الثلاثاء 03 ديسمبر 2013 12:12 صباحاً ((عدن الغد)) خاص: اتسعت دائرة القيسي الشعرية لكنها لم تكتمل , وكان موته المقطر على مدى اسبوعين في غياهب الغيبوبة الأخيرة على سرير المرض ,دائرة اخرى من دوائر هذا الشاعر المتداخلة في القصيدة , وكأنها سر عذب لا يريد له صاحبه أن ينكشف أمام فضول النقاد والشعراء على حد سواء . إنه ذلك الشاعر الحزين المتجول في الشارع الفلسطيني الموغل في عذابات القصيدة وجمالياتها الأبدية . مولده : ولد محمد خليل القيسي في قرية كفر عانه الفلسطينية 1944م , لكنه لم يقم طويلا في تلك القرية الغافية على أهداب مدينة يافا, فقد احتضنته وعائلته مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية بعد نكبة 1948م, واضطرار تلك الأسرة مثل العديد من الأسر الفلسطينية إلى الهجرة في صورة مشردة من صور التشرد الفلسطيني. درس محمد القيسي مراحلة الدراسية الأولى في مدارس الضفة الغربية , قبل ان ينتقل إلى العاصمة اللبنانية ليحصل على شهادته الجامعية في الأدب العربي من جامعة بيروت العربية 1971م . أغاني أمه الفلكلورية .. زاده الإبداعي : كانت أغاني أمه (حمده) الفلكلورية الحزينة المليئة بالحماس احياناً هي زاه الإبداعي الذي كان يلتقطه بطفولته من تلك الأحضان الحزينة التي كانت مصدره الشعري الذي لايقف , فقد ظل القيسي الولد الحزين دائماً يتذكر ذلك الصوت الذي أختزن بعقله وجسده وهو يغرد بتلك الأغاني الشعبية الحزينة والحماسية , فيحاول أن يحاكيها بطريقته الشعرية متكئا على تلك الذاكرة المتخمة بكل ما هو حي من القسوة والألم الذي عاش فيه تحت هيمنه المحتل الصهيوني , وكل ما هو حي من ذلك الجمال والبهاء الفلسطيني تحت وطأة الإحساس بالوطن والأمومة معاً. القيسي والسلك التربوي .. والكتابة الصحفية : بدأ محمد القيسي مرحلة التيه بشكل حقيقي وجاد بعد تخرجه من الجامعة , حيث عمل في التربية والتعليم في مدارس المملكة العربية السعودية قبل أن يواصل مرحلة التيه متنقلاً بين عواصم وأمكنه عربية كثيرة ليس من بينها مكانه الأول , بدأها ببغداد وثم دمشقفبيروت والكويت وبنغازي , وأستقر أخيراً في عمان حيث استهوته فكرة الكتابة الصحفية التي مارسها بشكل احترافي في الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي , ومنذ 1987م شعر القيسي بحاجة قصيدته الماسة له فتفرغ لها . التشرد .. ومفاتيح البيوت : انحاز القيسي في قصائده لفلسطين كقضية وإنسان يحمل معاناته على ظهره بالضرورة ,تحت وطأة الإحساس الدائم بالفقد , وكتاريخ حي لا يموت وينبغي ألا يموت , والأهم من كل ذلك كوطن .. وأي وطن ! هكذا كانت قصائد القيسي ذلك المغني الحزين المتجول على أطراف الحزن الفلسطيني موثلاً للفجع والأمل في ذات الوقت التفاؤل بالقادم الأفضل بعيداً عن المعاناة وصور التشرد واللجوء والبعد عن الأمكنة ومعايشة الغربة التي عانت الأسر الفلسطينية والاحتفاظ بمفاتيح البيوت للعودة إلى الوطن . يذهب محمد خليل القيسي من بيننا ويترك بين أيدينا ال "25" كتاباً : عندما ذهب القيسي ذهابه الأخير مسجى بالشعر والنضال إثر سكته دماغية دهمته في اليوم الأول من أغسطس 2003م , وترك وراءه ما يربو على الخمسة والعشرين كتاباً شعرياً مثلت مجمل تجربته الشعرية . ومن كتاباته الشعرية : - راية في الريح - خماسية الموت والحياة - رياح عز الدين القسام - الحداد يليق بحيفا - إناء لأزهار سارا زعتر لأيتامها - اشتعالات عبدالله وأيامه - وكم يلزم من موت لنكون معاً - أغاني المعمورة - أرخبيل المسرات الميتة - كل ما هنالك - كتاب حمدة - عائلة المشاة - صداقة الريح - كتاب الابن - ناي على أيامنا , وغيرها من العناوين الأخرى. كتب / دعاء نبيل