يُوظف نائب المدير العام لسلطة دبي في المنطقة الحرة في التكنولوجيا والإعلام عبدالحميد جمعة، خبرته ومعارفه الواسعة، في الارتقاء بالمنتجات الإعلامية والفنية. وأوضح في حوار مع «الرؤية» أن مبادرات غير مسبوقة ستنطلق في الأيام المقبلة، مع تشكيل لجان مختصة في ربط ما هو موجود من إنجازات وإمكانات ب «إكسبو 2020». وأكد أن جميع الإمكانات وأسباب النجاح تتوفر في دبي، انطلاقاً من البنية التحتية والتكنولوجيا، وصولاً إلى الوسائل الإعلامية وعنصر الشباب. وأبان أن الإنجازات الثقافية ستتعزز مع اقتراب «إكسبو 2020»، مشيراً إلى جهل البعض بأن ما يفوق ال60 في المئة من هذا الحدث يخص القطاع الثقافي. وأردف جمعة أن كل دولة تستعرض في «إكسبو» أعمالها الثقافية أكثر من المنتجات الصناعية والتجارية والتكنولوجية. وأوضح أن هيئة دبي للثقافة والفنون أعدت خططاً محكمة على هذا الصعيد، وعقدت اجتماعات مكثفة، بصفة استباقية، أي قبل الإعلان عن فوز دبي ب «إكسبو»، لافتاً إلى أنها طرحت الكثير من المقترحات والمبادرات والأفكار، لتنطلق في مرحلة التنفيذ، إثر تحديد جدول زمني مفصل. وأكد جمعة أن الوقت حان لإحداث تغيير في مهرجان دبي السينمائي، مشدداً على ضرورة التفكير بجدية في إنشاء صندوق لدعم السينما الخليجية والسينما الإماراتية. ونفى جمعة دفع درهم واحد لأي نجم هوليوودي، ولا حتى توم كروز، مقابل حضور المهرجان، ذاكراً أن الممثل الأمريكي أحب المدينة وربطته بها علاقة حميمة، وأردف أنه حضر المهرجان مع فيلمه. وأفصح جمعة عن أن أربعة أفلام عالمية ستُصور في دبي العام المقبل. وتالياً نص الحوار: ÷ ما تأثيرات الفوز ب «إكسبو 2020» على المنطقة الحرة في التكنولوجيا والإعلام في الأعوام السبعة المقبلة؟ -ينتج فوز دبي بشرف استضافة «إكسبو 2020» تأثيراً إيجابياً كبيراً، وشهدت كافة القطاعات في الدولة ودبي، تطوراً ملحوظاً وإنجازات جمة، منذ 1958 خاصة، أي حين تسلم الحكم في دبي المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراه. ومهّدت عوامل عدة لتبوء دبي هذه المكانة المرموقة إقليمياً ودولياً، وفوزها باستضافة حدث في حجم «إكسبو 2020»، ويتمثل أهمها في انتعاش قطاع التجارة منذ عام 1985، وقطاعات السياحة والأعمال والمال، مروراً إلى مجالات التكنولوجيا والإعلام والطب والثقافة. ÷ ما المشاريع المستقبلية للمنطقة الحرة بهدف مواكبة «إكسبو 2020»؟ -أعتقد أن الفكر الذي جاء به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قبل الفوز ب«إكسبو»، حول التحول إلى الحكومة الذكية، يصب في بوتقته كل الأهداف التكنولوجية، وتعيش دبي بفضل فكر سموه تطوراً سريعاً ومدروساً لم تشهده الدول العظمى بعد. وتتوفر في الإمارة جميع الإمكانات وأسباب النجاح، من البنية التحتية والتكنولوجيا والوسائل الإعلامية فضلاً عن عنصر الشباب. ويُعتبر إطلاق القمر الصناعي «دبي سات 2» مهماً للمنطقة كافة، وستنطلق مبادرات غير مسبوقة في الأيام المقبلة، مع تشكيل لجان مختصة في ربط ما هو موجود ب«إكسبو 2020». وستشهد دبي، في الفترة المقبلة، تطورات على الصعيد الثقافي والتكنولوجي والإنساني بشكل شامل، فاختيار دبي والدولة لحدث مثل «إكسبو» له مغزى مهم، ورمزية بالغة، تتعلق بدور هذه المنطقة من العالم، في سد الفجوة بين الشرق والغرب. وستضطلع الإمارات بدور فاعل في الارتقاء بالمنظومة العربية وتحسينها، في ظل تغيرات بالغة تشهدها خريطة العالم، رجوعاً إلى إمكانات الدولة وحكمة قيادتها الرشيدة ونجاحها الساطع في جميع القطاعات والمجالات. ÷ أين يتمركز المجال الثقافي في دبي باعتبارها مدينة ترفيهية سياحية؟ -انشغلت دبي في الفترات السابقة بتشييد البنية التحتية، وتطوير المرافق الحيوية، ولكن تُحسب لها خطوات ثقافية، أبرزها مهرجان دبي السينمائي ومهرجان الإمارات للآداب، وتأسيس هيئة دبي للثقافة والفنون. وستتعزز الإنجازات الثقافية، مع اقتراب «إكسبو 2020» فربما يجهل البعض أن أكثر من 60 في المئة من هذا الحدث يخص القطاع الثقافي، وكل دولة تستعرض في رحابه أعمالها الثقافية أكثر من المنتجات الصناعية والتجارية والتكنولوجية، وانطلاقاً من هذا البعد الثقافية لا بد أن تضع الجهات المعنية أن تضع توجهاً جديداً لمواكبة «إكسبو». ومن جانب آخر، يجب ألا نخلط بين لفظ «ثقافة» وكلمة «حضارة»، فعندما تموت الثقافة وتصبح جزءًا من التاريخ تتحول إلى حضارة، ولكل دولة ومدينة وبيت ثقافة خاصة به. وتعني الثقافة كيفية التعامل مع الحياة والأحداث اليومية، وترتبط أيضاً بكيفية إجابة الأبناء والموظفين والشعب عن كل الأسئلة التي يطرحونها. وتمتلك دبي خصوصية ثقافية معينة، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أنها مدينة عربية إسلامية منفتحة، تتعايش فيها كافة الأجناس والأعراق تحت قيادة رشيدة ذات توجهات محددة. ÷ ما خطط هيئة دبي للثقافة والفنون على المدى القريب والبعيد، لتعزيز مكانة الإمارة ثقافياً، مواكبةً ل«إكسبو 2020»؟ -وضعت الهيئة خططاً محكمة على هذا الصعيد، وعقدت اجتماعات مكثفة، بصفة استباقية، أي قبل الإعلان عن فوز دبي ب«إكسبو»، وطرحت الهيئة الكثير من المقترحات والمبادرات والأفكار، وستنطلق في مرحلة التنفيذ، إثر تحديد جدول زمني مفصل. ورغم انتمائي إلى المجلس الاستشاري لهيئة دبي للثقافة والفنون، أعتقد أن الإفصاح عن طبيعة هذه المشاريع، والتعريف بأهدافها، يندرج ضمن صلاحيات المدير العام للهيئة سعيد النابودة. ÷ هل سيشهد مهرجان دبي السينمائي توجهاً جديداً مع الحدث العالمي؟ -حان الوقت لإحداث تغيير في المهرجان، ويجب أن نفكر بجدية في إنشاء صندوق لدعم السينما الخليجية والسينما الإماراتية، إذ لا بد أن نأخذ هذه الصناعة من الهواية إلى الاحتراف، وأن نفكر حقاً ونعمل على إنشاء معاهد للسينما، ما يتيح لنا رعاية المواهب الإماراتية وغير الإماراتية. ومن الضروري أن نكثف سعينا ومبادراتنا لتمكين الشباب من تقديم أفلام جيدة ذات مستوى فني متميز في السبعة أعوام المقبلة. ولا بد أن نشجع إنتاجية الفيلم الإماراتي وعروضه، وذلك بامتلاك صالة عرض وطنية، أو تأجير صالة لعرض الأفلام المحلية، ويمكننا في السياق نفسه التعاقد مع رجال الأعمال من أصحاب صالات العرض لدعم هذه الفكرة بشكل غير ربحي. ÷ هل تضعون في مخططاتكم فكرة إطلاق مسابقة للأفلام المصورة عبر الهواتف الذكية، تماشياً والتطور التكنولوجي الذي تشهده دبي؟ -أعتقد أنه من واجب كل الجهات والمؤسسات في دبي، اليوم، التفكير بعقل شخص واحد، والسير وفق استراتيجية موحدة. وواكب المهرجان عامة عالم الإنترنت منذ عامي 2006 و2007 أي قبل الحكومة الذكية، وتباع أكثر من 70 في المئة من تذاكرنا عبر المواقع الإلكترونية والهواتف الذكية. ونمتلك نظام تحميل للأفلام وجدول المهرجان وأبرز أحداثه عبر الهواتف منذ عامين، ونبث أيضاً احتفالية السجادة الحمراء مباشرة على موقع اليوتيوب، وسبق أن بثت عبر مواقع الإنترنت مباشرة أكثر من جلسة حوارية مع النجوم. ونطور اليوم هذه الخدمة الإلكترونية، وتتمثل الخطوة التالية في بث بعض الأفلام القصيرة غير الموجودة في الإمارات، عبر الهاتف المحمول ليتمكن الأشخاص من خارج الدولة مشاهدتها، ويشارك الجميع في مناشط المهرجان. ÷ هل ثمة خطة تنظيمية وإعلامية جديدة خاصة بالمهرجان في عامه العاشر؟ -هناك ثقافة وخطوط معينة للمهرجان لا يمكن تغييرها، والمهرجان المحترم هو الذي يقدم فيلماً قوياً، ويستضيف نجومه وصناعه، ويعرضه ثلاث مرات على الأقل أثناء أيامه السبع. وهناك أوقات منظمة للقاء وسائل الإعلام بالنجوم، سواء أثناء سيرهم على السجادة الحمراء أو في المؤتمرات الصحافية الخاصة بأفلامهم، فضيوف المهرجان ملتزمون بجداول معينة، ويتوجب على الجميع احترام أوقاتهم، لأنهم في نهاية المطاف لا يتقاضون شيئاً مقابل حضورهم. ÷ يتردد أنكم تدفعون أجوراً خيالية لنجوم هوليوود مقابل حضورهم مثلما حدث مع النجم توم كروز، ما صحة هذه الأقاويل؟ -لم ندفع لأي نجم هوليوودي، ولا حتى توم كروز درهماً واحداً مقابل حضور المهرجان. وحضر كروز مع فيلمه، ولم يكن هناك بند في العقد يلزمه بعرض فيلمه في دبي لكونه صُور فيها، بل هو من أحب المدينة وربطته بها علاقة حميمية. وبالمناسبة بذلت جهود كبيرة ليُصور فيلم توم كروز في دبي، وعملنا ليلاً ونهاراً لنعرضه في حفل افتتاح المهرجان. ويُعد من صميم أهدافنا، تصوير أفلام عالمية في دبي وعرضها للمرة الأولى في مهرجاننا السينمائي الدولي. ÷ هل صحيح أن زيارة الممثل العالمي جون ترافولتا أخيراً إلى دبي كانت للهدف نفسه؟ -لا علاقة لنا بالأمر، علمنا بقدومه ولكننا لم ندخل معه في مفاوضات، ولا ندري أصلاً سبب زيارته. ÷ هل ثمة أفلام هوليوودية شبيهة بتجربة توم كروز ستصور في دبي وتعرض في المهرجان؟ بإذن الله، لا يمكنني الإفصاح عن الأمر حالياً، ولكن هناك حديث حول أربعة أفلام عالمية ستصور في دبي العام المقبل، ولا نزال حالياً في مرحلة المناقشات الأولية. ÷ متى سينطلق المهرجان بفيلم إماراتي يحمل مواصفات عالمية؟ -يعتبر انطلاق المهرجان بفيلم إماراتي ذات مواصفات عالمية أمنيتنا جميعاً، ولكن علينا اكتساب الوعي بأن هذه صناعة متخصصة، وهناك فرق بين دول تصنع أفلاماً سينمائية، وأفلام سينمائية تصنع في دول، والفرق بينهما كالهوة بين السماء عن الأرض. ولا نزال في قائمة أفلام تصنع في دول. عرضنا عام 2009 الفيلم الإماراتي«دبي دار الحي» كعرض الافتتاح في الليالي العربية، وكانت حالة استثنائية لم تتكرر، واليوم يجب أن نفكر بعد «إكسبو» وإثر عشرة أعوام في تحقيق إنتاجية مستمرة والقطع مع الحالات الاستثنائية. ويعد فيلم «وجدة» السعودي حالة استثنائية ومن المتوقع أن يفوز بالأوسكار، ولكن هل هذا يعني أن السعودية دخلت في صناعة السينما؟ وأؤكد مجدداً أننا في حاجة إلى دعم مادي وصندوق ومدارس وصالات عرض ووقت، ولا يقتصر همنا على الافتتاح بفيلم إماراتي، بقدر أن يكون لدينا كل عام ثلاثة أفلام إماراتية منافسة لعرض الافتتاح. ÷ كيف تردون على السينمائيين الإماراتيين الذين عاتبوا المهرجان على عدم توفير الدعم اللازم لهم من باب «خيرنا لغيرنا» حسب قولهم؟ -نتقبل عتابهم برحابة صدر، وأعلمهم بأن الدعم لا يأتي من المهرجان، ولا بد أن ترتقي الصناعة الخليجية والإماراتية إلى مستوى عالمي حتى توضع على منصته. ولا تزال تجارب السينما الخليجية والعربية فتية باستثناء السينما المصرية. ويعتبر العتاب متبادلاً، إذ نظمنا العام الجاري 41 ورشة عمل، ولم أر أياً منهم يشارك فيها. ÷ هل ستسد شراكتكم مع «إيمجينيشن» هذه الفجوة، وتسهم في تطوير الإنتاجات السينمائية الإماراتية؟ -أبرمنا اتفاقيات شراكة مع هيئة دبي للثقافة والفنون و«2454» و«إيمجينيشن» التي تدعم بعض الأفلام الإماراتية المشاركة في المهرجان، وجميع هذه الشراكات ليست في المستوى المنشود، ويجب أن تكون أقوى وأفضل لتخدم طموحاتنا عبر توقيع عقد صريح، تشارك بمقتضاه هذه الجهات على إنتاج ثلاثة أفلام إماراتية طويلة في العام. ÷ ما سبب رفضكم لمشاركة أربع نجوم كبار في المهرجان؟ -رفضت عرضين عالميين لأربع نجوم كبار، لأنهما لم يكونا في المستوى المطلوب، مع العلم أني سعيت كثيراً إلى استضافة هؤلاء النجوم في المهرجان سابقاً. ونستهدف المحافظة على المستوى السينمائي المتميز للحدث، والارتقاء بذوق الجمهور، ولذا رفضنا الدخول في متاهات الجري خلف النجوم بعيداً عن أهمية الأفلام، وفضلنا أن يكون الافتتاح بفيلم عربي جيد، حتى لو كان المقابل خسارة أربع نجوم عالميين. ÷ ما أوجه الاحتفال بالسينما العربية العام الجاري؟ -سنكرم بعض صناع ونجوم 100 فيلم ضمها الاستفتاء الذي أطلقناه العام الجاري، وسيكون أكثر من 25 واحد منهم في أروقة المهرجان، كلجان التحكيم أو المشاركين في أفلام جديدة أو ضيوف. وسننظم مؤتمراً مصغراً للسينما العربية بقيادة الناقد سمير فريد، ليتطرق إلى ماضي ومستقبل وحاضر الفيلم العربي. وسنعرض للمرة الأولى ثلاثة أفلام عربية، وهي فيلم الافتتاح «عمر» وفيلمي «فتاة المصنع» و«القصبة»، فضلاً عن عرض أكثر من 100 فيلم عربي، وتقديم شرح لكل فيلم من قبل واحد من أهم النقاد في العالم. وسنعرض أيضاً أكثر من 15 فيلماً إماراتياً مع إطلاق كتابين، يختص الأول بالاحتفالية، والثاني يتمحور الثاني حول تاريخ السينما العربية باللغتين العربية والإنجليزية. سيرة ومسار انطلق عبدالحميد جمعة في مسيرته المهنية بتعيينه رئيساً تنفيذياً ل «مدينة دبي للإعلام»، بعد أن شغل عدداً من المناصب الإدارية العليا في «مدينة دبي للإنترنت»، ومجموعة «سيتي بنك»، و«المنطقة الحرة في جبل علي». تحصل على بكالوريوس الاقتصاد في جامعة «كولورادو» في «بولدر»، ونال شهادة في الإدارة العامة في «كلية هارفارد للأعمال». وشكّلت الرؤية الفريدة التي تميز بها جمعة أساساً لنجاحه في قطاع الأعمال، تماماً كما في المجال الثقافي، إذ يشغل منصب نائب المدير العام ل«سلطة منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والإعلام»، ويتولّى مسؤوليات تعزيز وتطوير اقتصاد المعرفة في دبي. شهد عبد الحميد جمعة انطلاقة مهرجان دبي السينمائي منذ عامه الأول في 2004، وكان آنذاك ضمن فريق عمله قبل أن يصبح عام 2006 رئيساً لهذا الحدث الفني الثقافي المهم. نبذة أنشئت منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والإعلام في يناير عام 2000 طبقاً للقانون رقم 1 لعام 2000. وتختص المنطقة بوضع الاستراتيجيات والسياسات الهادفة إلى تطوير دبي وتحويلها إلى مركز للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام. وتعمل على توفير الاستشارات للحكومة في شأن المواضيع المتصلة بوضع القوانين المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، وجرائم الإنترنت، والقضايا القانونية الأخرى ذات الصلة بالإنترنت. وتتولى المصادقة على مواقع الإنترنت والتجارة الإلكترونية، وتحديد الشروط والمواصفات الضرورية لها. The post 60 % من مناشط «إكسبو» ثقافية وتصوير 4 أفلام عالمية في دبي appeared first on صحيفة الرؤية.