حياة عدن / الشحر / انور السكوتي / عبدالجبار باجبير وسط جموع غفيرة من المصلين الذين امتلئت بهم ساحة الحرية بمدينة الشحر , القى فضيلة الشيخ (( محمد بن مشدود )) خطبة الجمعة لهذا اليوم الموافق 29 من نوفمبر 2013م , والتي حملت (( جمعة ذكرى الاستقلال الأول)) . وفي مستهل خطبته وبعد الحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , حث المؤمنون على تقوى الله حق تقاته وان لا يموتن الا وهم مسلمين . وفيها خاطب المستمعين في هذه الساحة وفي غيرها من ساحات الشرف والنضال ان يفتحوا قلوبهم ويستمعوا الى قول الله عز وجل (( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) )) سورة الشورى . مؤكداً هنا ان السبيل على الظالمين اما المظلوم فقد عذره الله ان يقول ماشاء وان يفعل ماشاء ذرءاً لظلمه . وكما جاء في قوله تعالى في سورة النساء : ((لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) )) . وقد استشهد فضيلة الشيخ بمن يقلل من عزيمة الجنوبيين ويصغّر شأنهم ويصفهم بأقذع الاوصاف والشتائم , ويبرر في الوقت نفسه رد الجنوبيين عليهم وان كان حتى بأقذع الاوصاف . حيث استشهد بما روي عن ان سهيل ابن عمرو اتى الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه وقال للرسول صلى الله عليه وسلم : يا محمد لا يغرنك هؤلاء قاصداً بأن صحابة رسول الله ( اوباش ) كحد وصف الشيخ . وفيه رد عليهم الشيخ بأن الجنوبيين نعم اوباش مثلما كان الاوباش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأكيد على ان مثل هذه الاوصاف لا يطلقها إلا شخص كافر أو حاقد لا يريد للحق أن يظهر . فرد عليه ابابكر الصديق : ( امصص بظر اللات ) حيث اخرص لسان سهيل ابن عمرو , مشيراً الى ان هذا الرد جاء من صحابي جليل ( حيي ) كابي بكر ولم يأتي من صحابي آخر سليط اللسان . وقد عذره الرسول في هذا . لانهم ظلموا . كما حث فضيلة الشيخ الجنوبيين على ضرورة العمل لإسكات الناعقون المدافعون عن الظلم والظالمين مؤكداً بأن رغبته تكمن في الوقوف الى جانب المظلومين وليس الظالمين . كما سخر فضيلة الشيخ مما يروج له نظام صنعاء وابواقه من تضليل اعلامي ووصف الجنوبيين بأقذع الاوصاف تارة بدعوة الاشتراكية وتارة اخرى بإيران وغيرها فهي لا تعد عن كونها اكاذيب ومغالطات . كما اشار بأن ايا من كان على مثل هذا المنبر الواقف عليه , فهو مسئول امام الله عن كل كلمة يقولها . داعياً الجميع الى تقوى الله بمن فيهم اولئك الواقفون على الحياد مخاطباً اياهم : ( إذا لم يصبكم الضر فأمة بأكملها اصابها الضر ) . وفي خطبته ايضاً اشار فضيلة الشيخ بأن الجنوبيون صبروا بما فيه الكفاية , وعفوا وكفوا بما فيه ايضاً الكفاية , وان الاوان قد آن لتغيير استراتيجية النضال , مخاطباً المستمعين الحضور من ابناء مدينة الشحر بانهم من عانى كثيراً من هذا المحتل ولا زالوا يعانون . وفي مقاربة بين مايحدث في مناطق الجنوب من قصف مستمر للطائرات من دون طيار وبين مايحدث في المناطق الشمالية , اشار فضيلة الشيخ الى ان هناك , مرة واحدة تم فيها قصف منطقة شمالية خرج بعدها جميع الشماليين ( حكام وعلماء دين واحزاب سياسية وشيوخ قبائل وغيرهم ) وجميعهم يقول : لا للمساس بالسيادة الوطنية , لا لهذا العدوان . في حين ان هذه الطارات وغيرها تقصف مناطق الجنوب ليلاً نهاراً دون ان نجد احد منهم قال كلمة الحق . وكان لسان حالهم يقول : طالما اننا نقتل الجنوبيين كل يوم فلا فرق من ان يقوم الامريكان بهذا الامر بدلاً عنا . وقد وصف فضيلة الشيخ هذا الفعل بقوله : ( هذا بهتان عظيم ) . كما اشار الى ان في الشمال تتفق الحكومة والقبائل ورجال دينهم مع الامريكيين والمسلحين , ويقوموا باخراج كل المسلحين من اراضيهم حتى لا تضربهم الطائرات الامريكية , ويعللون هذا بانه توجد مصلحة ومفسدة , لكن عند تعاملهم مع الجنوب فلا توجد هذه المصلحة او المفسدة وانما على الامريكيين يدقوا الجنوبيين دق . وفي النهاية اصبح بيوتنا مدمرة , دماؤنا مسفوكة . كما تطرق فضيلة الشيخ بن مشدود الى ماتعرض له ابناء محافظة ابين من تشرد وقتل وتهديم للمنازل والى مايعانوه اليوم وهم بلا مسكن او مأوى , في حين ان ما وصفها بسلطات الاحتلال تتفرج على معاناتهم هذه , متسائلاً اين هم اولئك المتشدقون بحماية الدين والنفس والعرض مما يعانيه الناس في ابين وفي مناطق الجنوب . مؤكداً بان ماوصفه بالمحتل اليمني نسف كل الكليات الخمس في الجنوب وهي الكليات التي جاءت الشريعة لحمايتها ورعايتها , فقد اخرجنا المحتل من ديننا , والنفس سفكوها والاعراض انتهكوها والمال نهبوه والارض استباحوها . كما حذر فضيلة الشيخ بن مشدود ابناء محافظة حضرموت من تكرار نفس سيناريو ابين , خاصة وان من كان يقود تلك العمليات التخريبية في ابين تم نقله الى حضرموت ليعيد نفس ذلك السيناريو . وفيها طالب الجميع بتحمل مسئوليته بمن فيهم اولئك الصامتون والمتفرجون من الجنوبيين وبما فيها حتى اولئك الذين كما يقول لهم في الامثال العامية يمشون جنب الحيطة , انهم ايضا مسئولون ولا يمكن ان نستثني احد . كما اتهم فضيلة الشيخ بن مشدود ما وصفه بالمحتل اليمني بوقوفه وراء نشر المخدرات في مناطق الجنوب , وترويجها بين اوساط الشباب وبيعها لهم بأبخس الاثمان فلا تكاد تخلو بقالة او بسطة منها بما فيهم من يبيعون الشمة والفل . كما استغرب فضيلته ايضاً من اولئك الذين يقومون بحملات للقضاء على المخدرات ويتواصلون في الوقت نفسه مع ما وصفهم بسلطات الاحتلال لإجاد حلول ومعالجات لها . معللاً ذلك : كيف يكون المحتل طرفاً في معالجتها والقضاء عليها وهو من يروج لها ويذيعها . وهؤلاء ليسوا بسلطة وانما هم عصابة حد وصفه . وفي مقارنة اخرى بين من يدّعون بأن الدين والمتدينين في الشمال بينما في الجنوب الشيوعية والشيوعيين , اشار فضيلة الشيخ ( محمد بن مشدود ) الى ان عملتنا النقدية في الجنوب , ايام الشيوعية كما يسميها هكذا الشماليون , كانت تضم صوراً للنخلة والسفينة والجمل , في حين ان عملة الشمال النقدية فمجموعة اصنام واوثان يتداولون بها . وفي رده على البعض ممن يروجون على ضرورة الابقاء على الوحدة اليمنية لضرورات دينية , اشار الشيخ ( بن مشدود ) الى ظاهرة الطلاق على سبيل المثال وهي ابغض الحلال عند الله . مؤكداً بأن علماء الشرع اكدوا ان الطلاق في بعض الاحيان محرم , وفي احيان اخرى مكروه واحياناً مباح واحيانا منذوب , وفي احياناً اخرى يكون ( واجب ) عندما يحصل الفساد وكما قال الله جل جلاله : ((فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ )) سورة النساء . او قوله (( .. فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ .. )) الاية 229 سورة البقرة . وفي هذا الشأن اكد فضيلة الشيخ بن مشدود متهكماً على تمسك الشماليين بالوحدة , بأن الفكاك والطلاق من الشمال بات ضرورة ملحة , واننا كجنوبيين ماضون فيه , وان اراد الشماليون الخلع خلعناهم , وان ارادوا مننا ندامة سندفعها , ندامة لاننا اغبياء بتوحدنا معهم حد وصفه . كما تأسف فضيلة الشيخ بن مشدود عن الاحوال السيئة التي صابت الناس بسبب معاملة هذا المحتل وكيف ان لنا كجنوب سواحل بحرية طويلة في حين لا نجد الاسماك في اسواقنا , بل وبيعها في اسواقنا بثمن اربعة اضعاف مما هو يباع في صنعاء . كما شبه فضيلة الشيخ ( محمد بن مشدود ) وجود الشماليين بالجنوب بفيروس الملاريا وخاصة نوع منه خطير لا يؤثر فيه العلاجات التقليدية , مشيراً الى ان هؤلاء الشماليين لا يريدوا علاجاً تقليدياً وانما جرعة قاتلة كحد وصفه . كما اكد فضيلة الشيخ ان بعد الثلاثين من نوفمبر فجميع الخيارات مفتوحة للجنوبيين للعمل على استعادة دولتهم واستقلالهم . وفي ختام خطبته دعا فضيلة الشيج جماهير الشعب الى ضرورة المشاركة لإحياء الذكرى السادسة والاربعون من عيد الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر . سائلاً الله ان يعيدها العام القادم وقد تحرر الجنوب من محتله . كما دعا الناس الى ضرورة التمسك بالساحات ودعمها والحفاظ عليها لان وقعها على المحتل اشد من وقع السيوف .