جسدت دعوة المملكة بمقعد دائم بمجلس الأمن الدولي للدول العربية «الريادة» في سياسات المملكة وسعيها المستمر من أجل تفعيل المؤسسات الدولية والعمل على حماية المصالح العربية في تلك المنظمات الدولية التي تحولت إلى أدوات ضد المصالح العربية على مدى عدة عقود بسبب امتلاك خمس دول كبرى حق النقض «الفيتو» وجعلها تسخر مجلس الأمن لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها وعلى حساب قواعد القانون الدولي والعدالة الدولية التي كانت الهدف الرئيس من انشاء تلك المنظمات الدولية وخاصة مجلس الامن، وقال خبراء سياسة عرب: إن دعوة المملكة بمقعد دائم في مجلس الأمن للدول العربية يتكامل مع قرارها السابق برفض عضوية المجلس والذي كان بمثابة جرس إنذار للتحذير من استمرار احتكار خمس دول فقط للقرار الدولي وأن باقي الأعضاء العشرة غير الدائمين، مجرد «ديكور» للخمس الكبار في مجلس الأمن واستكمال الشكل، وقالوا: ان دعوة المملكة بمقعد دائم للعرب في مجلس الأمن، جاءت في توقيت تتعرض فيه المنطقة العربية لمخططات عالمية واقليمية تستهدف أمن واستقرار المنطقة، ومساعي مستمرة من قبل أطراف دولية واقليمية لتنفيذ هذه المخططات عبر مجلس الأمن والأممالمتحدة والمنظمات المتخصصة الملحقة بها، مطالبين بضرورة أن تتبنى الجامعة العربية مقترح المملكة وتصر عليه، في إطار المطالبة بإصلاح المنظمة الدولية وعلاج الخلل في صياغة قراراتها وبما يسمح بمشاركة عربية حقيقية في القرار الدولي. من جانبه، أكد الخبير السياسي بمركز الجمهورية للدراسات الدكتور ياسر طنطاوي أن دعوة المملكة بمقعد دائم للعرب يعكس حرصًا كبيرًا من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكومته في الدفاع عن المصالح العربية داخل المؤسسات الدولية التي باتت تعمل في غير مصالح الدول العربية، وأان حصول الدول العربية على المقعد الدائم يعيد التوازن للقرارات العربية عبر استخدامها لحق النقض «الفيتو» المصاحب للعضوية الدائمة، مشيرًا إلى أن حصول الدول العربية يعد حقًا تأخرت المطالبة به، حيث أن الدول العربية تشكل الجزء الأكبر من منطقة الشرق الاوسط التي تمثل المحور الاساسى للتفاعلات الدولية، كما أنها تشهد أحداثًا باتت تؤثر على الأمن والاستقرار الدولي، وبما يتطلب وجود صوت عربي يطرح الرؤية العربية ويمارس حق الاعتراض على القرارات الدولية متى تعارضت مع المصالح العربية وتعارضت مع دواعي الاستقرار الاقليمى. وقال «طنطاوي»: إن دعوة المملكة بمقعد دائم يتسق تمامًا مع الدور والمكانة التي تمثلها المملكة على المستويين الدولي والاقليمي، وأن هذه الدعوة تقدم الأدلة القاطعة على حرص المملكة على مصالح الإقليم واستقرار المنطقة، وهذه من ثوابت سياسات المملكة عبر العقود الممتدة. في حين قال رئيس اتحاد الصحفيين السوريين الدكتور علاء مكتبي: إن هذه الدعوة تستوعب الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق والمنطقة العربية في القلب منها، وأن هذه الدعوة تعد في تقديري استكمالًا لقرار المملكة بالاعتذار عن عضوية مجلس الأمن وتؤسس الى تحرك المملكة الفاعل في الساحة الدولية نحو اصلاح الخلل في المنظمات الدولية وخاصة مجلس الأمن بإعادة صياغة تشكيله في إطار منظومة إصلاح المؤسسات الدولية. واضاف «مكتبي» ان حصول الدول العربية على مقعد دائم بمجلس الأمن يعد من الضرورات التي يجب أن يلتف حولها جميع الدول العربية، وأن هذه الدعوة الكريمة من جانب المملكة تعد الرد العملي على الانتهاكات الدولية ضد الشعوب العربية في أكثر من موقع، وخاصة قضية العرب الأساسية ممثلة في القضية الفلسطينية، التي ظلت في أروقة المنظمات الدولية لعقود طويلة ودون الوصول إلى تسوية تحقق وتستجيب للحقوق الفلسطينية، وذلك بسبب الخلل في تشكيل مجلس الأمن واحتكار الخمسة الكبار للقرار الدولي، وأن هذه الانتهاكات مستمرة في الأحداث المستجدة التي تشهدها المنطقة العربية حاليًا مثل الأزمة السورية التي عطلت روسيا والصين كل التحركات داخل مجلس الأمن لحل الأزمة، وكان آخرها الدعوة لعقد مؤتمر جنيف 2 وهو الأمر الذى يعد مكافأة للرئيس «القاتل» بشار الأسد على قبوله تفكيك السلاح الكيماوي وتغاضي العالم عن مذابح بشار ضد شعبه. وأشار»مكتبي» إلى أن دعوة المملكة يجب أن تتبناها الجامعة العربية ويتمحور حولها نشاط المجموعة العربية في الأممالمتحدة، وحتى يتم القبول بهذا في إطار مشروع الأممالمتحدة وتوسيع عضوية مجلس الأمن. من جانبه أكد السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن المطالبة تلامس الحق العربي بضرورة التمثيل العادل في مجلس الأمن،مشيدًا بمطالبة المملكة تخصيص مقعد دائم للدول العربية، وقال: إن المطلب يأتي في وقت في غاية الحساسية في ظل ما تعانيه الدول العربية من تعسف واضح من المجلس، لافتًا أن الدول العربية عانت معاناة كبيرة في الحصول على حقوقها المشروعة، فإذا أخذنا بعين الاعتبار هذه المعطيات، فحصول الدول العربية على مقعد دائم في المجلس سيكون له تداعيات إيجابية على القرار العربي، فما زالت الكثير من القرارات المصيرية معلقة أو انتهى مضمونها على يد هذا المجلس الذي يحتاج إلى إعادة نظر في معالجة مختلف القضايا وإصلاح هياكله وتحسين آدائه وتحمل مسؤولياته اتجاه حفظ السلام والأمن الدوليين. المزيد من الصور :