لزوم ما يلزم وحدة اللغة والتاريخ ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 16/12/2013 كيف لا أعرف "بلديّاتي"؟ إنه عبدالرحمن بن خلدون . فرصة العمر لإجراء حوار معه، رغم أن العمود مساحة ضئيلة، فهو يضرب في الملاّن . المقدمة وحدها في حديثه مئات الصفحات . لكن من هذا الذي معه؟ استرقت السمع، فعرفت أنه مرتضى الزبيدي صاحب "تاج العروس" . أدركت أن المؤرخ شديد العصبية، اختار حضرمياً مثله . على من أركز؟ اللغة أهم من التاريخ أم العكس؟ أيهما يحفظ الآخر؟ الأوضاع السياسية الآن أهم، سأسعى إلى الانشغال بالأهم . سأستفز المؤرخ . قلت له من دون مقدمة: إن النظام العربي يتهمك بأنك نذير شؤم منذ القرن الثامن الهجري . فأنت القائل: "إذا عُربت خُربت" . هو ذا العراق وسوريا وليبيا وتونسواليمن، لا نرى غير الركام والإجرام . صاح مرتضى الزبيدي: ويحك ماذا جرى لليمن وديار العرب؟ قلت: حدث تغيير بسيط في موشح . كنا نغني: "يا من لعبت به الشمول . . ما ألطف هذه الشمائل" . صرنا ننوح: "يَمَنْ لعبت به الحروب . . لم يبق لكم بها هروب" . صاح عبدالرحمن: قلتها في لحظة غضب، وسجّلها التاريخ . قلت: نحن أيضاً نعاني سلوك أنظمة وفئات لا تعرف معنى للتاريخ . صار الناس الخارجون على الأمة لا يدركون معنى العصبية والوحدة، فطارت البلدان بمغول كنا نظنهم منا وإلينا . قال مرتضى: في قاموسي ترسانة من السيوف والرماح والدروع، فماذا فعل بها العرب، هذا مريع مروع؟ قلت: الشاعر يجيبك على مسؤوليته: "إن السلاح جميع الناس تحمله . . وليس كل ذوات المخلب السَّبُعُ" . صرخ ابن خلدون: وأين الدار التي تجمعكم؟ قلت: لقد بناها القوم، وقالوا إنها جامعة، فجاءت من قبيل أسماء الأضداد . باتت مفرّقة . نحن عشاق البيان والتبيين . تعاون العرب والعجم والبربر، ومن جاورهم من ذوي السلطان الأكبر، على خرابها، فها أنت ترى كيف هو الخراب واليباب على أيدي الشباب . أطرق مرتضى قليلاً مهموماً، ثم قال: أظنهم في معضلة لغوية، وهذه مسألة تعليمية: توهموا أن الشباب مشتق من شبّت النار . قلت: إذا كان الأمر هيناً هكذا، فما أسهل أن نجتهد في التبرير، ونلقي الحبل على الغرب لا الغارب . هل يمكن أن نفهم أن أهل اليمن أرادوا الأصالة حين هاموا بحضرموت، فقالوا: حَضَر موتٌ . لمَ لمْ يفعل النمساويون بموتزارت ليقولوا: موت زارت . والموت المنيّة فيجوز التأنيث . والصواب: موتزار وموت زار؟ لزوم ما يلزم: اللقاء افتراضي من تونس إلى اليمن، يبقى أن يجد العرب وحدة الواقع بين اللغة والتاريخ . [email protected]