من الطبيعي أن تبدي الأوساط السياسية والإعلامية في العالم اهتماماً كبيراً وخاصاً بالمصافحة، التي وصفت بأنها تاريخية بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الكوبي راؤول كاسترو، أثناء مراسم جنازة الزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا. وإضافة إلى ما يعتقده البعض من أن هذه المصافحة تعد لفتة للتقارب بين جارتين عدوتين سابقتين لا تثقان ببعضهما، فإنه يمكن تفسيرها ايضاً بأنها لفتة وفاء من اوباما لبطله مانديلا والأفكار والقيم التي يؤمن بها. كما أن هذه المصافحة التاريخية بعد عقود من الحرب الباردة بين واشنطن وهافانا تعد اعترافاً رمزياً باحترام الأشخاص، وتعبيراً عن الديمقراطية لأنها تساوي بين الأفراد المتصافحين. مثل ما عبر أوباما في كلمته التأبينية عن اعجابه الكبير والعميق بمانديلا وأفكاره، فإنه ترجم هذا الاعجاب عملياً بمصافحة كاسترو، باعتبار أن المصافحة تعتبر واحدة من ابسط الوسائل التي انتهجها مانديلا لتضييق هوة الانقسامات والخلافات، ففي مايو 1990 وبعد ثلاثة أشهر من الافراج عنه بعد 27 عاماً امضاها في السجن لمكافحته الفصل العنصري، تم تصوير مانديلا وهو يصافح دي كليرك رئيس نظام الفصل العنصري في الماضي، وذلك بعد توقيعهما اتفاقاً لوضع نهاية لذلك النظام وسياساته وممارساته. وقد تعمّد أوباما اللجوء إلى واحدة من لفتات مانديلا الخاصة والأكثر فائدة وصافح الرئيس الكوبي، حيث بدا في الصورة انه يميل إلى الأسفل، الأمر الذي على ما يبدو فاجأ كاسترو. وقد دافع البيت الأبيض عن المصافحة، قائلاً انها تمت بشكل عفوي وتلقائي للغاية، واقتصر الحديث فيها على المجاملات، بينما عبر اعضاء جمهوريون في الكونغرس الاميركي عن استهجانهم لها، إذ قالت النائبة إليانا روس ليتينين «المصافحة احياناً لا تتعدى كونها مصافحة فقط، ولكن عندما يصافح زعيم العالم الحر ديكتاتوراً متوحشاً مثل راؤول كاسترو، فإنها تسجل نصراً اعلامياً للديكتاتور».