تلاحقت الأخبار عن حدوث تقدم في المفاوضات الإيرانية الدولية حول برنامج إيران النووي ( قبل توقيع الاتفاق أمس الأول )، ويعزو البعض ذلك إلى انفراج جديد في السياسة الإيرانية نتيجة تولي حجة الإسلام الدكتور حسن روحاني سدة الرئاسة واستعانته بالخبير في الشئون الدولية محمد جواد ظريف ليصبح وزيراً للخارجية ورئيساً للوفد الإيراني المفاوض، وانبري المحلل السياسي الأمريكي فريد زكريا ليتنبأ بأن المملكة العربية السعودية سوف تتصدى بالرفض لأي اتفاق يتم التوصل إليه بين الجانبين مهما كان مضمونه مبرراً ذلك بأن المملكة تناصب إيران العداء باعتبارها دولة فارسية شيعية تتناقض مع أساسيات الوجود الوطني السعودي. وأقول: سبحانك هذا بهتان عظيم!! إن ما يربط المملكة بإيران من روابط الدين والتاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة أوثق بكثير مما يفرق بينهما، فالإسلام العظيم لا يفرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، ونحن لا نناصب الأتراك أو الأكراد أو الهنود أو غيرهم من الأجناس العداء، فلماذا نختص بمعاداة الفرس؟ وعلى مدى التاريخ كله لم يكن بين العرب والفرس عداء بعد الإسلام إلا من قبل قلة من غلاة الفرس الذين رفضوا الإسلام لأنه صهر الجميع في بوتقة المساواة وفاضل بينهم بالتقوى، أما المذهب الشيعي فلقد ساد إيران منذ بضع مئات من السنين ولم يؤد إلى عداء مع أهل السنة إلا بمقدار ما حاولت الثورة الإسلامية في بعض الأوقات استعماله للتدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار، ونحن نتعايش مع إخواننا من الشيعة في داخل المملكة وخارجها بسلام ووئام طالما سلموا من استغلالهم في مخططات الهيمنة. إذاً هل حقاً أشرق على إيران فجر جديد؟ بالرغم من الإطلالة الباسمة للرئيس روحاني والحديث الجذاب للسيد ظريف إلا أن مبادئ السياسة الإيرانية لا تقرر في طهران بمقدار ما يتم إملاؤها من قم، أما ما هو حاصل حالياً فلا يبدو إلا أنه دعوة إلى هدنة تجمد فيها إيران برنامجها النووي العسكري مقابل تخفيف العقوبات الدولية عنها مما يسمح لها بالتقاط أنفاسها ورفع المعاناة عن حياة أبنائها واستعادة شيء من قدراتها الاقتصادية حتى تتمكن من تنفيذ برنامجها السياسي والعقدي في المنطقة وتعود بعد ذلك إلى استئناف مخططاتها بزخم أكبر وتصميم أرسخ، ولو أن تغيراً جوهرياً حدث في إيران لشاهدنا ذلك في تجاوب إيران مع المساعي الدولية لحل الأزمة السورية، وفي إيقاف تدخلها في الشئون الداخلية للبنان واليمن والبحرين والعراق وغيرها من الدول العربية، وفي استجابتها لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة في حل مشكلة الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران عن طريق التفاوض أو التحكيم، أما في غياب شيء من ذلك فليسمح لنا فريد زكريا أن نختلف معه ونقول إن علينا أن ننتظر من إيران مزيداً من الأفعال حتى نستطيع أن نثق في الوجه الجديد المبتسم!! للتواصل: [email protected] فاكس : 02/6901502 [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain