكري: قرار مجلس الوزراء بشأن المدينة الرياضية تأكيد على الاهتمام الحكومي بالرياضة    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    الاشتراكي اليمني يدين محاولة اغتيال أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين ويدعو لإجراء تحقيق شفاف مميز    قمة حاسمة بين ريال مدريد وبايرن ميونخ فى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مورينيو: لقد أخطات برفض البرتغال مقابل البقاء في روما    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    أسياد الشتايم.. المؤدلجون من صغار (صغار) الإصلاحيين والسروريين    عصابة معين لجان قهر الموظفين    مقتل مواطن برصاص عصابة حوثية في إب    الحكومة الشرعية توجه ضربة موجعة لقطاع الاتصالات الخاضع للحوثيين.. وأنباء عن انقطاع كابل الإنترنت في البحر الأحمر    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    تحديث جديد لأسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن    سيتم اقتلاعكم عما قريب.. مسؤول محلي يكشف عن الرد القادم على انتهاكات الحوثيين في تهامة    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    إغلاق مركز تجاري بالعاصمة صنعاء بعد انتحار أحد موظفيه بظروف غامضة    محاولة اغتيال لشيخ حضرمي داعم للقضية الجنوبية والمجلس الانتقالي    الحزب الاشتراكي اليمني سيجر الجنوبيين للعداء مرة أخرى مع المحور العربي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في تقرير مجموعه الازمات الدولية بشأن القضية الجنوبية ((سيرفض الجنوبيون مخرجات الحوار وخيار(الانفصال) تعزز في المرحلة الانتقالية))
نشر في الجنوب ميديا يوم 25 - 12 - 2013


كتب/ نشوان العثماني
التاريخ/6/11/2013م 11:44مساءً
عدن/خاص(الجنوبية نت)
مؤخرًا, في سبتمبر الماضي, أصدرت مجموعة الأزمات الدولية International Crisis Group تقرير الشرق الأوسط رقم 145 والذي خُصص للقضية الجنوبية, وجاء موسومًا ب«قضية اليمن الجنوبي: تجنّب الفشل».
و«الأزمات الدولية» منظمة مستقلة غير ربحية وغير حكومية، تضم حوالي 150 موظفًا في خمسقارات, تقوم مقاربتها على أساس البحث الميداني, وبناء على المعلومات والتقييمات المستقاة من الميدانتقوم بإعداد تقارير تحليلية تتضمن توصيات عملية موجهة إلى كبار صناع القرار الدوليين.
وهنا قراءة للتقرير الأخير الذي كانت أول نقطة يركز عليها, في ملخصه التنفيذي: تجاوز الحوار الوطني (غير الشامل) لجدوله الزمني المحدد ما بين 18 مارس و18 سبتمبر من العام الجاري. وإن أشار إلى أن لاعبين دوليين ومحليين لديهم رغبة بالالتزام بشكل صارم بالمواعيد المحددة (وهي التي تم تجاوز جدولها الزمني الأول المزمن ب ستة أشهر دون أي صرامة), أوضح أن اختتام مفاوضات الحوار الوطني تتضمن «استكمال قائمة الأمور التي ينبغي إنجازها في المرحلة الانتقالية», ولذلك قد يكون, أو على الأقل ما يُفهم أن حل القضية الجنوبية يدخل ضمن هذه القائمة المرحل إنجازها, إن كانت تنتظر إنجازًا, كما يعني أن المرحلة الانتقالية قد تُمدد طالما هناك قائمة لم تُنجز بعد.
ومع أن الملخص التنفيذي يقول «إن الاندفاع لإعلان النصر وإكمال قائمة تحققالعملية الانتقالية يمكن أن يعني فرض حصيلة معينة لا تحظى بالشرعية أو المشاركة الضرورية», فسيعني هذا أن شعب جنوب اليمن سيرفض ما سيخرج به المؤتمر؛ طالما «لم يتم التوصل إلى اتفاقية تستند إلى قاعدة واسعة وقابلة للتطبيق حول البنية المستقبلية للدولة، وبالتالي حول وضع اليمن الجنوبي».
ويوضح أن «الاستقلال الفوري» أو ما يُسمى في أدبيات الحراك الجنوبي ب«فك الارتباط» يمثل جذبًا للكثير من الأنصار على الرقعة الجنوبية أكثر من أي خيار آخر حتى ذلك المتمثل في فيدرالية من إقليمين؛ إذ «ثمة عاطفة قوية نحو الانفصال ويبدو أنها تعززت خلال المرحلة الانتقالية».
الحوار الذي ابتعد كثيرًا عن الشارع الجنوبي
ولما كان للحوار الوطني إيجابيات ك «إطلاق نقاش علني، كان ينبغي أن يجري منذ وقت طويل، حول جذور المشكلة الجنوبية وبدأ بالنظر في النتائج المحتملة», إلا أنه, وهذه مشكلته «واجه قيوداً حادة» حيث «النقاش في صنعاء بعيد جداً عن الشارع الجنوبي الذي ينحى منحى انفصالياً على نحو متزايد».
ولمّا أقول أنه حوار «غير شامل», فهذا يعني كما تضمنته لغة التقرير أن «الجزء الأكبر من الحراك فضّل البقاء على هامش المفاوضات التي اعتبرها غير شرعية» أي أنه لم يدخل الحوار, وهذا ما عبّر عنه أحد أبرز قادة الحراك الجنوبي؛ السيد علي سالم البيض, لما قال في بيان له هذا الأسبوع إن الحراك الجنوبي لم ينسحب من الحوار لأنه في الأصل لم يدخله, لكن التقرير يوضح أن «شريحة صغيرة من الحراك يتمتع العديد من أعضائها بعلاقات وثيقة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي [هي مَن] وافقت على الانضمام إلى مؤتمر الحوار الوطني».
الحراك الجنوبي.. الخليط الرخو
وجاء في وصف الحراك بأنه «خليط رخو من المنظمات والنشطاء الذين يربطهم تحالف غير وثيق، يُعرف بالحراك الجنوبي، يدعو إلى الانفصال، أو في الحد الأدنى، إلى فيدرالية مؤقتة مكوّنة من ولايتين يتبعها استفتاء على مستقبل الجنوب», وهو توصيف لا يجانب الصواب إذا ما اعتبرنا أن الحراك الجنوبي بالفعل يعاني من مشكلة جوهرية وهي حالة اللاتنظيم الظاهرة بين صفوفه ومكوناته, بل الصراع الداخلي الخفي أحيانًا والظاهر أحيانًا أخرى الذي ظل ولا يزال يعصف بكل المبادرات ووجهات النظر النخبوية والشعبية التي نادت كثيرًا بالتوجه نحو إدارة ذكية للتنوع.
عدم الثقة بالحوار وتزايد ذخيرة الانفصال
والحراك الجنوبي, في حالته الشعبوية التلقائية ونبض الشارع الذي اعتاد مظاهرات كبيرة جدًا, لا يثق بمؤتمر الحوار؛ لعوامل عدة تأتي في مقدمتها مطلب «فك الارتباط», حتى إذا تجاوز مطلبًا من هذا القبيل, لم يلمس هذا الشارع من مؤتمر صنعاء أي جديد يُذكر والأمثلة كثيرة؛ وفي مقدمتها التعامل مع النقاط العشرين ثم النقاط الأحد عشرة, وقرار إعادة ما نسبته 1% من المبعدين... الخ.
ويجادل غير واحد أنه إذا كانت الاستجابة للنقاط الممهدة للحوار الوطني فورية وعاجلة وبجدية والتزام, فستمثل رقمًا مهمًا ستترجم لغته إيجابيًا في الشارع الجنوبي؛ خصوصًا أن معظم تلك النقاط تدور حول التمهيد لحل القضية الجنوبية. ولذلك يوجز تقرير الأزمات الدولية «ربما كان انعدام ثقة الجنوب في مؤتمر الحوار الوطني محتوماً لكن ما فاقم منه كان غياب الإجراءات الحقيقية لتحسين الظروف الأمنية والاقتصادية في المنطقة. وعلى الرغم من وعود الحكومة، لم يتغير الكثير، هو ما أضعف أولئك الجنوبيين المستعدين للتفاوض ووفر ذخيرة لأولئك الذين يعتقدون بأن الحل الوحيد يتمثل في الانفصال».
أطراف صنعاء ومصلحة هادي
وثمة رأيان يدور حولهما الصراع السياسي في مؤتمر الحوار الوطني. أولهما الخيار المتمثل ب فيدرالية من إقليمين مشفوعًا ب استفتاء على الوضع المستقبلي لجنوب اليمن, وهو ما يقوله الجناح المشارك من مكونات الحراك الذي يرأسه القيادي الجنوبي محمد علي أحمد, وثانيهما خيار المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح الرافض للإقليمين وأيضًا للاستفتاء, والمتمسك ب تعدد الأقاليم؛ أي أكثر من 4 أقاليم أو 5 على الأقل.
وفيما يراهن الطرف الأول أن تحركات الشارع المتسارعة والمتنامية والمتزايدة في الجنوب, ستجبر الطرف الثاني على القبول بخيار الفيدرالية المبنية على خطوط العام 1990, يرى هذا الأخير ويراهن على «أن مصلحة هادي في الإشراف على مرحلة انتقالية ناجحة ستدفعه لفرض تسوية على حلفائه في الحراك», ويضيف التقرير «لا يمكن للطرفين أن يكونا على حق، وفي الوقت نفسه يبدو التوصل إلى أرضية مشتركة أمراً صعب التحقق».
وبلغة واضحة ومسؤولة يخلص التقرير في ملخصه التنفيذي إلى التحذير الصارم من «فرض تسوية نهائية في ظروف يغيب فيها الحد الأدنى من الثقة، والشرعية والإجماع», مشيرًا إلى أن فرض التسوية «سيكون أكثر مما تستطيع دولة هشة، وبلد مجزأ وطبقة سياسية منقسمة أن تعالجه», وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف «مصداقية العملية، وتعزيز الآراء الجنوبية الأكثر تشدداً والدفع إلى ممارسات خطيرة تقترب من حافة الهاوية وإلى إراقة الدماء».
ولذلك فليس أمام الجميع في الجنوب والشمال إلا «التوصل إلى اتفاق ذي قاعدة واسعة يمكن للمفاوضات الشاملة في سياق ظروف أمنية واقتصادية أفضل وحسب أن تحققه».
توصيات للحراك: انخرطوا في مفاوضات موسعة واطرحوا خيار «الاستقلال»
وجاء من توصيات التقرير عدم التسرع في إجراء الاستفتاء على الدستور والانتخابات التي تليه, والمهم في الأمر «إجراءات بناء الثقة للجنوب (بما في ذلك وبين أشياء أخرى معالجة المظالم المتعلقة بالتوظيف والأراضي؛ وتحسين الظروف الأمنية؛ وتفويض صلاحيات مالية وإدارية أكبر إلى الحكومات المحلية)، إضافة إلى إطار واضح ومحدد للجدول الزمني، وآليات، وتمويل ومراقبة التنفيذ», هذا بالإضافة إلى «تشكيل حكومة تكنوقراط» خلفًا لحكومة الوفاق التي شكلت في ديسمبر 2011, و«استمرار المفاوضات إما حول المسألة الأوسع لبنية الدولة أو إذا تم التوصل إلى تلك المبادئ على تفاصيلها», و«إشراك مجموعة أوسع من النشطاء الجنوبيين في المفاوضات التي ستعقد دون شروط مسبقة», وهذه التوصيات وجهها التقرير إلى «المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني، والحكومة اليمنية والداعمين الدوليين للمرحلة الانتقالية».
كما تضمن توصيات موجهة إلى دول مجلس التعاون الخليجي, وحزبي المؤتمر الشعبي العام, والتجمع اليمني للإصلاح, وأما فيما يخص توصياته للحراك الجنوبي, فجاءت في ثلاث نقاط محورية جدًا: «في حالة أولئك الذين لا يشاركون حالياً في مؤتمر الحوار الوطني، الانضمام إلى أية مفاوضات موسّعة دون شروط مسبقة، وطرح خيار الاستقلال للنقاش», و«الاستمرار في جهود تطوير هيكلية قيادية متماسكة والاهتمام بشكل خاص بدعم وتشجيع جيل الشباب», إضافة إلى «وضع حد للخطاب الاستفزازي الذي يؤجج الخلاف بين الشمال والجنوب», وعسى ولعل تجد هذه التوصيات من يسمعها ويقرأها بمسؤولية.
تداعيات 21 مارس على موقف الحراك الجنوبي
وثمة نقطة مهمة يشير إليها التقرير في مقدمته «قبل انتفاضة عام 2011 ضد صالح، كانت العواطف الانفصالية لدى الجنوبيين في حالة تنام؛ وكان الحراك على وجه الخصوص يكتسب قدراً متزايداً من التأييد. بدت الاحتجاجات المناهضة للنظام في البداية وكأنها توقف هذا التطور مع انضمام العديد من الجنوبيين، بما في ذلك بعض أعضاء الحراك، إلى الشماليين في معارضة صالح. إلا أن التعاون مع النشطاء الشماليين سرعان ما تداعى بسبب التصور بأن الانتفاضة فقدت مصداقيتها بمشاركة نخب من النظام القديم فيها».
وبلغة أخرى قد تتوافق وربما تختلف قليلًا, أقول: لما انطلق الحراك الجنوبي في النصف الثاني من العام 2007, عبر جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين, كان أن واجهه نظام صالح بالقمع الذي بدأ بالاعتقالات والسجون ووصل إلى القتل ودك مناطق بالأسلحة المتوسطة والثقيلة, وكان كل هذا يحدث تحت مرأى ومسمع الجميع؛ أكانوا في شمال اليمن أم في الوطن العربي أو في العالم أجمع, ولم تنطلق أي مساندة شعبية من الشمال اليمني, على الأقل, تؤازر الجنوبيين المطالبين في بادئ الأمر بمطالب حقوقية قبل أن يتطور الأمر أواخر عام 2008 إلى المناداة ب «فك الارتباط», ومن ثم التحول الذي جرى في منتصف العام 2009 بخروج نائب الرئيس السابق علي سالم البيض من صمته الطويل وتصدره المشهد. وحتى انطلاق ثورة الشباب في فبراير 2011, كان الحراك الجنوبي يقاتل – إن حق لي استخدام هذه المفردة بمعنى يكافح سلميًا بضراوة وعدم تخلي عن الأهداف – وحيدًا في ساحته دون أي رأي عام مساند من الشمال إلا من مواقف اتخذها نشطاء قليلون جدًا.
ولكن – وهنا يبرز الموقف الذي يسجّل لصالح الحراك الجنوبي – حين انطلقت ثورة 11 فبراير في كل من تعز وصنعاء ومختلف المدن اليمنية, لم يقف الجنوب اليمني وحراكه موقف المتفرج الصامت الساكت, بل انطلق مؤيدًا وبجماهير تتوق للتغيير, ووضع شعاراته ومطالبه السياسية جانبًا, واتخذ الموقف القائل: إسقاط النظام أولًا. وكان أن سقط أول قتيل في الثورة في مدينة المنصورة في ال16 من فبراير 2011, وسقط قتلى كثيرون أول ما سقطوا في مديريات محافظة عدن. [ولا أستخدم مفردة «شهيد» كما دأبتُ في التعامل الصحفي؛ للمعنى المختلف لُغويًا الذي ينتج عنها].
غير أنه برز تغير جديد تمثل في انشقاق 21 مارس الذي قاده اللواء علي محسن الأحمر, ومعه اتخذ الحراك الجنوبي موقفًا واضحًا, وعاد ليميز بين ثورته التي تسعى للتغيير الكلي ضد كل المنظومة الفاسدة التي كسرت ظهر الوحدة بحربها البشعة جدًا ضد الجنوب في العام 1994, ولم يقبل بالنضال ضد نصف هذه المنظومة مع/ أو السكوت عن نصفها الآخر, وأثبتت الأيام أن الانقسام أنقذ الغريق وحمى المصالح المشتركة, وتحولت معه ثورة التغيير إلى المحاصصة ذاتها بين القوى ذاتها إلا من تغيير بسيط حرّك راكدًا ما, ولم يقو على أكثر من ذلك؛ وربما كانت تلك محطة أولى لما بعدها وإن كان ما بعدها قد لا يأتي في زمن قريب.
وعودة إلى التقرير, فهو يقول في متنه إنه «ومنذ البداية تمثلت نقطة ضعفه [أي الحوار الوطني] في عدم كفاية تمثيل الحراك [الجنوبي] وما ترتب على ذلك من افتقاره للشرعية في الجنوب», وهذا صحيح.
يضيف «وفي محاولة لضمان مشاركته [أي الحراك الجنوبي]، فرضت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني التي قاطعها الحراك أن يكون 50% من إجمالي أعضاء المؤتمر من الجنوب», وتلك محاولة تكدست في الشكل في ظل مضمون عارٍ من القول إن ال50% يمثلون مصالح الشعب في الجنوب؛ فهي نسبة تجاوزت التمثيل الحقيقي الذي كان من المفترض أن يملأه الجديرون به لا عناصر من أحزاب كانت يومًا ولا تزال جزءًا من المشكلة, وخصوصًا (ومثلًا): حزبا المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح, والتي من المؤكد أنها تتبع سياسة المركز في الحزب لا شيء دون ذلك. حتى أنه جرى تحت هذا التمثيل المعوج تفريخات عدة لإرباك المشهد السياسي إزاء الجنوب تارة بمشاريع صغيرة, وتارة برفض الحلول الواقعية للقضية الجنوبية.
ثقة معدومة واغتيالات وخشية من عودة النظام القديم
وإذ يعرض التقرير أراء نشطاء في الحراك – أجريت معهم المقابلات في كل من عدن وحضرموت من قبل مجموعة الأزمات في أيار/ مايو 2013 – وتراوحت بين الرفض القاطع للمشاركة في الحوار «لأننا لا نقبل بوجود الجمهورية اليمنية», وبين الرفض الجزئي «اعتراضات تتعلق بالجوانب العملية», أشار إلى أن نشطاء الحراك, وكبديل للإطار القائم, اقترحوا أن يعقد مثل ذلك الحوار بين الشمال والجنوب خارج البلاد وتحت رعاية دولية، بهدف الاتفاق على شروط الانفصال السلمي.
والتقرير يورد أن «الجنوبيين التابعين للحراك عبروا [في البداية] عن تفاؤل حذر من أن العملية الانتقالية ستحسن أحوالهم الاقتصادية وستقدم للجنوب درجة أكبر من السيطرة على موارده وسياساته المحلية وذلك باستحداث نموذج فيدرالي يتميز بدرجة أكبر من اللامركزية», لكنه أضاف: «وبعد عامين تقريباً على بداية المرحلة الانتقالية، فإن الآمال تضاءلت وتبددت احتمالات التوصل إلى حل سريع نسبياً وقابل للتنفيذ».
ويستعرض عددًا من العوامل المسؤولة عن هذا التبدد, ومنها, وعلى رأسها: «الفشل في تنفيذ إجراءات بناء الثقة», ك تدهور الأحوال الأمنية والاقتصادية, والتذمر من «تنامي النزعة الإجرامية، وانعدام القانون، والاغتيالات السياسية ونشاط القاعدة في شبه الجزيرة العربية». إضافة إلى العاملين, الثاني: «الخشية من عودة النظام القديم», والثالث: «تجزؤ الحراك الجنوبي», وغيرها.
البيض: لم يحدث أي تغيير بعد صالح
وفيما يخص توصيف الآخر, يُورد التقرير رأيًا للقيادي الأبرز في الحراك علي سالم البيض، الذي خلع عليه لقب «الرئيس السابق لليمن الجنوبي», وهي صفة غير دقيقة؛ إذ لم يكن البيض رئيسًا للدولة في جنوب اليمن وخصوصًا في الفترة ما بين 1986 إلى 1990 بل كان الأمين العام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي. يقول البيض؛ ضمن مقابلة أجرتها معه مجموعة الأزمات في بيروت حزيران/يوليو 2013: «قاعدة السلطة في صنعاء مبنية على ثلاثة عناصر: القبائل، والجيش والدين التكفيري. هذه ليست قوى سلمية وديمقراطية قادرة على بناء دولة مدنية. لم يحدث أي تغيير منذ ترك صالح السلطة؛ بل ظلت نفس القوى تحكم الشمال. لم تحدث هناك ثورة حقيقية، على عكس الثورة الحقيقية التي تحدث في الجنوب».
لكن الثورة في الجنوب تعاني هي الأخرى من داخلها ومن ذات مراكز القوى في العهد السابق؛ وعلى الأقل فإن البيض ذاته أحد الذين نطّوا, وآخرون, إلى راهن القرن الحادي والعشرين من كهوف الحقبة الماضية؛ فكأن «ذات القوى التي تحكم الشمال» هي ذاتها – مع الاختلاف الطفيف – التي تتحكم بالجنوب. والسؤال الجامع للحالتين: لماذا بقت ذات القوى القديمة هنا وهناك متحكمة بزمام القيادة دون مقاومة من الأجيال اللاحقة لها؟ إنما على العكس رأينا شبابًا يستنجدون بكهول بل ويوقظوهم من سبات التاريخ معلقين عليهم الآمال – في لحظة أنتجها غياب الوعي – تحت مبررات تجافي سنة التطور والحقيقة.
انقسام الحراك وصراع القادة
وهذا ما يقوله تقرير الأزمات الدولية من أنه مهما كان الإصرار صحيحًا من أن «نشطاء الحراك موحدون في مطالبتهم بإعادة تأسيس دولة في الجنوب»، إلا أنه «لا يخفي الخلافات الحقيقية فيما يتعلق بوسائل تحقيق الانفصال». ف«البعض ذوي الصوت الأعلى والتحرك الأوضح يحثون على الاستقلال الفوري؛ بينما آخرون مستعدون للقبول بفترة انتقالية مصممة لإعادة بناء مؤسسات الدولة المحلية. وقد يكون الأهم من ذلك أن هناك شبكة معقدة من القادة تتربع فوق هذه الحركة الشعبية الحقيقية يتنافسون على النفوذ والسيطرة على الشارع».
وإذ «تفاقمت الانقسامات داخل الحراك», ف «بسبب الاتهامات بوجود مصادر متباينة للدعم الخارجي». وبغض النظر عما إذا كانت الاتهامات الموجهة لزعماء الحراك الجنوبي بتلقي الدعم من دول مثل السعودية وإيران صحيحة أم لا «فإن مثل هذه التصورات التي تأتي في وقت يتسم بالاستقطاب الإقليمي العميق أسهم في تقويض قدرة الحراك على التحدث بصوت واحد وعمّق الانقسامات داخل حركة متشظية أصلاً».
مقارنات شديدة التسطيح: الشمال قبلي وفاسد وغير متحضر والجنوب سلمي
وفيما تحدث التقرير عن مشاكل أخرى, ومنها «الفجوة المتنامية بين الجيل القديم من القادة الجنوبيين, والنشطاء الشباب المحبطون من الخصومات القديمة», فإنه يشير إلى أن العديد من الشماليين «الذين يفضلون هيكلية الدولة الواحدة استغلوا هذه الانقسامات للمجادلة بأنه ليس هناك قيادة جنوبية واضحة يتم التفاوض معها».
وبما أن «المحتجين [في جنوب اليمن] يعبرون عن درجة أكبر من العدائية حيال الحصائل الفيدرالية، ويهتفون: "لا للوحدة، لا للفيدرالية، برا، برا استعمار"», كما يسرد التقرير, فإن «عددًا متنامياً من النشطاء يجرون مقارنات فجة وشديدة التسطيح بين ما يزعمون أنه الشمال القبلي، والعنيف، والفاسد وغير المتحضر والجنوب السلمي، والحضاري، وغير القبلي، والملتزم بالقانون. وهذا صحيح بوجه خاص بين المتظاهرين الشباب في الشارع، والذين لم يعرفوا الصعوبات التي مر بها الجنوب خلال الحقبة الاشتراكية بينما يعرفون بشكل كبير الظروف التي سادت في الشمال في ظل حكم صالح», وفق ما جاء فيه أيضًا.
مشاهد تغذي الكراهية وتسيء للحراك
و«في بعض الحالات، يبدو أن هذا السرد المتصلب يغذي ثقافة كراهية تتنافى مع الصورة التي يرغب الحراك بنشرها. ولقد أدى هذا أحياناً إلى ممارسة العنف ضد مواطنين شماليين يعيشون في الجنوب», بحسب مقابلات أجرتها مجموعة الأزمات مع نشطاء مجتمع مدني جنوبيين، في المُكلّا، تموز/يوليو 2013.
وفي مقابلة أجرتها مجموعة الأزمات مع رجل أعمال شمالي له علاقات بعدن، أيار/ مايو 2013, قال: «بعض الشماليين يخشون السفر في الجنوب؛ ويحاذر الأشخاص الذين تحمل سياراتهم لوحات شمالية من قيادتها في معاقل الحراك خشية تعرضهم للمضايقة».
وفي زيارة لمجموعة الأزمات إلى عدن في أبريل – مايو قالت إنها رأت لوحات سيارات من محافظات شمالية مغطاة بالورق أو بغطاء لاصق. وفي إحدى الحالات، كانت إحدى السيارات التي تحمل لوحة شمالية ترفع علماً جنوبياً وصورة ل علي سالم البيض فيما يبدو أنه إجراء احترازي.
وهذه المشاهد التي ترد في التقرير تسيء بالغ الإساءة للحراك الجنوبي وللقضية الجنوبية, وليس من موقف أمامها إلا تصحيح الأخطاء الفادحة التي خدشت وحاولت تخدش النسيج الاجتماعي والأخلاقي بهذه الصورة أو تلك. ولما يتم الحديث عن اختراقات في صلب عمل الحراك ويعترف بذلك قيادات وعناصر في الحراك, لا نشهد معه تحركًا وموقفًا باتجاه وقف هذا النخر المستمر. وما إذا كان نخرًا أو اختراقًا أو ربما مواقف بذاتها تتحرك وفقًا لهدم القواعد الأخلاقية في النضال السلمي, فالمهم في الأمر أخذ هذه الإشارات إلى مكامن الخلل بغية الإصلاح بمسئولية ومصداقية, وليس الانكماش في مربع «لا يعنينا», أو نظرية «المؤامرة».
هويات على مستوى المحافظة.. عبء المستقبل
وثمة مشكلة أخرى, وهي «تصلب سياسات الهوية الجنوبية» بحسب تسمية التقرير الذي يرى أن «بعض المكونات الجنوبية تنتابها المخاوف من أن التأكيد على الهوية الجنوبية سيطغى على تطلعاتهم إلى درجة أكبر من الحكم الذاتي على المستوى دون الإقليمي، وعلى مستوى المحافظة», و«خصوصاً في حضرموت، حيث يجادل كثيرون بأنهم ليسوا جنوبيين ولا يمنيين بل حضارمة», ومثلهم أيضًا العدنيون «الذين اشتكوا طويلاً من وقوعهم ضحية الشمال والجنوب على حد سواء يطالبون بشكل متزايد بحكم ذاتي خاص لمدينتهم ذات الساحلية».
ولذلك, كما يبين التقرير, فإن «العديد من أعضاء الحراك ينظرون إلى هذه الهويات على مستوى المحافظة بأنها قد تصبح عبئا معيقا لتوجههم نحو الاستقلال، حيث يمكن استغلالها من قبل الشمال للتصدي لفكرة الجنوب الموحد», وفي هذا المنحى, ما نشاهده من الخلط الجاري حول الهوية الجامعة للجنوب بين «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» الدولة التي كانت قبل العام 1990, وبين «جمهورية اليمن الديمقراطية» التي أعلنها السيد علي سالم البيض عام 1994 كردة فعل ضد الحرب, وبين العودة إلى ما قبل العام 1967 «الجنوب العربي» الذي لم تكن ضمنه في حينه كل من حضرموت والمهرة وسقطرة... الخ. وبدل أن تشغل الحراك؛ قيادة وقواعد, المشاريع السياسية, شغلته مشاريع أخرى لم يكن في جعبتها إلا التشتت بين هذا الإرث وذاك.
ولذلك,
وبناء على ما تضمنه التقرير وما لم يتضمنه, وعلى عموم ما هو موجود في الجنوب بسحابته وجفافه, فإن صيغة مختلفة في الموقف والإرادة والإدارة تنتظر الحراك الجنوبي من القمة إلى القاعدة, يجب الإسراع بالأخذ بها وتنفيذها, وتسوية الملعب الداخلي وإدارة تنوعه بما يهيئ للتقارب أكثر فأكثر وقيادة المستقبل من أجل الإنسان والوطن؛ فالداخل سيبقى الأهم والذي على ضوئه تنعكس الجملة السياسية والنضالية على الآخر.
وعلى نشطاء الحراك الجنوبي من الشباب أخذ التقارير الدولية والأوراق التي تنشر من قبل باحثين ومراكز بحوث ودراسات موضوعية ومهنية بعين الاعتبار, ومن محصلة المتابعة والقراءة الدائمتين لا بد للكلمة أن تتضمخ بمعنى مختلف أكثر تكثيفًا وأقوى, وبالتالي, وهذا هو الأهم, إعكاسها على أرض الواقع عمليًا بما يلبي هدف الإنسان في حياة كريمة واستقرار وأمن وسلامة.
ول«مجموعة الأزمات» مجلس يضم شخصيات بارزة في مجالات السياسة والدبلوماسية والأعمال والإعلام, ويعمل بشكل مباشر في المساعدة على إيصال هذه التقارير والتوصيات إلى انتباه كبار صناع السياسات في العالم. وهو ما يجب إيلاء تقارير هذه المنظمة المستقلة درجة كبيرة من العناية والحرص, وأخذ توصياتها بعين الاعتبار.
ويتم توزيع تقارير وإحاطات مجموعة الأزمات بشكل واسع عبر البريد الإلكتروني، وتتوافر في نفس الوقت على موقعها على الانترنت: www.crisisgroup.org .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.