2013/12/05 - 35 : 12 PM قال تعالى : " من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا " صدق الله العظيم . بسم الله الرحمن الرحيم شعبنا العزيز ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :- ففي هذا الموقف التاريخي يجمعنا واياكم المصاب الجلل في فقيدنا العظيم ووالدنا القائد ، وتوحّدنا واياكم ، في الوقت ذاته ، مسؤولية التطلع بثقة للمستقبل لمواصلة المسيرة على النهج الذي رسمه لنا من واسع حكمته وإخلاصه وسماحته ، هذا مع الاستعداد لمواجهة متطلبات المستقبل ومستجداته في عالمٍ حافلٍ بالمتغيرات ، وذلك بما تمتلكه البحرين من قدرة على التطور والتجديد منذ أن بدأت مسيرة النهضة الحديثة ، وكانت رائدة في العمل بين أشقائها ومعهم في هذه المنطقة الحيوية من الوطن العربي والعالم . أيها المواطنون الكرام ... لقد فقدنا بغياب سيدي والد الجميع المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أميراً وقائداً كان أباً للجميع ، وأخاً للجميع ، وصديقاً لكل فرد من أبناء شعبه ، وانساناً كبيراً أحبه واحترمه العالم كله ، فأعطانا في هذا الوطن من رصيده الإنساني ما سيبقى على مر الأجيال ، وكان بذلك أصدق تجسيدٍ لما في البحرين من وفاءٍ وتسامحٍ وتحضّر . وحيال هذا المصاب الجلل نتّجه إلى الباري جل وعلا خاشعين ، راضين بقضائه وقدره ، مبتهلين إليه سبحانه ليتغمد فقيدنا العزيز بواسع رحمته ورضوانه لما قدمه لوطنه وشعبه وأمته من صالح العمل الذي سيبقى نبراساً لنا في هذا الوطن ، ورصيداً غالياً نحافظ عليه ونستهدي به في حمل هذه الأمانة الكبيرة التي نتكاتف اليوم جميعاً للقيام بأعبائها الجسيمة من أجل عزة البحرين وأمنها ورخائها ومستقبل أبنائها . فقد خلّف لنا الراحل الكبير وطناً متقدماً ، مزدهراً ، آمناً ، وجعل من البحرين واحة تحضّر ورخاء ، ومنارة علمٍ وتقدم في خليجنا العربي ووطننا العربي الكبير ، فلنحمل الراية ونحافظ على الأمانة ، ونكمل المسيرة خدمةً لهذا الوطن المتميز بخصال أهله ، وكفاءة أبنائه ، وتحضّر شعبه . شعبنا العزيز ... سيسجل التاريخ لفقيدنا الكبير ما هو أهلٌ له من دور رائد ، ومكانة عالية ، وخُلُق عظيم . ومن هذا السجل الحافل نستذكر اليوم إجلالا للراحل الكبير في موقف الوداع ، وكحافز للمستقبل في الوقت ذاته ، أن عيسى بن سلمان كان لنا ولشعبه في البحرين : رجل الاستقلال الوطني والدستور والشورى ، واستكمال دولة المؤسسات والقانون والنظام . كما كان رجل التنمية والنهضة الشاملة وتنويع الاقتصاد الوطني . ورجل الوحدة الخليجية والتضامن العربي في أصعب الأوقات والمواقف . ورجل السلم والتعاون الدولي والصداقة المخلصة بين جميع الشعوب . وهي كلها مناراتٌ هادية ستبقى أمامنا على صعيد مسيرتنا الوطنية ، ووحدتنا الخليجية ، وتضامننا العربي ، وفي تعاملنا الإقليمي مع الجوار ، وتعاوننا الدولي مع الأصدقاء : هو نهجٌ سيبقى في جوهره ثابتاً على كافة المستويات : معكم في مسيرة العمل الوطني ، ومع الأشقاء في الخليج والوطن العربي ، ومع كل صديق مخلص للبحرين في هذه المنطقة والعالم أجمع . سنبقى بإذن الله على هذا النهج الذي رسمه الراحل الكبير نمد يد المودة والدعم والتعاون لكل من يريد الخير للبحرين ، في الداخل والخارج ، كما نصونها ونمنع عنها الأذى بالتصميم ذاته ، وبالإرادة ذاتها مهما كلفنا ذلك من تضحيات . وإذ نشيد بهذه الإنجازات التي حققها فقيدنا الكبير ، فلا بد أن ننوّه أمتناناً وعرفاناً ، للحقيقة والتاريخ ، بالدور الرائد الذي قام به _ معه يداً بيد _ شقيقه وساعده الأيمن صاحب السمو العم العزيز الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر . منذ اللحظة الأولى حتى اللحظة الأخيرة ، في خدمة الوطن ، وبناء الدولة ، وقيادة الحكومة ، بنهجه البصير وجهده الكبير ، بما وفّر للبلاد رصيداً من الحكمة والتجربة والتنظيم ، كان وسيبقى دائماً ذخراً لنا ومصدر إلهامٍ وقدوة في مواجهة مهام العمل الوطني ومتطلبات المستقبل . فالشكر والتقدير لسموه حفظه الله على كافة مواقفه القيادية المشرفة التي وقفها في مسيرة هذا الوطن مرحلةً بعد أخرى ، واثقين أن سموه بما حباه الله من ثاقب النظر وقوة العزم سيواصل معنا ومعكم بإذن الله مسيرة العطاء الذي ننتظره منه ، ومن جيل الآباء الذين رافقوه في ملحمة البناء ، على امتداد المسيرة . وعلى صعيد آخر ، وفي هذا المنعطف التاريخي ، فإننا نهيب ، في الوقت ذاته ، بجيل الأبناء من شباب البحرين ، ليأخذ دوره ، ويتهيأ لمسؤولياته ، كلٌ في موقعه ، بدءاً من ولي عهدنا صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ، الذي نتمنى له التوفيق والسداد في مهمته الدستورية الجديدة ، معربين بهذه المناسبة عن تقديرنا لموقف الإجماع والدعم الأبوي الذي أحاطه به أفراد العائلة الكريمة كافة وفي مقدمتهم صاحب السمو العم الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ، وصاحب السمو العم الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة ، حفظهما الله ، وذلك بتزكية تعيينه ، بمقتضى الدستور ، ولياً للعهد . شعبنا العزيز ... ولا يفوتنا أن نتقدم إليكم جميعاً بالشكر والتقدير على ما أبديتموه نحونا من التفافٍ وولاء صادق في هذا الموقف التاريخي الذي مثّل من جانبكم بيعةً متجددة في تاريخ التلاحم بين الشعب وقيادته في هذا البلد الأمين . وأود أن أقول لكم جميعاً بمنتهى الوضوح انني كإبنٍ لعيسى ، وحافظٍ لعهده ، سوف أحمل لواء نهجه الذي لا يميّز بين أبناء الوطن الواحد في اختلاف الأصول والمذاهب ، ولا ينظر إلا لصدق الانتماء الوطني ، وروح المواطنة الحقة التي تريد الخير للبحرين وأهلها كافة . من جانبٍ آخر وعلى الصعيد الخليجي والعربي والإسلامي والدولي فإنه ليطيب لنا أن نعرب بأسمكم عن التقدير البالغ لمشاعر المواساة الصادقة ومواقف الدعم المخلص التي أحاطنا بها الأشقاء كافة – قادةً وشعوباً – سواء في دول الخليج العربية أو الدول العربية الشقيقة على امتداد الوطن العربي ، بما أكد مجدداً حقيقة الوحدة القائمة بيننا والتي كان فقيدنا العظيم من أبرز رجالها . كما ونتقدم بالتقدير والشكر إلى الدول الإسلامية التي أحاطتنا بمشاعرها الأخوية المخلصة في هذا الموقف . وإلى جميع الدول الصديقة في العالم التي يجمعنا واياها الحرص على استقرار المجتمع الدولي وأمنه ورخائه . وأخيراً ، ففي هذا الموقف للتاريخ ، وإذْ نسجل تقديرنا لكافة مؤسسات الدولة ، ومجلس الشورى ، ومؤسسات المجتمع البحريني الأهلي على ما بذلوه في مسيرة البناء ، متطلعين معهم إلى مزيد من التعاون ، فإنه ليطيب لنا بوجهٍ خاص ومن موقع التقدير لمن سهروا على حماية هذا الوطن ومنجزاته أن نعرب بأسمكم جميعاً عن التشجيع والدعم لمنتسبي قوة دفاع البحرين – ضباطاً وجنوداً – لما نهضوا وينهضون به من مسئوليات جسام في حماية البلاد وسلامة أراضيها وكفالة الأمن والطمأنينة لمواطنيها والمقيمين فيها ، وذلك بالتكاتف مع الجهود المتميزة لقوى الأمن وأجهزة الشرطة ورجال الحرس الوطني ، مستذكرين في هذه اللحظة تأكيد قائدنا الأعلى الراحل طيّب الله ثراه ، في كلمته الأخيرة إلى رجالنا في قوة دفاع البحرين : " إن إيماننا الراسخ بأن قوة دفاع البحرين هي جزء لا يتجزأ من قوات مجلس التعاون لدول الخليج العربية ليمنحها المزيد من الثقة والإصرار على أمن واستقرار منطقتنا . وها أنتم قد ضربتم المثل الرائع في تنفيذ ما يسند إليكم من مهام في ميدان الشرف والواجب " . نعم ، وسيبقى ذلك ، أيها الرجال ، إيماننا الراسخ في كل الأوقات والظروف . شعبنا العزيز ... نعاهدكم أن نبقى بينكم ومعكم في كل خطوة ومرحلة من عملنا الوطني فنحن أقوياء بعون الله معكم وبكم . وسيبقى التواصل بيننا قائماً ومتطوراً بإذن الله من أجل رفعة البحرين ورخائها وسنطلعكم على أفكارنا وتصوراتنا لمستقبل العمل الوطني ويهمنا أن نستطلع ما لديكم من آمال وتطلعات لخير البحرين في ظل ما تعارفنا عليه من تواصل بين القيادة والمواطن منذ بدء المسيرة . وثقتنا كبيرة أن مجتمعنا البحريني المتحضر يمتلك الكثير من مقومات التقدم الحقيقي الذي يمكن البناء عليها في مسيرة التطوير السياسي والإداري والاقتصادي الذي نؤمن به ونتطلع إليه إغناءً لتقاليدنا في الشورى ، ومواصلةً لنهجنا في التطوير الحكومي ، وبرامج التنمية الشاملة وتنويع الاقتصاد الوطني لصالح جميع أبناء هذا الوطن في مختلف مواقعهم وعلى كلِّ ذرةٍ من ترابه . وختاماً لا يسعنا إلا التوجّه مرة أخرى إلى العلي القدير ليتغمد فقيدنا العظيم ، ووالدنا القائد بواسع رحمته ، ويسكنه فسيح جناته ، وعزاؤنا الكبير أننا باقون على عهده ، وسائرون على نهجه ، وذائدون عن حياض هذا الوطن من بعده بكل ما نملك من إصرار وعزم وتصميم . والله الموفق إلى سواء السبيل . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . عدد القراءات : 6 اخر تحديث : 2013/12/05 - 35 : 12 PM