تبدو ملامح انشقاق ثقيل على جبهتي تنظيم القاعدة في العراقوسوريا، بعد إعلان زعيم القاعدة أيمن الظواهري، والذي ألغى تنظيم "دولة الإسلام في العراقوسوريا" (داعش)، ليصبح عمل هذا التنظيم في العراق فقط، ويترك القتال على عاتق "جبهة النصرة" في سوريا. دمشق (فارس) والواضح أن الأسباب الأولى لهذا القرار "القاعدي"، هو ما أثاره "داعش" من جدل لدى دخوله ساحة الحرب على سوريا، فداعش الذي اصطدم مع الجيش السوري في أكثر من موقعة، اصطدم أيضاً مع "الجيش الحر" و"جبهة النصرة". ويظهر من أرشيف أخبار "داعش"، أن هذا الأخير استطاع تحقيق انتصارات فعلية على كل من جبهة النصرة والجيش الحر، لكنه تلقى ضربات موجعة من الجيش السوري، جعلت من انجازاته تقتصر على صفحة الميليشيات المسلحة والمتمردة في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، فقد وصل "داعش" متأخرا إلى ساحة الحرب على سوريا، بمعنى أدق، دخل تنظيم "داعش" إلى المناطق السورية التي تتغلغل فيها الميليشيات المسلحة، بعد أن كانت تلك الميليشيات تلاقى بنفور عميق من قبل الأهالي، ليعتبر حينها أن داعش هو زيادة في بلل الطين، وكصب للزيت على نار معاناة أهالي تلك المناطق، وبذلك فقد وسع داعش جبهات المواجهة مع الأهالي المحليين والميليشيات، وهذا ما لا يريده تنظيم القاعدة في هذا الوقت العصيب بالنسبة له من عمر الأزمة السورية. لقد كان واضحا، على الصعيد الميداني حالة التخبط التي تركها داعش بالنسبة للميليشيات، فهو الطرف الأكثر تشددا وتطرفا، والأكثر قوة، وبظهوره بهذا الشكل، استفز بشكل بليغ جبهة النصرة، الميليشيا المسلحة التي تعول على أطراف إقليمية لتحقيق نقاط تكسبها أوراق قوية في عملية المفاوضات. لكن خسارة جبهة النصرة وتراجعها أمام داعش، جعل من هذا الأخير خطرا حقيقيا على أي اتجاه مزمع لكسب النقاط . في المقابل، لم يستطع داعش انجاز "مهامه" ضد الجيش السوري، بل استنزفت طاقاته بشكل واضح في الميدان، كما أنه لم يغير أي ثقل في الموازين تحديدا في معارك ريف دمشق، بل كان وجوده صوريا لا أكثر، ما يعني أن وجوده وعدمه في سوريا، أو الشام، واحد من جهة التحالف مع الميليشيات المسلحة. المحلل العسكري غزوان العبد أوضح لوكالة أنباء فارس أن كل من "داعش" و"جبهة النصرة"، فعلياً يقاتلان تحت راية القاعدة، وغالبا ما يصطدمان بمعارك فيما بينهما، فيبدو – حسب العبد - أن زعيم التنظيم الظواهري، أراد إنقاذ كلتا يدي تنظيمه، وترك اليد اليمنى لجبهة النصرة في سوريا، على أن تكون اليد اليمنى لصالح "دولة الإسلام في العراق"، في تحقيق فعالية تنظيم القاعدة. لكن المشكلة الآن، هي في عصيان أبو بكر البغدادي، الزعيم المتطرف القادم من جبهة النصرة إلى داعش، والذي لا يريد التخلي عن المكاسب التي حققها على حساب الميليشيات المسلحة، خصوصا أن مشروع داعش كما يقول قادته، هو تحويل سوريا إلى "دولة الخلافة الإسلامية"، بينما طموح جبهة النصرة هو إسقاط النظام فقط كما يقول، حسب المحلل العبد. وأشار العبد أن هذه النقطة تثير اختلافات تؤدي الى الصراع بين الطرفين، لأن داعش لا يلتقي في طموحه مع النصرة والجيش الحر، لذلك جرت محاولات سحبه من الساحة، وجعله يكتفي بالعراق كما كان يمارس فيه فعالية القاعدة. /2336/