تجاوز الرجاء البيضاوي بطل الدوري المغربي لكرة القدم الوضع النفسي الصعب الذي عاشه في الاسبوعين الاخيرين وحقق إنجازا تاريخيا ببلوغه الدور ربع النهائي لبطولة العالم للأندية التي تستضيفها بلاده حتى 21 كانون الاول/ديسمبر الحالي. وخاض الفريق المغربي مواجهة اوكلاند سيتي النيوزيلندي (2-1) وسط حالة قلق وتوتر انتاب اللاعبين نتيجة النتائج المخيبة التي حققها في الاونة الاخيرة حيث لم يتذوق فيها طعم الفوز في مبارياته الاربع الأخيرة، والتي دفع مدربه ثمنها غاليا حيث تمت اقالته وتعيين التونسي فوزي البنزرتي خلفا له. وبدا القلق واضحا على اللاعبين لدى وصولهم إلى الملعب لكن سرعان ما تناسى اللاعبون ما حصل لهم في الايام الاخيرة بمجرد النزول الى ارضية الملعب وانطلاق المباراة حيث ظهر تصميمهم الكبير على تحقيق ما عجزوا عنه في النسخة الاولى عام 2000 وهو الفوز. وأكد المدرب البنزرتي الذي استلم المهمة قبل 4 ايام فقط، أن الشغل الشاغل للجهاز الفني كان العامل النفسي، وقال "كان اللاعبون محبطون جدا وكان لزاما رفع معنوياتهم واعادتهم الى سكة التألق واستعادة نغمة الانتصارات". وأضاف "لم تكن المهمة سهلة بطبيعة الحال لان الوقت كان ضيقا جدا ولكن ذلك أعطى ثماره، على الرغم من أن مهمة اللاعبين ازدادت صعوبة بسبب الخطة التكتيكية الجديدة التي فرضتها عليهم وان كانوا ابلوا البلاء الحسن في تطبيقها ما يعني ان المشكلة كانت نفسية اكثر منها تكتيكية". وتابع "طالبتهم بنسيان كل شىء بمجرد النزول الى ارضية الملعب، كان ان الحضور الجماهيري كان رائعا وساهم بشكل كبير في تقديم اللاعبين لعرض رائع أيضا توجوه بتأهل تاريخي الى ربع النهائي". واعرب البنزرتي عن امله في ان يكون الفوز على اوكلاند سيتي انطلاقة الرجاء البيضاوي نحو حصد المزيد من الانتصارات". وضرب الرجاء البيضاوي أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو عاد الى سكة الانتصارات واعاد الابتسامة الى جماهيره وبات اول فريق مغربي يبلغ ربع نهائي المونديال علما بانه الوحيد حتى الان الذي تأهل الى منافساته وللمرة الثانية بعد الاولى عام 2000 عندما مني بثلاث هزائم امام كورينثيانز البرازيلي وريال مدريد الاسباني والنصر السعودي حيث مانت البطولة تقام بنظام المجموعتين بدلا من الخروج المباشر الذي تنظم به حاليا. كما أسدى الرجاء البيضاوي خدمة كبيرة إلى بلاده بضمان حضور جماهيري غفير اقله السبت المقبل عندما تقام مباراتا ربع النهائي بين الاهلي المصري بطل افريقيا وغوانغجو الصيني بطل أسيا، وبين الرجاء البيضاوي ومونتيري المكسيكي. وغصت مدرجات ملعب أغادير الجديد بالجماهير أمس حيث بلغ عددها نحو 35 ألفا لم تتوقف عن التشجيع منذ وصولها قبل ساعة من انطلاق المباراة حتى انها لم تسمع مذيع الملعب وهو يطالبها بالصمت لدقيقة ترحما على رئيس جنوب افريقيا السابق نلسون مانديلا. وأتحفت الجماهير جميع الحاضرين للافتاتها المعبرة وشعاراتها حتى ان مدرب اوكلاند سيتي، الاسباني رامون تريبوليتس، أثنى على الجمهور المغربي بقوله "أنا من مدينة برشلونة وأؤكد أنني لم اشهد يوما تشجيعات من البداية حتى النهاية بهذه الطريقة. الجمهور كان رائعا وأعتقد بأن دوره كان كبيرا في الفوز الذي حققه فريقه في الثواني الاخيرة من المباراة". وأضاف "كل فريق يحلم بمؤازرة جماهيرية من هذا القبيل، فحتى عندما أدركنا التعادل واصل جمهور الرجاء تشجيع فريقه حتى سجل هدف الفوز، خلافا لما يحصل عادة عندما ترتدت الجماهير على لاعبيها من أول خطأ أو هفوة أو هدف يدخل مرماها". كما ان مهاجم اوكلاند سيتي، الارجنتيني ايميليانو تادي قال: "لو قيل لي أني سألعب في يوم من الأيام مباراة في كأس العالم أمام 40 ألف متفرج، لكنت اعتبرت ذلك ضربا من الجنون! على الرغم من مرارة هذا الإقصاء إلا أني حققت حلم كل طفل يعشق كرة القدم. بالنسبة لي، ما عشته هنا يتجاوز كل ما كان من الممكن أن أحلم به". ولم يفت لاعبي الرجاء البيضاوي الاشادة بالجماهير التي اعتبروا بانها الدافع الاول نحو تحقيق الفوز معربين من امالهم في تقديم عرض مشرف ايضا امام مونتيري وبلوغ دور الاربعة. ويملك الرجاء البيضاوي قاعدة جماهيرية كبيرة تقف بجانب فريقها في السراء والضراء ولا تدخر جهدا في مؤازرته وتشجيعه حتى الرمق الاخير كما ان طول المسافات لا يرهقها سواء الصغار والكبار الذين لا يتوانوا في مرافقة فريقهم أيمنا حل وارتحل وهي قطعت اول من امس مسافة 700 كلم لضمان تواجدها في افتتاح العرس العالمي. وانعش الفريق امال مشجعيه في نهاية الالفية الثانية باحراز لقب دوري ابطال افريقيا للمرة الثالثة. ويرتكز اسلوب الرجاء على الاستعراض وامتاع جمهوره الكبير باللمسات الفنية والتمريرات القصيرة والهجمات المنظمة والمنسقة، خطوطه مكتملة ومتجانسة. والاكيد ان المغرب حاجة ماسة الى الجماهير التي تشكل عاملا من العوامل الاساسية التي تدفع الفيفا الى منح الدول استضافة بطولاتها العالمية سواء للاندية او المنتخبات، خصوصا ان المغرب يعقد امالا كبيرة على مونديال الاندية الذي ينظمه العام المقبل أيضا، لكسب النقاط في سعيه لاستضافة كأس العالم عام 2026. واذا كان المغرب خسر رهان تنظيم المونديال في المرات الاربع السابقة كون ملف ترشيحه كان يعاب عليه أنه على الورق فقط بالاضافة الى ان الدول التي حظيت بالشرف على حسابه كانت أفضل منه ناحية البنى التحتية والخبرة في استضافة التظاهرات الرياضية الكبرى (الولاياتالمتحدة 1994 وفرنسا 1998 والمانيا 2006 وجنوب افريقيا 2010)، فانه في الوقت الحالي يملك نسبة مئوية كبيرة من البنى التحتية اللازمة لاستضافة المنتخبات العالمية، في مقدمتها اربعة ملاعب جديدة من الطراز الرفيع في مدن طنجة وفاس ومراكش واغادير فضلا عن الملعب الكبير المقرر بناؤه قريبا في العاصمة الاقتصادية مدينة الدار البيضاء دون نسيان ملاعب اخرى تحتاج الى التجديد فقط في كل من الرباط ووجدة والعيون وسطات والجديدة ومكناس.