نبه خبير زراعي من خطورة عملية الاحتطاب وتدهور الغطاء النباتي في المملكة بمعدلات سريعة مما نتج عنه مشكلات جمة تتعلق بالتصحر وتدهور بيئة الإنسان مشيرًا إلى أن تناقص الغطاء النباتي خلال الأربعين سنة الماضية بسبب عمليات الاحتطاب الجائر قد تكون سببًا في حدوث عدة كوارث بيئية خاصة أنه أدى إلى تدهور في التنوع الإحيائي، وأدي لنقص المراعى، وبالتالي نقص الأعلاف اللازمة لتغذية حيوانات الرعي، مما استدعى قيام الحكومات بتوفير الأعلاف المركزة سواء عن طريق الاستيراد من الخارج أو التصنيع المحلى. وأكد المنسق للمكتب شبه الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واليمن عبده بن قاسم الشريف ل"المدينة" أن نقص الغطاء النباتي يتسبب في انخفاض كمية المياه، التي تغذي الطبقات الحاملة للمياه الجوفية، مما يؤدي إلى جفاف الآبار، وأيضًا يتسبب بطريق غير مباشر في ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بجانب احتمالات زيادة معدل حدوث الفيضانات والسيول الجارفة والعواصف الرملية، التي قد تتسبب في حدوث خسائر بشرية واقتصادية كبيرة. وكشف الشريف عن اعتقاد سائد في دول المنظومة الخليجية واليمن بأن استخدام الحطب والفحم النباتي المحلي في الطبخ والتدفئة له مزايا وخصائص لا تتوفر للأنواع الأخرى من مصادر الطاقة مثل المشتقات البترولية والغاز والكهرباء.. وقال إن ذلك الاعتقاد أدى إلى تعرية مناطق واسعة من غطائها النباتي: "وإن من يزور الأسواق المركزية في المدن الرئيسية تدهشه أحجام الأشجار المقطوعة وكمياتها، مما يؤكد أن هناك عملية استنزاف مستمرة ومركزة على أنواع معينة من الأشجار". المحتطبون يبيدون السمر والأرطي وأوضح الشريف أنه لا توجد دراسة شاملة ودقيقة تبيِّن حجم المشكلة على مستوى المملكة: "لكن هناك دراسة مختصرة كشفت أن المساحة التي أزيل غطاؤها النباتي من أشجار السمر في عام 1423 قدرت بنحو 3376 هكتارًا، ومن المتوقع أن تصل إلى نحو 13712 هكتارًا عام 1444ه، مشيرًا إلى أن كمية الحطب المعروضة في أسواق المملكة سنويًا من نبات الغضا تقدر بنحو 4623.5 طن، و4188.5 طن من نبات الأرطى.. وتوقع استمرار عملية استنزاف الحطب لعدة أسباب منها ارتفاع الطلب عليه بجانب الفحم، ثم الأرباح الكبيرة والمغرية، التي يحققها التجار من تسويقه، والتي تغطى استخدام التقنيات الحديثة مثل المناشير الآلية واستخدام السيارات الرباعية الدفع في عمليات الاحتطاب. ودعا الشريف إلى اتخاذ عدة إجراءات عاجلة وسريعة للحد من المشكلة ومنها تحديث نظام المراعي والغابات ليتماشى مع المستجدات، ووضع أسس قانونية لتوضيح الأعمال المحظورة في مواقع الغابات والمراعي وفرض عقوبات على القائمين بعمليات التحطيب الجائر. من جانبه قال مدير الإدارة العامة للزراعة بمنطقة الباحة، المهندس سعيد جارالله الغامدي، إنه تم ضبط الكثير من المخالفات من قِبل فرع الإدارة بمحافظة قلوة، بالتعاون مع الجهات الأمنية لمواطنين ومقيمين، وجرى تطبيق التعليمات بحقهم، حيث بلغ إجمالي بيع المضبوطات والغرامات ما يزيد على نصف مليون ريال، بخلاف كمياتٍ كبيرةٍ أُتلفت بمواقع ضبطها؛ لتعذُّر نقلها وبيعها. وأضاف جار الله: "تمّ أخذ التعهدات اللازمة على أصحاب المحال والمقاهي بعدم مزاولة نشاط بيع واستخدام الحطب المحلي، والاستعاضة عنه بالمستورد" وأهاب المهندس سعيد جار الله بجميع الإخوة من مشايخ القبائل والمعرّفين، وعموم المواطنين والمقيمين، ضرورة التعاون معهم في الإبلاغ عن كل مخالفٍ في حينه؛ للإسهام في المحافظة على البيئة وثرواتها الطبيعية من الاندثار والزوال وحثّ مدير "زراعة الباحة" رجال الأعمال والراغبين في الاستثمار بهذا المجال على سرعة التقدُّم للإدارة أو أقرب فرع بطلب رخصة لمزاولة ذلك النشاط للاستيراد، مؤكدا أنه سيجد التسهيلات اللازمة كافة.. وتقوم الإدارة العامة للزراعة بالباحة وفروعها بجهودٍ مضنيةٍ إنفاذًا لتوجيهات الوزارة في سبيل المحافظة على الغطاء النباتي والمراعي والغابات كموارد أساسية مهمة للتوازن البيئي، والحد من التصحرفي المملكة، وذلك بمنع ظاهرة الاحتطاب والتفحيم، وحثّ المواطنين والمقيمين على الاستعاضة عنه بالمستورد المُعفى من الرسوم الجمركية، والمُستثنى أخيرًا من قِبل الوزير من شرط السجل التجاري لمزاولة النشاط، وبأسعار ميسّرة ومشجّعة. مشيرًا إلى أن وزارة الزراعة أقرت أنظمة لحماية البيئة ومنها نظام المراعي والغابات، والذي يتضمن 22 مادة، تنظم الرعي والقطع وعملية الاحتطاب ووضعت كثيرًا من العقوبات للمخالفين لهذا النظام، ومن هذه الأنظمة نظام المخالفات المالية. وتختلف العقوبة المالية لقطع الأشجار حسب نوع الشجرة المقطوعة، حيث حددت غرامة 1000 ريال للشجرة، التي يتجاوز طولها خمسة أمتار فيما حددت غرامة 500 ريال الشجرة المقطوعة أقل من خمسة أمتار.