دشنت حملات إعلانية للتصويت ب"نعم" للدستور رغم عدم الإنتهاء من صياغته بعد، ما أثار تساؤلات حول من يقف وراء الحملات، لاسيما أنها تعم كل وسائل الاعلام المصرية من دعاية على الطرق والشوارع والجسور ومختلف القنوات الفضائية للمملوكة لرجال أعمال. القاهرة: بينما تشتد الخلافات داخل أروقة لجنة الخمسين لوضع الدستور المصري الجديد، إنطلقت حملات إعلانية مدفوعة الأجر في الشوارع والميادين والطرق الرئيسية في القاهرة والمحافظات تدعو المصريين للتصويت ب"نعم" على الدستور. وتتبنى الحملات عبر اللافتات الضخمة، سواء في القاهرة أو المحافظات، شعارًا واحدًا هو: "المشاركة في الدستور يعني نعم ل30 يونيو و25 يناير". دعوة ل"نعم" تتزامن الحملات الإعلانية في الشوارع والطرق، مع حملات أخرى تبنتها غالبية القنوات الفضائية الخاصة المملوكة لرجال أعمال محسوبين على نظام حسني مبارك، الذي عاد للظهور بقوة عبر رموزه المعروفين أو رموز جديدة. وتدعو الحملات التليفزيونية المصريين للمشاركة في الدستور، والتصويت ب"نعم" تلميحًا. وتؤكد الحملة أن المشاركة في الدستور والتصويت لصالحه جزء من الوطنية، مشيرة إلى أن هذا الدستور لن يكون الأخير في مصر، وأن الناس لا يمكنهم أن يتوافقوا تمامًا على شيء واحد. فيما أنطلقت حملة تلفيزيونية أخرى تقول: ''لا للظلام... شارك في الدستور''، وأكتفت بالتوقيع باسم ''مصريون يحبون مصر". من أين كل هذا أثارت الحملات عاصفة في الغضب والتساؤلات، لاسيما أن الأمر يؤشر على وجود جهات أو مجموعة من رجال الأعمال يقفون وراءها لتحقيق مصالح خاصة. وتساءل المرشح الرئاسي السابق خالد علي عمن يقفون وراء تمويل تلك الحملات، وقال: "حملة إعلامية ضخمة تطالبنا بالتصويت بنعم على دستور لم تنته الجمعية من إعداده، ولم نشاهد أى مسودة كاملة منه. فمن الذى ينفق كل هذا المال؟''. فيما قال أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل: "إيه علاقة التصويت بنعم في الاستفتاء بثورة 25 يناير، ما ممكن يبقي الدستور ضد مبادئ ثورة 25 يناير، اللي بتعمله السلطة الحالية اسمه نصب وتدليس". انتهازية سياسية وقال المستشار محمد عبد المنعم، رئيس محكمة سابق، ل"إيلاف" إن تلك الحملات مباحة قانونًا، مشيرًا إلى أنه من حق أية جهة أن تعبر عن آرائها السياسية طالما في حدود القانون. غير أن عبد المنعم يرى أن في تلك الحملات إنتهازية سياسية، وتتضمن الكثير من التدليس، لاسيما أن الدستور لم يتم الإنتهاء منه، ولم تظهر للعلن أي نسخ منه، معتبرًا أن تلك الحملات تستهدف إجراء عملية غسيل مخ مسبقة للمصريين. كما أعتبر أن تلك الحملات تتعامل مع المصريين بمنطق القطيع، وتحاول أن تسوقه إلى التصويت ب"نعم" على دستور لم يخرج للنور، ولا أحد يعرف هل هو جيد أم لا. ولفت إلى أن إنطلاق تلك الحملات قبل الإنتهاء من صياغة الدستور بفترة كبيرة، تؤشر على وجود حالة من الرعب لدى النخبة السياسية في مصر، ونخبة رجال الأعمال التابعين للنظام السابق، من التصويت على الدستور بالرفض أو عدم الموافقة عليه بنسبة كبيرة، عن النسبة التي فاز بها دستور الإخوان، وهي 63%. احتجاج نقابي يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فئات كثيرة عن غضبها من الدستور الجديد، لاسيما فئة العمال والفلاحين، الذين أثار إلغاء الدستور الجديد نسبة 50% المخصصة لهم في البرلمان غضبهم، وهددت النقابات العمالية بالتصويت ب"لا" ضد الدستور. ودعا الإتحاد العام لنقابات عمال مصر الرئيس المؤقت عدلي منصور إلى التراجع عن قرار إلغاء نسبة 50%، وقال في تقرير له حول تلك الأزمة، تلقت "إيلاف" نسخة منه: "هل من العدالة الاجتماعية تهميش العمال والفلاحين؟ وهل من العدالة الاجتماعية القضاء على حقوق ومكتسبات 25 مليون عامل بأجر فى مصر؟". وقال: "إننا فى الإتحاد العام لنقابات عمال مصر، الذى يضم فى عضويته 6 ملايين عامل ويدافع عن حقوق 25 مليون بأجر سوف نمارس دورنا كمحامين للعمال والفلاحين وسنتمسك بحقنا فى الاستمرار فى الدفاع عن حقوق عمالنا البسطاء ليشهد التاريخ أننا كنا وما زلنا فى صفوف الجماهير العمالية والفلاحية ونستغيث، بل نترجى كل صناع القرار، وعلى رأسهم الرئيس المؤقت عدلى منصور مراجعة هذا القرار الذى سيشوه الدستور بما له من أعراض خطيرة سيكتبها التاريخ بأحرف سوداء هى ومن كتبوها". كما هدد الأقباط بالتصويت ب"لا"، إحتجاجًا على عدم تخصيص كوتة لهم في المجالس النيابية، وبخاصة البرلمان، وعدم النص على مدنية الدولة.