تشهد جمهورية إفريقيا الوسطى، خصوصا العاصمة بانغي، تفاقما متزايدا للوضع الأمني، بعد سقوط نظام الرئيس فرانسوا بوزيزي، الذي يحكم منذ عام 2003. ويتخذ الاقتتال بين المسلمين والمسيحيين طابعاً دينياً، حيث يستخدمون في معاركهم الأسلحة النارية والخناجر والفؤوس والمعاول. كما تتعرض القرى ومناطق الأرياف للهجمات التي يذهب ضحيتها الأطفال والنساء والفلاحون، بل إن المهاجمين يقتلون كل من يصادفونه في طريقهم. ويصف مراسلون ما يجري في إفريقيا الوسطى بالإبادة الجماعية العبثية، ويتحدث بعضهم عن بعض جوانب حكاية «بيشوفو»، الذي هرب من المهاجمين، وراقب من مخبئه مقتل أولاده التسعة وزوجته على أيديهم. ويتهم تحالف «متمردي سيليكا»، الذي يضم ثلاث جماعات مسلحة بوزيزي، بعدم الوفاء باتفاق تم توقيعه عام 2007، ويقضي بحصول المتمردين الذين يلقون أسلحتهم على تعويض مالي. كما طلب التحالف من مقاتليه وقف زحفهم صوب العاصمة بانغي، بانتظار ما ستسفر عنه محادثات سلام، يجري الترتيب لها في ليبرفيل عاصمة الغابون، لكنهم لم يأبهوا لنداء الرئيس بوزيزي لهم، لتمكينه من استكمال ولايته الرئاسية التي تنتهي في 2016، وتعهده بعدم ترشيح نفسه مجدداً. وما يزيد من المشكلات الأمنية والسياسية التي تعانيها إفريقيا الوسطى، وجود زعيم جيش الرب المعارض في أوغندا جوزيف كوني، والمطلوب دولياً في جرائم حرب، والذي يفكر في تسليم نفسه. ومنذ فترة، أصاب الشلل التام مختلف نواحي الحياة في العاصمة بانغي، التي أصبحت تحت رحمة المسلحين والعصابات، التي تنفذ الاغتيالات وعمليات الاختطاف يومياً. كما أن هناك اعتقادا أن عناصر من جماعة «بوكو حرام» النيجيرية، موجودة في بعض مناطق إفريقيا الوسطى، وتستغل حالة الفوضى الأمنية والسياسية، لاتخاذ مواقع لها، وإعادة ترتيب شؤونها، ثم تنفيذ هجمات في دول أخرى مجاورة. وفي ظل انتشار الفوضى، وغياب القوانين، يعمد المتمردون إلى تجنيد أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، وينتهكون حقوق الإنسان بصور خطرة، ويرتكبون الفظائع، إذ يحرقون القرى والكنائس والمدارس، ويغتصبون البنات أمام أوليائهن، ويقتلون النساء بأطفالهن الرضع، ويقطعون رؤوس الرجال. كما دفعت هذه الفظائع وأعمال العنف الطائفي عشرات آلاف المدنيين إلى هجر بيوتهم وقراهم.