استعراض دولي في رحاب جنيف 3.. ستة بلدان مشتتة الآراء تتراصف أمام إيران المتماسكة الشعب الإيراني بوحدة كلمته يطالب بحقوقه الوطنية ولكن التشرذم بين أعضاء مجموعة 5 + 1 مشهود على أقل تقدير في التكتيك إن لم يكن في الاستراتيجية. طهران (فارس) تشهد الدبلوماسية الدولية هذه الأيام محادثات ساخنة حول الملف النووي الإيراني بين الجمهورية الإسلامية ومجموعة الستة الموسومة بمجموعة 5 + 1، وتجدر الإشارة إلى أن الجولة السابقة كانت الأكثر شداً وجذباً في تأريخ هذه المحادثات، حيث شهدت حضور وزراء خارجية البلدان المتفاوضة ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السيدة كاثرين أشتون، وتمخض عنها أيضاً لقاء بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري والدكتور محمد جواد ظريف. وما زاد من غرابة هذه الجولة مواقف باريس المثيرة للدهشة، ما أدى إلى عدم تحقيق اتفاق في اللحظات الأخيرة بعد توصل الطرفين إلى نقاط نظر مشتركة كان من شأنها تغيير مجرى الأحداث. وقد تشهد العاصمة السويسرية جنيف اليوم الأربعاء سادس جولة من هذه المحادثات بين طهران ومجموعة الستة وهي الثالثة في الولاية الرئاسية للدكتور حسن روحاني وفريقه المفاوض، ويتوقع الخبراء أنها قد لا تكون أقل احتداماً من سابقتها. وفي الأيام القليلة الماضية أبدت موسكو موقفاً إيجابياً للغاية على الخلاف من باريس التي اتخذت موقفاً سلبياً إلى أقصى حد. وأما واشنطن فهي كالعادة لا تتخذ مواقف منطقية واضحة؛ فهي تحاول من جهة طمأنة حلفائها، ومن جهة أخرى تطرح احتمال تحقيق اتفاق مع الجمهورية الإسلامية. وفي الآونة الأخيرة فإن بعض وسائل الإعلام الغربية تروج لتصريحات مسؤولين غربيين أو لا تعلن أسماءهم فحواها طلبات وأطماع لا مبرر لها ولا سيما ما بدر من صحيفة هآرتس الصهيونية والرئيس الفرنسي هذا في حين أن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمانو قد أكد أن البرنامج النووي الإيراني لم يشهد أي تطور طوال الأشهر الثلاثة الماضية. ويمكن بيان الأوضاع الدولية حول الملف النووي الإيراني بشكل عام في النقاط التالية: 1 -على المستوى التكتيكي؛ فإن الخلافات بين البلدان الستة مشهودة، ولكنها تتفق على استراتيجية واحدة وهي خطورة البرنامج النووي الإيراني. 2 -الخطوط الحمراء التي وضعتها طهران لا يمكن تجاوزها بما في ذلك دورة إنتاج الوقود النووي وتخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية. 3 -رغم أن المواقف الفرنسية تعد الأكثر سخرية وتخريباً في هذه المحادثات، إلا أن هذا البلد قد يتخبط ويخلق مشاكل لمن تحالف معه. لذا لا يمكن ادعاء وجود انسجام كامل بين باريس وواشنطن. 4 -ربما هناك دواع اقتصادية وراء مواقف باريس العجيبة التي تعاني مشاكل شديدة في هذا المجال، ما يرجح احتمال طلبها حوافز اقتصادية من واشنطن. 5 - بعض الخبراء يقولون إن باراك أوباما يسعى لإرضاء الرأي العام الأميركي وتحقيق إنجاز تأريخي لبلده لصالح التيار الديمقراطي. 6 -الصهاينة يبذلون قصارى جهودهم لإعقام المحادثات والواقع أن نفوذهم في أروقة المحادثة، أمر لا يمكن إنكاره. 7 - الولاياتالمتحدة أكدت أنها ستلغي 5 بالمائة من الحظر المفروض على الجمهورية الإسلامية فحسب. 8 - البلدان العربية المحاذية للخليج الفارسي الصامتة في هذه الأيام ولا دور لها في حل المشكلة النووية الإيرانية، لكن من المستبعد أن السعودية وحلفاءها يبحثون عن فرصة للانتقام من طهران، لذا يمكن القول إن هذه البلدان لها مواقف وراء الكواليس تدعم الصهاينة والفرنسيين في هذا الميدان. 9 -لا يستبعد تحقيق اتفاق في هذه المحادثات ما لم يقوم البعض بزعزعة الأوضاع في الدقائق الأخيرة. 10 - من الطبيعي أن عدم تحقيق اتفاق في هذه المحادثات لا يعني فشلها بالكامل، لأن الأوضاع معقدة للغاية وحل الأزمة يتطلب زمناً طويلاً.