دبي - محمد ولد محمدسالم: التلوين وتحرير الحرف وإعادة تشكيله في صيغ جديدة طبقاً لرؤية حداثية، هو ما طبع مشاركة الخطاطيْن العربييْن البارزيْن العراقي حسن المسعود، والتونسي عبد الله عكر في معرض "خطوط وألوان" الذي افتتح مؤخرا في صالة "بروآرت غاليري" في دبي، ويستمر حتى 25 ديسمبر/كانون الأول . يبدو الفنانان متقاربان في طرحهما ورؤاهما التشكيلية، وهما من أهم الخطاطين العرب الذين اشتغلوا بالحروفية، وطرحوا فيها أساليب مبتكرة، تبرز جانباً من هذا الاتجاه الذي أصبح يكتسب أرضية واسعة في فضاء الخط العربي . يضم "خطوط وألوان" أعمالاً لعشرة فنانين من دول مختلفة، تمزج بين فنون الخط العربي بأشكاله المختلفة، وأنواعه المتعددة، وبتقاليده الراسخة، وتعكس الفاعلية المتميزة لفن الخط الذي لا تزال جماليته تؤثر في المشاهد وتأخذه إلى عوالم روحانية . يقدم حسن المسعود وهو صاحب تجربة خطية ترسخت على مدى خمسة عقود، عمل خلالها على البحث عن صيغ مستجدة للخط العربي، واستفاد من تجربة الإقامة في باريس لسنوات عدة، يقدم نماذج من آخر أعماله التي تستفيد مما يتيحه الفن التشكيلي الحديث من إمكانات اللون والتشكيل، مستغلا في الوقت نفسه مرونة الحرف العربي، وقابليته للتشكل، ومخلصاً للقواعد العريقة في رسم الخط، كما يستلهم من تراث الزخرفة الخطية العربية في العمران والأواني والمشغولات اليدوية، حيث كان الخطاطون يفككون الخطوط ثم يعيدون تركيبها بما يناسب كل سطح من تلك الأسطح، وعلى هذا النهج سار المسعود، ففي لوحة "إن تتوفر الإرادة ترتسم الطريق دوماً" صنع من الألفات واللام في كلمة "الإرادة" خطوطاً طولية ومنحنية باللون الأصفر، كأنها طرق واضحة المعالم، كإشارة على دلالة المثل، ثم كتب النص بكامله تحت تلك الخطوط ليكون قاعدة لها، وعلى هذا الأسلوب جاءت بقية اللوحات . ولا يبتعد الخطاط التونسي عبد الله عكر - عن هذا الاتجاه فهو يؤثث لخطوطه بغنى لوني أخاذ، وربما يأتي التقارب بين عكر والمسعود من البيئة الباريسية والمدرسة الخطية العراقية، حيث تعلم عكر الخط في باريس على يد خطاط عراقي آخر هو غني العاني، وفي لوحات عكر المعروضة تبدو تقاسيم اللون ركيزة أساسية في اللوحة، فهو يصنع منه أسطحاً طولية، يكون أساسها ألوان غامقة ثم يصنع ضربات بالفرشاة بألوان فاتحة كأنها تتراقص في المكان، وعلى هذا السطح الذي يشكل خلفية يكتب بالخط المغربي نصوصا شعرية، مثل قصيدة "من سماء إلى أخرى" لمحمود درويش، و"قلب الأم" لأبي القاسم الشابي، و"مقاطع من رباعيات الخيام" .