صدرعن المركز الثقافي العربي في بيروت والدار البيضاء، ضمن منشورات مؤسسة «مؤمنون بلا حدود» كتاب «الناطقون بلسان السماء» للدكتور موسى برهومة. ويتصدى الكتاب لمناقشة أطروحة من يزعمون النطق بلسان السماء، واحتكار اليقين الديني، من خلال منهج تأويلي، وبيان مدى قدرة هذا المنهج على الكشف عن المعاني المضمرة داخل النصوص، واقتراح تصورات جديدة ومعاصرة للفهم الديني. واختار الباحث قراءة جهود واحد من المفكرين التنويريين المعاصرين، وهو المصري الراحل نصر حامد أبوزيد الذي اشتغل على تأويل النصوص والخطابات الدينية، وظل يناهض التفسير الأحادي الأيديولوجي للنص الديني، الذي يلجأ إليه المنتسبون إلى فضاء إلى ما يُعرف ب «الإسلام السياسي». برهومة الحاصل على دكتوراه في الفلسفة، والذي يقيم في الإمارات، إذ يعمل باحثاً في مؤسسة «مؤمنون بلا حدود» للدراسات الفكرية والدينية، ومحاضراً في الجامعة الأميركية في دبي، فضلاً عن رئاسته تحرير مجلة «ألباب» الفكرية الفصليّة المحكّمة التي تُعنى بالدين والسياسة والأخلاق، يرى أن «من يعدون أنفسهم ناطقين بلسان السماء يقدّمون تفسيرات حرفية للخطاب الديني تحصر معانيه في إطار ضيّق ومحدود ومنفعي. والغرض من ذلك تأبيد رواية واحدة تؤمّن تحقيق أهداف مصلحية سياسية، مقدمة لتعميم خطاب هيمنة شاملة، وتنميط متلقي الخطاب على نحو ذهني لا يؤمن بالتعددية والطيفية وتباين الأنساق». ويتناول الكتاب مصادر التأويل في التراث العربي الإسلامي، ومرجعياته الحديثة والمعاصرة، ويعاين وجوه التأويل عند أبوزيد، وصولاً إلى تصوّر عن التأويل في مشروع التجديد، لا سيما «في ظل الالتباسات والفتاوى الغريبة». وتخلص الدراسة إلى أن «القراءات التعددية للخطابات والنصوص الدينية، تبطل ذرائع الناطقين بلسان السماء، وتبين أن الخطاب الديني ثابتٌ في منطوقه، لكنه متحرك في دلالاته، وبالتالي من حق المؤوِّلين، ذوي العلم والمعرفة، إنتاج قراءة جديدة، تتواءم مع المتطلبات العصرية».