يدرك الزائر لمعرض «خارج المألوف» الذي تنظمه مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية سنويا لجماعة الجدار، والذي افتتحه أول من أمس معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، أن زيارته ستكون استثنائية على الصعيد الروحي والفكري. وحضر حفل الافتتاح الدكتور سليمان موسى الجاسم نائب رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة العويس الثقافية، و الدكتور محمد عبد الله المطوع الأمين العام، و عبد الحميد أحمد عضو مجلس الأمناء، وجمع غفير من الفنانين والإعلاميين والمثقفين والمهتمين ، حيث تجول الحضور بين ردهات المعرض الكبير الذي ضم عشرات الأعمال الفنية التي تراوحت بين التشكيل والنحت و التكوين التي تنتمي إلى مدارس مختلفة. زخارف عصرية يبدأ الزائر جولته مع تجربة النحات أحمد حيلوز التي تحمل في كل عام هامشاً جديداً، حيث استخدم تقنيات جديدة في معالجته لزخارف التراث الفلسطيني بمقاربة معاصرة. فكل لوحة تحمل خصوصية زخارف منطقة من فلسطين ليتجلى من خلالها دقة وكثافة التشكيلات الزخرفية، إلى الأقل تعقيدا وبساطة باتجاه الحضرية. مرسم افتراضي ما إن يتجاوز الزائر جناح حيلوز حتى يجد نفسه في المرسم الافتراضي للفنان إحسان الخطيب الذي نقله إلينا من الطاولة التي وضعت عليها الألوان والريش إلى الأريكة واللوحات والاسكتشات، والكثير من اللوحات الكبيرة والصغيرة المترعة بالألوان الحيوية ذات الإيقاع المفعم بعنفوان الحياة، ولنكتشف منافسا جديدا لعلامته البارزة في معظم لوحاته» قارب الأهوار» والمتمثل في راقصة الباليه في إحدى لوحاته التي تتراقص على إيقاعها خيوط الألوان. وهج الأخضر كما عودتنا الفنانة الدكتورة نجاة مكي، نتعرف في كل معرض لها على جديد ما توصلت إليه في مسار تطور تجربتها الفنية سواء في محيط الألوان أو التكوين أوالمضمون، ليتوقف الزائر طويلاً أمام لوحتها «وهج الأخضر» الذي تكتشف فيه العين أبعاداً لا قرار لها في علاقتها باللون النيلي لشخوص نساء، ولا يملك سوى التمعن أو الاستغراق في جماليات معالجة كل سنتمتر منها، بتداخل اللونين وتراكبهما وانفصالهما. طائر فينيقي يلتقي الزائر مجدداً في المساحة الفاصلة بين جناح مكي والخطيب، بأعمال النحات محمود الرمحي بمنحوتاته الخشبية الصغيرة التي تعتبر بمثابة دراسة لمجسمات ساحات عامة، والتي يتناول من خلال معالجة عنصر كف الإنسان مفهوم السلام ورموزه عبر التاريخ الإغريقي والبابلي وغيره، لتتحول إلى طائر فينيقي وطاووس وغيرها من مراسيل المحبة والتواصل. سكون المتحرك المحطة في جناح محمد فهمي تعني دوماً الاكتشاف، اكتشاف ما توصل إليه الفنان من علاقات جديدة في معالجته للألوان والتكوين، التي تصل في لوحته الأخيرة التي رسمها ضمن سلسلة اللوحات المعروضة له إلى علاقة يقف الزائر أمامها في حالة انبهار، حيث تحول اللون عنده إلى لغة بحد ذاتها يأخذ فيها من يتأملها في رحلة من التداخلات الغامضة الحيوية، تعكس بحث الفنان في مشروعه البحثي «سكون المتحرك». تصاعد الفرح بعكس تصور الزائر، أن رحلته ستبدأ عداً تنازلياً بوصوله لضيوف «جماعة الجدار» الأربع، يفاجأ بتصاعد حالة الفرح في داخله لدى وصوله جناح ماجدة نصر الدين التي تأسر الزائر تفاصيل كل لوحة بألوانها المشبعة بتراب الأرض ووهج الحياة وومضات الألم والفرح في خليط من البهارات اللونية الشرقية التي لا تكتفي منها. ذروة الروح ويصل الزائر إلى ذروة تشبعه الروحي أمام لوحات سلمى المري التي كانت بمثابة وسام لزيارته المعرض، ليدرك أنه أمام نتاج فنانة ذات تجربة توازي الرواد من الفنانين في المنطقة، فكل لوحة أو جدارية بمثابة مشهد من أسطورة ملحمية بعناصرها ومعالجتها الفريدة للألوان. سيرة الجدار تأسست جماعة الجدار في أوائل التسعينات، وتضم ثمانية أعضاء من الفنانين الإماراتيين والمقيمين وهم كل من الدكتورة نجاة مكي، ومحمد يوسف، ومحمد الرمحي والدكتور عبد الكريم علي السيد ، وإحسان الخطيب، ومحمد فهمي ، وطلال المعلا ، وأحمد حيلوز.