عثمان حسن لم يترك التراث الأدبي العربي شاردة أو واردة، إلا وكتب عنها، بدءاً من أدق التفاصيل التي تتعلق بخصوصيات الإنسان، وصولاً للطبيعة وتأثيراتها من نبات وشجر ومناخ إلى غير ذلك مما كان له أكبر الأثر على حياة الناس في حلهم وترحالهم، ونقصد هنا الحيوان، من خيل وجمال وماعز وربما حيوانات جارحة وطيور وادعة وأليفة وسواها . في هذا السياق، يرد اسم الجاحظ وكتابه الشهير عن الحيوان الذي توقف عنده الكثير من الدارسين والنقاد لما توفرت عليه مادته الغزيرة من متعة وأنس وفائدة . تناول الجاحظ في كتابه كل ما يتصل بالحيوان، فوصفه أدق تفصيل، ودرس أشكاله وطبائعه، كما وثق لكثير من الشعر الذي قيل في الحيوان بما في ذلك العادات والتقاليد التي ارتبطت بأجناس البشر وطرق تعاملهم مع كثير من أصناف الحيوانات التي لا يمكن حصرها . وفي السياق ذاته، يمكن الإشارة إلى كثير من نماذج الأدب الحديث، الذي كتب عن الحيوان في سياقات قد تكون متشابهة ومتطورة نوعا ما، ومن ذلك ما قام به مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، في هذا العام بنقل سلسلة من الكتب التي تتحدث عن الحيوانات، بعنوان رئيس هو "التاريخ الطبيعي والثقافي" واشتملت القائمة على أنواع (الحمامة) من تأليف باربارة ألين وترجمة صخر الحاج حسين و(البقرة) لحنة فيلتين وترجمة صخر الحاج حسين أيضاً، وكتاب (الحوت) لجو رومان وترجمة إيزميرالدا حميدان و(الفيل) لدان ويلي من ترجمة جولان حاجي . مما لا شك فيه أن مثل هذه الكتب ستقدم فائدة مختلفة للقارىء العربي مع اختلاف التجربة والجغرافيا، وما يمكن وصفه بجرأة الإنسان الحديث مستفيداً من التكنولوجيا في الاقتراب من الحيوان وفهمه، مع وجود كثير من المؤسسات والمحميات التي تتوفر فيها سقوف عالية للتعامل مع الحيوان وإدراك غاياته وانفعالاته . فكتاب الحوت على سبيل المثال، يستكشف الدور الذي لعبته الحيتان في التاريخ والخيال البشريين وفي المحيطات نفسها، وقد كتبه جو رومان بالاعتماد على دراسة دور الحوت في التاريخ والأساطير والفن والأدب والتجارة وأيضاً العلم البشري، وأرفق الكتاب بسلسلة من الرسوم التوضيحية من أحافير العصر الحجري، مروراً برسومات العهد الفيكتوري لصيد الحيتان، وصولاً إلى أحدث الصور الملونة التي تم التقاطها تحت الماء . الكلام ذاته يتكرر مع الفيل، الذي بحسب أرسطو يفوق سائر الحيوانات عقلا وفطنة، وتتبع مؤلفه جولان حاجي تمثيلات هذا الحيوان في ديانات وثقافات العالم، وتطرق إلى نماذج من تصوير الفيل في الفنون الجميلة والآداب، كما نوه بالأدوار المثيرة للجدل التي يتعرض لها هذا الحيوان في الحدائق وحلبات السيرك، ويؤكد الكتاب أنه لم يتبق من فصائل الحوت الكثيرة في زمننا هذا سوى ثلاث فئات هي: فصيلتا السافانا والغابة الإفريقيين وفصيلة الفيل الآسيوي وهي جميعاً ترزح تحت وطأة ضغط شديد يمتد من لصوص العاج إلى تقلص المأوى لهذه الفيلة رائعة الفطنة والذكاء . [email protected]