لم يكن الفوز بإستضافة نهائيات كأس العالم 2022 سوى مجرد جزء من خطة قطر بأن تكون لاعباً رئيسياً في عالم كرة القدم بعد أن أصبحت ذات تأثير قوي في صناعة كرة القدم في العالم . لندن: فإذا تم تجاهل التقارير الإنكليزية المتكررة، والتي أصبحت مألوفة، عن مسلسل إتهامات قطر بإنتهاكات لكتائب من عمال البناء المهاجرين، ، وبصرف النظر عن مراوغات سيب بلاتر رئيس الفيفا ما إذا كان يعترف بأي مسؤولية على الاطلاق عن حقوق العمال هناك، وما واكبه شبه صمت حول ظروف العمال الذين يقومون ببناء الملاعب والفنادق وغيرها من الهياكل لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022. ولكن بالنظر لجزء آخر من هذه الأحداث ، فإنه يعكس تأثير قطر غير العادي الذي تمارسه الآن على الرياضة الأكثر شعبية في العالم، فالدولة الخليجية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها حوالي مليوني نسمة، على أراضٍ متاخمة للسعودية وُصفت في كتاب الحقائق لوكالة المخابرات الأميركية على أنها "أصغر قليلاً من كونيتيكت" (ولاية تقع شمال شرقي الولاياتالمتحدة). وكادت قطر تكون غير معروفة ودون أن يلاحظها أحد لحين عرضت مناقصتها الهائلة لاستضافة كأس العالم، والدولة التي تعتبر أغنى بلد في العالم من حيث الانتاج الاجمالي، الذي يبلغ حوالي 103.900 دولار للفرد الواحد، انتشر اسمها الآن في كل أنحاء العالم جزئياً من خلال سيطرتها على اللعبة الأشهر في العالم . البداية مع برشلونة الإسباني ففي عام 2011 استثمرت مؤسسة قطر 150 مليون دولار للتوصل إلى اتفاق مدته خمس سنوات لتصبح أول راعٍ في التاريخ لقمصان برشلونة، ويمكن القول في العالم الأكثر مساحات إعلانية مرموقة، وبعد عامين فقط من هذا الاتفاق الغريب والمفرد، حيث كانت الذراع الخيرية في قطر تستثمر لرعاية البارسا، تم تحويل الصفقة إلى أول رعاية أصلية لبرشلونة تقوم بها شركات. وأعلنت الخطوط الجوية القطرية موافقتها لدفع 96 مليون دولار للتوصل إلى اتفاق لمدة ثلاث سنوات، في حين قال خافيير فاوسن رئيس برشلونة للشؤون الاقتصادية والاستراتيجية، إنه بسبب هذا المبلغ سوف لن يكون شعار الخطوط القطرية على صدور اللاعبين فحسب، بل على واجهة كامب نو وعلى مقاعد المدرجات الرائعة وبجانب شعار نايكي، و"ستكون هناك مساحة لها في المتحف". في الوقت نفسه قال المدير التنفيذي ل"لقطرية" أكبر الباكر عن الصفقة مع البارسا، النادي الذي كان يمتنع دائماً من عقد صفقات الرعاية بإعتباره مؤسسة خيرية مملوكة لممثل الاقليم الكاتالوني، "نحن نتشارك مع برشلونة في القيم والطموحات والجرأة والتمييز"، وذلك حسب ما ذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية. شراء نادي باريس سان جرمان الفرنسي وإستضافة مونديال 2022 ثروة قطر، التي ولّدت ناتجاً محلياً اجمالياً بلغ 183 مليار دولار في 2012، والذي جاء أغلبه من انتاج الغاز الطبيعي، اشترت باريس سان جيرمان في 2011، وجاء استحواذ قطر للاستثمارات الرياضية، المملوكة للدولة، بعد مأدبة غداء في قصر الاليزيه في 2010 شارك فيه الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي ورئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشيل بلاتيني والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي حل محل والده الشيخ حمد أميراً للبلاد، ورئيس الوزراء القطري. واعترف بلاتيني أن ساركوزي أراد من القطريين شراء باريس سان جيرمان، وأن يصوّت رئيس الفيفا لمصلحة عرض قطر لإستضافة كأس العالم 2022، في الوقت الذي سبق للفيفا الإعلان عن النتائج النهائية في 2010 ، ولكن بلاتيني نفى تأثير إلحاح الرئيس الفرنسي على طريقة تصويته. وفي وقت لاحق عرض على نجل كابتن فرنسا السابق، لوران، منصب كرئيس تنفيذي ل"بوردا سبورت"، وهي شركة سويسرية للملابس الرياضية وتنتج أحذية وملابس كرة القدم ورياضات مختلفة أخرى مقرها في جنيف مع مكتب الشرق الأوسط في الدوحة، على الرغم من اصرار بلاتيني أنه لا علاقة بهذا التعيين بتصويته لصالح قطر. وتغذت فرص باريس سان جيرمان للمنافسة على مستوى الأندية الأوروبية النخبة ودفع الأجور الضخمة لأمثال السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والأوراغواني ادينسون كافاني وغيرهما من التعاقدات على أعلى المستويات من خلال صفقة مفاجئة في الصيف عندما وقعت هيئة قطر للسياحة عقد استثمار كراعٍ بما يصل سنوياً إلى 200 مليون يورو ولمدة أربع سنوات، وبأثر رجعي على أن يبدأ العقد في عام 2012. وذكرت "ذي غارديان" البريطانية أن أمير قطر والمسؤولين في البلاد لم يسبق لهم أن شرحوا عن تأملاتهم التي تكمن وراء هذا الاهتمام المحموم حقاً بكرة القدم، وتطالب الاستراتيجية الوطنية لقطاع الرياضة في البلاد للفترة بين 2011 و2016، التي تعتمد على خطة التنمية في قطر حتى عام 2030 ب"المبادئ المستدامة والتنمية المتوازنة في قطر التي تتم على أساس اقتصاد نشط ومزدهر يوفر العدالة الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار وتكافؤ الفرص للجميع". ويتفق العديد من المراقبين أن استراتيجية قطر، في جزء منها، طموحة لبناء وبسرعة قاعدة غربية – ودية لاقتصاد لما بعد حداثة الغاز، والجزء الآخر للخطط الدفاعية لخلق ضجيج بما يكفي لتجاوز ظل السعودية الذي يلوح في الأفق. إنشاء أكاديمية أسباير العالمية وينتشر الجزء المعتدل من نفوذ قطر في كرة القدم من قبل أكاديمية أسباير، وهو برنامج لاكتشاف المواهب الاستثنائية التي تدعي أنها تقيّم 400 ألف لاعب كرة قدم من الشباب في كل أنحاء أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، حيث يتم فحص اللاعبين الشباب الواعدين في مراكز تقع في كل أنحاء أفريقيا وفي فييتنام وباراغواي وتايلاند، ويعتبر البلدان الأخيران المنطقتين الأكثر تأثيراً للعضوين السابقين في اللجنة التنفيذية في الفيفا نيكولاس لبوزووراوي ماكودي، ولكن أسابير نفت أن لمواقعها هذه علاقة بالتصويت على حق استضافة كأس العالم. ويتم اختيار أفضل لاعبين اثنين من كل دولة ليتم تدريب اللاعبين في أكاديمية أسباير في السنغال، وفي العام الماضي اشترت أسباير نادي اوبين من الدرجة الثانية البلجيكي الذي يستخدم لإعطاء الفريق الأساسي خبرة للخريجين الواعدين من أكاديميات السنغالوالدوحة، وانجذبت الأندية الرائدة وأكاديمياتها، بما في ذلك مانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ وايفرتون وليفربول، في السنوات الأخيرة إلى أسباير بسبب جودة مرافقها، والذهاب إلى الدوحة للتدريب في الطقس الحار أو للتنافس في مسابقات الناشئين. ومنذ البداية، عاين البعض أن مشروع "أحلام أسباير لكرة القدم" على أنه عملية تجنيد عالمية للاعبين الأجانب الذين سيتم منحهم جنسية البلاد ومن ثم اللعب للمنتخب القطري، على الرغم من أن مدير عام الأكاديمية ايفان برافو، الذي شغل منصب المدير الاستراتيجي في ريال مدريد، نفى ذلك نفياً قطعاً، إذ ذكر أن هذا البرنامج هو "مسؤولية اجتماعية نقية، مما يساعد على تحسين فرص الحياة للناشئين والشباب من المناطق الفقيرة في العالم". هذه المهمة نبيلة، بدلاً من الصراعات مع معاملة العمال المهاجرين الذين يبنون قطر ومقر الفيفا، ومركز الشخصيات المهمة في الدوحة، الذي كان واحداً ممن اشتكوا إلى ممثلي منظمة العفو الدولية "يتم التعامل مع النيباليين مثل الماشية". ومع ذلك، وحتى في عالم كرة القدم وسفراء ملف قطر لنهائيات كأس العالم، بما فيهم الإسباني بيب غوارديولا والفرنسي زين الدين زيدان والأرجنتيني غابريل باتيستوتا، وعن أسباير الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي بيليه، لا يظهرون مضطربين أو قلقين. وفاز عطاء ال2022 في تصويت محموم للجنة التنفيذية للفيفا في عام 2010، وكان ثمرة جهد قطر الجريء لتثبت أقدامها في عالم كرة القدم: بناء الأمة من خلال اللعبة الجميلة والأشهر ، مع المال، وعلى نطاق واسع لم يسبق له مثيل.